منهج الدولة واضح وبيّن ومعلوم في سياسة محاربة ومكافحة الفساد وتطبيق أعلى معايير الرقابة والشفافية في جميع مؤسسات الدولة، وأصبح أكثر وضوحاً، وأشد صرامة وتطبيقاً، وأشمل تعريفاً، في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله-، ويسانده ويعاونه ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-.. وهل ما زال هناك من يُصر على ممارسة الفساد؟! وإذا كان ذلك السلوك الهدام ما زالت تُمارسه فئة ضلت الطريق الصواب، فهل هذا الإصرار نابع من عدم وجود أنظمة وقوانين تمنع الفساد وتجرم تجاوز الأنظمة والقوانين؟! أم أنه نابع من التساهل وعدم تفعيل الأنظمة وتطبيق القوانين التي تجرم الفساد أياً كانت صفته أو مجاله أو نوعه أو شكله أو مكانه؟! أم أن تطبيق الأنظمة والقوانين التي تجرم الفساد تُطبق على فئات معينة وتُستثنى منها فئات أخرى؟! أم هل وسائل الإعلام بمختلف مستوياتها، الأصيلة والحديثة، قصَّرت أو أخفقت في تعريف المجتمع بالأنظمة والقوانين واللوائح التي تجرِّم الفساد، وتجاهلت نشر وتغطية الجهود الجبَّارة التي تقوم بها مؤسسات الدولة المكلفة بالرقابة ومكافحة الفساد؟! تساؤلات تبدو في طابعها العام تعجبية نظراً لأننا نعيش في دولة عريقة بأصالة مؤسساتها وبصرامة أنظمتها وقوانينها، وفي ذلك إجابات عن كل نقطة وتساؤل يمكن أن يُطرح؛ ولكنها في الحقيقة تساؤلات تعجبية تؤلم وتُزعج كل مواطن كريم لأنه يعتقد جازماً أننا تجاوزنا هذه الممارسات الهدامة وذلك السلوك الإجرامي. نعم، تساؤلات تعجبية تُؤلم وتُزعج كل مواطن كريم عندما يرى ويشاهد ويسمع بأن هناك فئة شاذة في المجتمع ما زالت تُصر على ممارسة الفساد المالي والإداري بطرق وضيعة ودنيئة وغير أخلاقية مُستغلة مواقعها وسلطتها وصلاحياتها الوظيفية -التي تسلمتها نظامياً- لخدمة أهدافها ومصالحها ومطامعها وحساباتها الشخصية على حساب المصلحة العامة والعليا للمجتمع والدولة. نعم، إنها فئة شاذة بسلوكياتها الإجرامية وممارساتها الهدامة التي من خلالها عبَّرت عن خيانتها للأمانة العظيمة التي أُسندت لها وقبلت بها بغرض المساهمة في بناء الدولة وتنمية المجتمع وخدمة أبنائه وتطبيق الأنظمة والقوانين التي تكفل العدالة الكاملة والمساواة التامة وتحفظ الحقوق من غير تمييز. نعم، إنها فئة شاذة لأنها سخَّرت المقدرات المادية والمالية التي وضعت تحت تصرفها للإثراء الشخصي، وليس لخدمة المصلحة العامة للمجتمع والدولة. نعم، إنها فئة شاذة لأنها استغلت السلطة الإدارية والتنظيمية -الممنوحة لها نظامياً- في الحصول على خدمات مالية أو إدارية أو تنظيمية غير نظامية، أو تقديم مصالح ومنافع غير قانونية، أو تجاوز فاضح للأنظمة والقوانين المعتمدة، أو تصفية حسابات شخصية -مع أشخاص أقل في مراتبهم الوظيفية والإدارية والتنظيمية- في تجاوز صارخ لكل قيم ومبادئ العدالة والمساواة والحقوق التي كفلتها الأنظمة والقوانين. وإذا كان هناك أفراد ارتضوا لأنفسهم المهانة والوضاعة والدناءة بممارستهم للفساد، وبتجاوزهم للأنظمة والقوانين، وباستغلالهم الظالم للسلطة المادية والمالية، وللصلاحيات الإدارية والتنظيمية التي مُنحت لهم، فإن هناك في المقابل المجتمع بأكمله ينبذهم ويرفض سلوكياتهم الشاذة، والدولة بأنظمتها وقوانينها تجرم أفعالهم وممارساتهم وتجاوزاتهم، وتحاسبهم جميعاً محاسبة دقيقة أمام الجهات العدلية والأجهزة القضائية. إن هذا التأكيد على صرامة الأنظمة والقوانين والحزم في تطبيقها فعلياً على كل من يمارس الفساد أياً كانت صفته الوظيفية، أو مكانته الاجتماعية، مصدره الواقع الذي يشاهده ويراه ويسمعه، ليس فقط أفراد المجتمع، وإنما