على صفحة الوطن بامتداده شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً تتعدد العادات والتقاليد وتزدهر القيم الاجتماعية التي يتوارثها الأجيال كابراً عن كابر، لتكون نبراساً يسير على سنا نوره الأجيال جيلاً بعد جيل، ومما لا شك فيه أن هذه القيم لم تكن حديثة عهد بمجتمعاتنا إذْ أنها منذ عصور سبقت صدر الإسلام وقد جاء الإسلام ليقر الفضائل ويهذب الأخلاق، ومن فضائل القيم التي اعتنى الإسلام بتعزيزها والثناء عليها قيمة الكرم وهي خصلة تنافس عليها أبناء الجزيرة العربية وقد تصدر مشهد الكرم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى أنه كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. من هذه الخصلة الحميدة ينطلق وبرعاية كريمة من صاحب السمو الملكي أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال مهرجان (السمن والسمين) بمركز الأثب ببللحمر، ولعل من المهم أن أتحدث عن مفهوم هذا المسمى الذي اختاره المنظمون للمهرجان حيث إنه من المعروف لدى أبناء المجتمع العناية بضيافة الضيف وادخار أفضل ما يمتلكون ليقدموه لأي ضيف قد يأتي فجأة دون ترتيب مسبق ويقع في مقدمة تلك الضيافة شيئان رئيسيان وهما السمن الذي يقدمونه مع خبز البر كإيدام والذي ينتجونه من حليب أغنامهم أو البقر ويعدونه بأفضل الطرق ليكون ذا مذاق خاص وجودة عالية، أما الثاني فهو السمين من الذبائح التي يعتنون بتسمينها ورعايتها لتكون قرى لضيوفهم عند قدومهم، هذه الخصلة التي تنافس عليها أجيال بعد أجيال أصبحت رمزاً يفاخر بها أبناء الجزيرة العربية بشكل عام وأبناء تلك المنطقة وما جاورها بشكل خاص. ويأتي اختيار المنظمين لهذه الخصلة وهذا المهرجان تعزيزاً لقيمة الكرم وتأصيلاً لمبدأ الضيافة العربية الأصيلة. أقول هذه المهرجانات المتخصصة التي بدأت تبرز لدى المجتمعات تؤكد عناية أبناء هذا الوطن الشامخ للمشاركة الفاعلة في التنمية الحقيقية في تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030 والسير في خط وحدة الهدف وطريق النجاح الذي رسم خارطته صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله -. «وقفة»: تحية تقدير واعتزاز لأبناء تلك المنطقة الذين التحفت التنمية قراهم وتسارعوا بالمشاركة في البناء مندمجين في صف واحد ويد واحدة وقد أخذوا من قيم وأصالة الآباء والأجداد ما يجذبون به المجتمعات من حولهم ويوجهون البوصلة نحو قرى وادي بهوان والعطف والأقفية والحكر وصلحلح وحبكان والعرفج. وإلى وادي عيا الشهير، هذه القرى عاش بها في الماضي رجال سطروا أروع الأمثلة في الكرم والصلابة والأخوة والأصالة والتعاون وبقي ذكرهم كالجبال التي تنقلوا فيها وحق لأبنائهم الاعتزاز بالموروث والقيم الأصيلة التي ورثوها منهم. ختاماً: شكرا لكل من فكر وعمل وسعى في تنمية المجتمع نحو المدنية المتحضرة وساعد أفراده ليكونوا عاملين فاعلين في مناطقهم وديارهم وشكراً سمو سيدي تركي بن طلال صانع الفرق وباني التنمية والإداري الملهم الذي يقود فرق العمل لتحقيق الأهداف في كل شبر من منطقة عسير.. وحتى نلتقي فالكم «السمن والسمين». * الخبير الدولي في الإعلام السياحي