الحياة ليست نموذجية كما نتوقعها، المفاجآت والتعرجات الحياتية هي الفيصل في النهاية، هذا ما تحكيه لنا قصة الفيلم السردي من بطولة الممثلة صابرينا كاربنتر بدور"نولا" وداني تريخو في دور"ميغيل"، وماقي سِف بدور "شيرل"، وستيفن أوج في دور "كلينت". فيلم "The Short History of The Long Road - التاريخ القصير للطريق الطويل" دراما مختلفة من تأليف وإخراج آني سيمون - كيندي، حيث تظهر فيه نولا كفتاة مراهقة ترافق أبيها في رحلة طويلة للجنوب الأميركي يقود حافلة قديمة ليعلمها دروساً في الحياة المستقلة دون أدنى التزام بالمسؤولية معتمداً على أجر متواضع مقابل أعمال سباكة بسيطة والمصدر الوحيد لدخله، وهو الأب الذي لا يطيق حتى الانتظار لمشاهدة الأفلام السينمائية وعلى عكس ابنته التي دائماً ما تتذمر من سرعة نفاذ صبر والدها وعدم إكمال ما يقوم به. لكن لا تسير الأمور حسب المتوقع! حيث يموت والدها فجأة، وهما على الطريق لتقود وحدها الحافلة الصغيرة على دروب السفر بدون عائل مادي ومعنوي وعاطفي أيضاً، محاولة أن تجد ملاذاً آمناً عند بعض الغرباء الذي عاملوها بلطف في بداية الأمر لكن تبقى الفتاة نولا بنت أبيها المستقل الذي لا يعرف الاستقرار لتعرف في هذه اللحظات أن أباها مصدر الأمان الذي كان يحميها إذا ساءت الظروف وظهر ذلك جلياً عندما تعطلت سيارتها واحتاجت للمال لتدفع أجرة التصليح الباهظة. لتقرر بعدها أن تبحث عن أمها التي انفصلت عن أبيها بعد خسارته في تجارته لكن صورة أبيها العالقة بذهنها وعطفه عليها لا تجده عند الأم المشغولة بإدارة محل تملكه، لتعود من جديد مرافقة لطريق الولاية الطويل على أمل أن تجد فرصة للعمل في محل صيانة السيارات الذي مرت به سابقاً لتحاول أن تعتمد على نفسها من جديد وتبحث عن الاستقلالية كما كان أبوها سابقاً يفعل تاركة أمها خلفها. صادفت نولا الكثير من الغرباء خلال رحلتها الطويلة منهم من كان لطيفاً جداً معها ومنهم من كان يوبخها لهفواتها، إلا أن هؤلاء أعادوا تشكيل سلوكها خاصة الميكانيكي ميغيل "داني تريخو" والذي كان يوحي مظهره بأنه غليظ الطباع فظ التعامل لتكتشف نولا بأنه طيب القلب ولطيف المعشر على عكس ما كانت تتوقع منه. أداء الممثلة نولا كان مقنعاً ورائعاً بمساندة أبيها على الرغم من أن الفيلم قصة سردية لكن استطاعت المخرجة جعل هذا الفيلم يبدو حقيقياً من خلال طريقة التصوير ولحظات الحديث والصمت ولتضيف المناظر الطبيعية للولاية لمسة توحي بالواقعية، ورسم شخصيات بسيطة أجادت الأداء الهادئ في الإيقاع رغم المنعطفات بالأحداث تاركة المشاهد دون أي توقع لما هو آت رغم بساطة القصة دلالة على جودة كتابتها، وكذلك التزام الممثلين بالنص، ما يضفي على الفيلم تشويقاً جميلاً ومتعة. الفيلم يدل على نجاح المخرجة والمؤلفة، بنفس الوقت مسار الإنتاج الهادف الذي يحمل معاني جميلة في مسارات متعرجة، مكتوب بشكل جيد ويحث على أن نكون ممتنين لما لدينا في هذه الحياة من أسرة وبيت وأصدقاء وعمل بغض النظر عما يملكه غيرنا، على الرغم من أنه تم إنتاج هذا الفيلم الرائع بميزانية منخفضة إلا أنها لم تكن عائقاً لبلوغ الهدف، وذلك بالاعتماد على أداء الممثلين المتقن بشكل عام والممثلة "نولا" بشكل خاص لتدفع أحداثه على وتيرة ثابتة دون أية تكلف، حيث ظهرت بدون شعر مرتب ومكياج، كانت تنظر لتقديم دورها بمهارة عالية. مدة الفيلم ساعة ونصف، إذ يعتبر من الأفلام المستقلة، تم إنتاجه من قبل عدة شركات في العام 2019م، وتوزيع أستوديو فيلمرايز رسمياً للعام 2020م وتصنيفه NR، ونال عدة ترشيحات في بعض المهرجانات الفنية. الأحداث والمفاجآت تستمر في طريق نولا