المجتمع الدولي بأسره. فمنهج الدولة واضح وبيّن ومعلوم في سياسة محاربة ومكافحة الفساد وتطبيق أعلى معايير الرقابة والشفافية في جميع مؤسسات الدولة، وأصبح أكثر وضوحاً، وأشد صرامة وتطبيقاً، وأشمل تعريفاً، في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله-، ويسانده ويعاونه ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-. وإذا كانت الشواهد العظيمة في عهدنا الزاهر الذي نعيشه تُدلل على الجهود العظيمة والمتواصلة التي تبذلها الدولة في سبيل القضاء على الفساد بشتى أشكاله وصوره، ومحاسبة الفاسدين والمفسدين أياً كانت صفتهم ومكانتهم، فإن الاستدلال بالأمر الملكي الكريم الذي بثته "واس" في 13 /1 / 1442ه المتضمن: "إنهاء خدمة قائد القوات المشتركة بإحالته إلى التقاعد، وإعفاء سمو نائب أمير منطقة الجوف من منصبه، وإحالتهما مع عدد من الضباط والموظفين المدنيين في وزارة الدفاع للتحقيق"، بالإضافة لما جاء في البند خامساً: "تتولى هيئة الرقابة ومكافحة الفساد استكمال إجراءات التحقيق مع كل من له علاقه بذلك من العسكريين والمدنيين، واتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة بحقهم، ورفع ما يتم التوصل إليه"، يؤكد مجدداً بأن الدولة بأنظمتها وقوانينها مستمرة ومصرة إصراراً عظيماً على محاربة الفساد، وبأنها لا تتهاون مع الفاسدين والمفسدين مهما ارتفع شأنهم وعلت منزلتهم؛ فلا حصانة لفاسد أو مفسد أو ظالم يسعى لخدمة مصلحته الشخصية على حساب المصلحة العامة. وإذا كانت أنظمة وقوانين الدولة صارمة جداً في الرقابة الشاملة ومكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين والمفسدين والمقصرين والمتلاعبين أمام الجهات العدلية والأجهزة القضائية، فإن ذلك كله أصبح معلوماً ومعروفاً وواضحاً بالضرورة، ليس فقط لأبناء المجتمع، وإنما للمجتمع الدولي بأسره، وذلك بفضل الجهود الجبَّارة التي بذلتها وتبذلها وسائل الإعلام الأصيلة، وكذلك الحديثة، لتعريف المجتمع بالأنظمة والقوانين واللوائح التي تتعلق بتعزيز ونشر ثقافة النزاهة وتشديد الرقابة ومكافحة الفساد. ولعله من المهم التأكيد بأن وسائل الإعلام وخاصة الأصيلة والعريقة ساهمت مساهمة فعالة في توعية وتثقيف وتنوير أبناء المجتمع بأهمية نشر ثقافة النزاهة ومكافحة الفساد، وكذلك لعبت أدواراً جليلة وعظيمة في مساندة جهود الأجهزة الحكومية المعنية بالرقابة ومكافحة الفساد وفقاً للأنظمة والقوانين التي تحكم عملها. وبالتالي فإنه من الواجب القول بأن وسائل الإعلام بمختلف مستوياتها لم تقصر إطلاقاً ولم تتوانَ أبداً ولم تخفق بتاتاً في الإخلاص لرسالتها الإعلامية الوطنية منذ نشأتها؛ بل ولعبت أدوراً وطنية عظيمة، مع مؤسسات الدولة، في المساهمة بالتنمية المجتمعية الشاملة. وفي الختام من الأهمية التأكيد بأن الإصرار على الفساد من قبل فئة شاذة استسهلت العبث بمقدرات الوطن، واستغلت مكانتها الوظيفية لسلب الأموال العامة، وسخَّرت سلطتها الإدارية والتنظيمية لتجاوز الأنظمة وممارسة الظلم والبطش والقهر على الآخرين، سيقابله إصرارٌ أشد، ونظام صارم، وقانون لا يجامل أو يراعي، وعزيمة لا تنضب، وحزمٌ لا يلين، يوقف العبث، ويحاسب المستغل، ويحاكم الفاسد والمفسد والظالم. هكذا هو الواقع الذي نعيشه في عهدنا الزاهر حيث المحافظة التامة على المقدرات الوطنية، والإمكانات المادية والمالية، والثروات الطبيعية، ومنع التعدي عليها أو سلبها أو سرقتها؛ وكذلك الاستفادة الكاملة من الموارد البشرية المؤهلة والمحترفة ووقف تشويه صورتها أو التقليل من مكانتها العلمية والفكرية والعملية والمهنية في المجتمع.