تتعدد وتكثر المواقع الأثرية التي تم الكشف فيها عن حضارات ممتدة في المنطقة الشرقية من المملكة، وخاصة في المواقع المجاورة للخليج العربي ومن هذه المواقع المهمة موقع عين جاوان الأثري الذي يقع في الركن الشمالي الغربي من خليج تاروت شمال مدينة القطيف، والذي عثر فيه على آثار استيطان امتد من القرن الخامس قبل الميلاد وحتى القرن السادس الميلادي. وبحكم الموقع الاستراتيجي لهذا الموقع فقد كان موطناً لعدد من الحضارات وممراً للأنشطة التجارية ومركزاً للتبادل التجاري والأنشطة الاقتصادية، كما تكثر في الموقع الهضاب الصخرية التي تشكل ظاهرة طبيعية ملحوظ أسهمت في العثور على نقوش وكتابات أثرية تدل على الاستيطان الممتد في هذه المنطقة، ويحوي المتحف الوطني بالرياض على مجموعة فريدة من القطع الأثرية من هذا الموقع من أبرزها تماثيل وحلي ومجوهرات تم اكتشافها في ضريح كبير بالموقع إضافة إلى عدد من النقوش والفخار واللقى الأثرية الأخرى. وقد نشر الدكتور عبدالله بن سعود السعود بحثاً عن موقع عين جاوان قال فيه، «يعد موقع عين جاوان من أكبر المواقع الأثرية في المملكة حيث تقدر مساحته الإجمالية بحوالي 200 هكتار؛ ونظراً لكبر مساحة الموقع وأهميته بوصفه نقطة قريبة من ساحل البحر يرجح أن الموقع ربما كان مستوطنة بلبانة Bilbana التي رسمت في خريطة بطليموس، بينما ذكر الموقع في المصادر العربية باسم الجونين أو الجونان». يتكون الموقع من مستوطنة أثرية واسعة، يظهر فوق سطحها بقايا رؤوس جدران مبنية بالحجارة الجيرية والطين ومغطاة بطبقة لياسة جصية بيضاء. في حين ينتشر بالموقع سلسلة من المدافن التلالية، وهي مدافن تتسم بصغر حجمها قياساً بمثيلاتها في موقع مدافن الظهران وعين السيح بالمنطقة الشرقية، وتعود قصة اكتشاف الموقع إلى عام 1943م إبان الحرب العالمية الثانية حين اتخذت شركة أرامكو السعودية من أراضي الموقع مقلعاً لدفن ساحل ميناء رأس تنورة، وفي أثناء عمل الجرافات عثر العمال على مبانٍ غامضة مدفونة تحت الرمال. في عام 1945 عثرت شركة أرامكو في جاوان على نقش بالخط المسند الجنوبي تكسرت أطرافه بالمعاول قبل معرفته، وقد اتضح بأنه قبر لامرأة يقال لها جشم بنت عمرة عمره بن تحيو من أسرة عور آل عور من قبيلة شدب، وقد افتتح النقش عبارة نفس وقبر. وفي عام 1950 نشر ليونارد بوينLeb. Bowen دراسة عن فخار عين جاوان. 1950. وهي دراسة جيدة وتحتوي على معلومات لا تتوفر في غيرها حيث إنها جمعت نتائج الدراسات السابقة عليها في موضع واحد، وفي 22 مارس عام 1952م قامت شركة أرامكو بتكليف عالم الآثار فردريك شمد فيدال بالكشف العملي عن الموقع الذي استمر زهاء 22 شهراً. وقد قام الباحث بالتنقيب في الموقع حيث عثر بطريق المصادفة على مقبرة ضريح المعروف حالياً بضريح جاوان، المشيد بالحجر الكلسي المحلى المطلي بالحجر من الخارج، ويمكن القول إن تاريخ الضريح يعود إلى القرن الأول الميلادي تقريباً، وهناك ما يبرر الافتراض بأن هذا الضريح كان ضريح أسرة ذات شأن دأبت على التجارة وركوب البحار، وربما صيد اللؤلؤ والزراعة أيضاً. من الحلي التي وُجدت بالموقع