لاشك أن الأوامر الملكية الصادرة مؤخراً بضم "هيئة الرقابة والتحقيق" والمباحث الإدارية" إلى "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد"، إضافة إلى وضع الترتيبات التنظيمية اللازمة والهيكلية المتصلة بمكافحة الفساد المالي والإداري تجّسد عزم قيادتنا الرشيدة على استمرارية مكافحة فيروسات الفساد بكافة مظاهره، وأشكاله، وذلك بعد سلسلة الإجراءات والحملات والمعطيات التي تبنتها الدولة وأصبحت ذات أصداء واسعة تترجم الأهداف الواردة في الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد..!! والأكيد أن هذا القرار الحكيم سيساهم في تعزيز إطار الشفافية وتوحيد الجهود واجتماع الخبرات وحل المعضلات السابقة في تداخل الصلاحيات والتفاف بعض الفاسدين على هذه الصلاحيات وتداخلها وإلغاء تكرار الأدوار؛ لضمان القضاء على الفساد ومثالبه. إذ إن العقوبات الصارمة في التنظيم الجديد من شأنها ضبط الفساد في الوظيفة العامة والحفاظ على استقلاليتها وحياديتها وتفادي أي تعارض للمصالح معها, كما يأتي في سياق مكافحة الفساد ومثالبه في مجتمعنا السعودي, خصوصاً أن الفساد ومظاهره أصبح في واقعنا المعاصر يشكل أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات الإنسانية المعاصرة بما فيها مجتمعنا السعودي, وذلك في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يشهدها عالمنا اليوم, ومعروف أن وباء الفساد يعيق حركة التغيير والتطور, ويهدد بالتالي البناء الاجتماعي ووظائفه الاقتصادية والثقافية والتربوية والسياسية والأمنية، وبشكل عام فإن الفساد الذي يعني في مفهومه الإداري "استخدام السلطة الرسمية الممنوحة سواءً في مجال المال العام أو النفوّذ أو التهاون في تطبيق القوانين والأنظمة اللازمة".. والعمل على تغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة.. يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمصلحة العامة, ولذلك لا سبيل ولا مناص للتطوير والتنمية المجتمعية ألا باجتثاث جذور الفساد ومحاصرته، فهو يشكل اخطبوطاً يجثم على صدر البناء الاجتماعي.. ويكاد أن يخنق حركته التنموية, كون هذه الظاهرة العالمية المعقدة والمركبة التي تنوعت أشكالها, وتعددت مظاهرها.. تمثل سلوكاً إنسانياً شاذاً وفعلاً قبيحاً.. تحركه المصلحة الذاتية والمنافع الخاصة, ولذا فإن الأمر بات يحتاج إلى مثل هذه القرارات العلاجية الناجعة قبل أن يتسع الخرق على الرقع..!! واتخاذ الإجراءات الضرورية للوقاية من آفة الفساد, والحد من تفشي مظاهره في مجتمعنا السعودي. ومن هنا جاء هذا القرار الكريم بإبعاده العلاجية وآثاره الإيجابية, وأهدافه التنظيمية الرامية إلى تطبيق كافة الإحكام التشريعية المضادة للفساد بكافة أنواعه ومظاهره, والعمل على تجفيف منابع الفساد أو الأساليب المختلفة التي يتسلل إليها هذا الداء الخطير.!! فلا مكان لفاسد صغير أو كبير في عصر سلمان الحزم ومحمد العزم.. وسيكون لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد بثوبها التنظيمي الجديد دور مفصلي وحراك مثمر في القضاء على هذا الوباء وعلى مظاهر التسيب في المؤسسات الحكومية، وذلك من أجل السير بمملكتنا الحبيبة نحو تحقيق مزيد من النماء والبناء والرفاهية لأبناء المجتمع في ظل القيادة الرشيدة.. وهذا لا يتأتى إلا بمكافحة ومحاصرة أكبر معوق للتنمية الوطنية الشاملة وأشد أعدائها (الفساد).!!