مع انطلاق العمل في المرحلة الأولى من المشروعات التنموية الأربعة "حديقة الملك سلمان" و"الرياض الخضراء" و"المسار الرياضي" و"الرياض آرت"، التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في العام الماضي، يترقب سكان العاصمة التأثير البيئي الجمالي والمجتمعي والاقتصادي من هذه المشروعات عقب الانتهاء منها. وتعد هذه المشروعات تربة خصبة لتنفيذ العديد من الأفكار والمبادرات التي تعزز مفهوم جودة الحياة من جانب، فضلاً عن توفير استهلاك الطاقة، وتوفير فرص العمل. ومعروف أن الرياض تقع في وسط صحراء، ويقل فيها الشجر والمواقع الخضراء، إلا أن الحكومة الرشيدة قررت تحويل العاصمة الكبرى بمساحتها وسكانها إلى عاصمة خضراء، تمتلئ بالحدائق والأشجار، لتحمي البيئة وتحدّ من التلوث وتحسّن جودة الحياة في مدينة الرياض. ومن هنا قررت الحكومة أن تطلق مشروع «برنامج الرياض الخضراء»، وهو أحد مشروعات الرياض الأربعة الكبرى. مشروعات التشجير وبدأت أعمال مشروعات التشجير ضمن "برنامج الرياض الخضراء"، التي تشتمل في حزمتها الأولى من مشروعات التشجير، على زراعة نحو 31 ألف شجرة، وذلك على امتداد 144 كيلومتراً من الطرق الرئيسة في مدينة الرياض، من بينها: طريق الملك سلمان، وطريق الملك خالد، وطريق الملك فهد، وطريق المطار، وطريق مكةالمكرمة، والطريق الدائري الشمالي، والطريق الدائري الشرقي، كما ستُزرع 100 ألف شجيرة لتبلغ مجموع المسطحات الخضراء على هذه الطرق نحو 1.4 مليون متر مربع، مع تكثيف التشجير في الجزر الوسطية والجانبية لهذه الطرق، وتنفيذ شبكات مياه للري باستخدام المياه المعالجة، وبكميات تصل إلى ثلاثة آلاف متر مكعب في اليوم. الأهداف والتطلعات الأهداف المأمولة من المشروعات الأربعة متعددة ومتشعبة، أبرزها تعزيز الجوانب البيئية والثقافية والفنية في العاصمة، والارتقاء بجودة الحياة فيها بما يتوافق مع أهداف "رؤية المملكة 2030". وتقوم علي المشروعات "لجنة المشروعات الكبرى" برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. وستسهم هذه المشروعات النوعية في رفع نصيب الفرد من المساحات الخضراء في المدينة من 1.7م2 إلى 28م2، بما يعادل 16 ضعفاً، وزيادة نسبة المساحات الخضراء من 1.5 % إلى 9 % بما يعادل 541 كم2، وإعادة استخدام المياه المعالجة من مرافق معالجة الصرف الصحي الخام، التي يتم هدرها في الأودية حالياً، مما يسهم في رفع معدل استغلال المياه المعالجة لأغراض الري والترويح في المدينة من 90 ألف متر مكعب حالياً، إلى أكثر من مليون متر مكعب يومياً عبر إنشاء شبكات جديدة لهذا الغرض، كما سيتم استخدام المياه الرمادية في الجوامع والمساجد (مياه الوضوء النظيفة) المنتشرة داخل الأحياء بعدد 9000 موقع. حديقة الملك وتعتبر حديقة الملك سلمان، إحدى أكبر حدائق المدن في العالم، بمساحة إجمالية تبلغ 13.4 كم2، ويضم مشروع الحديقة مناطق خضراء، وساحات مفتوحة تزيد مساحتها عن 9.3 ملايين متر مربع. وضمن مشروع الرياض الخضراء، سيتم زراعة أكثر من 7.5 ملايين شجرة من الأشجار المحلية، لتغطي كافة أحياء المدينة وعناصرها المختلفة، يتم ريّها عبر شبكة جديدة للمياه المعالجة. ويشتمل مشروع المسار الرياضي، الذي يربط بين وادي حنيفة شرق المدينة ووادي السلي غربها، مع مناطق امتداد في كلا الواديين بطول إجمالي يبلغ 135 كم، على مسطحات خضراء ومناطق مفتوحة بمساحة تبلغ 3.5 ملايين متر مربع، وغرس 120 ألف شجرة تروى بالمياه المعالجة بنسبة 100 %. استهلاك الطاقة وستساهم مشروعات الرياض الكبرى في ترشيد هدر مياه الشرب المهدرة لأغراض الرّي حالياً بمعدل 100 ألف متر مكعب يومياً، وتحسين قدرة المدينة على استيعاب مياه الأمطار واستغلالها في المناطق الخضراء والأودية، مما يساهم في التخفيف من آثار الفيضانات، وتقليص تكاليف إنشاء الشبكات (البنى التحتية) لتصريف مياه الأمطار والسيول، فضلاً عن مساهمتها في خفض درجات الحرارة بمقدار 1.5 إلى 2 درجة مئوية خلال فصل الصيف على مستوى المدينة، وخفض درجات الحرارة ما بين 8 إلى 15 درجة من وهج الحرارة المنعكسة من باطن الأرض ضمن مناطق التشجيرالمكثف، إلى جانب دورها في تحسين جودة الهواء في المدينة عبر تخفيض ثاني أُكسيد الكربون بنسب تتراوح ما بين 3 - 6 % وزيادة معدل اللأكسجين والرطوبة وتقليص نسبة الغبار في الهواء، ومساعدتها في خفض استهلاك الطاقة بمعدل 650 جيجاواط / ساعة خلال السنة والذي يعادل استخدام 1.1 مليون برميل من الوقود لإنتاج الطاقة، فضلاً عما سيصاحبها من تطوير للتشريعات والضوابط العمرانية لتعزيز التشجير في المشروعات العامة والخاصة، وتحفيز فئات المجتمع على المشاركة في مبادرات تطوعية ضمن هذه المشروعات. 70 ألف وظيفة وتعد هذه المشروعات جزءًا من خطة تطوير شاملة تركز على مستقبل مدينة الرياض، وتعزز مفهوم المدن والإدارة البيئية المستدامة في تشجيع السكان على ممارسة أنماط تنقل صحية، والتحفيز على استخدام شبكة النقل العام (القطار والحافلات)، وتعزيز التواصل الاجتماعي فيما بين فئات المجتمع، وتحسين مؤشرات جودة الحياة بشكل عام في المدينة، وتحسين مشهدها الحضري، في الوقت الذي تشير فيها الدراسات إلى مساهمتها في تحقيق عائد اقتصادي على المدينة، يقدر بنحو 71 مليار ريال عام 2030، من خلال تقليص النفقات في جوانب: الرعاية الصحية، استهلاك الكهرباء، ترشيد هدر مياه الشرب في أعمال الري، ورفع قيمة العوائد من العقارات، فضلاً عن مساهمتها في إيجاد فرص وظيفية للمواطنين تقدر ب70 ألف وظيفة، وإطلاق فرص استثمارية جديدة أمام القطاع الخاص تقدر قيمتها بنحو 50 مليار ريال بمشيئة الله.