نفخر بأصلنا العربي وعاداتنا وتقاليدنا؛ حيث يتميز الإنسان العربي بصفات قد لا تجدها بأي عرق آخر، ففينا العزة والكرامة، ولنا حضارتنا منذ فجر الإسلام وما قبله ولنا مكارم أخلاق عززها الإسلام. وأسس العرب في هذه البقعة الطاهرة دولة عربية إسلامية عريقة، امتدت بزمن قياسي لا يتجاوز القرن، فساد المسلم العربي الأرض دون منازع باسم الدين وبمكارم أخلاقه. عندما دخلت الشعوبية وخاصة الفارسية والتركية العثمانية حاولت طمس التاريخ العربي من خلال الدولة العباسية، مستغلين حقد الفرس على العرب، وكان يقودهم رجال يحملون في قلوبهم تدمير العرب مثل أبو سلمة الخلال وأبو مسلم الخراساني، وبسقوط بني أمية انتهى الدور العربي للأمة الإسلامية وعزهم وحل مكانها العرق الفارسي الحاقد. وجاء الخليفة أبو جعفر المنصور وأعاد قوة العرب وقتل قائد الفرس أبو مسلم الخراساني، ولكنهم رجعوا من خلال البرامكة وانتهى الدور العربي في عهد المأمون ابن الأم الفارسية حين قضى على أخيه العربي الأمين (ابن الأم صاحبة الأمجاد زبيدة بنت المنصور حفيدة أبو جعفر المنصور) ورجع تسلط العرق الفارسي بقوة. وبعد ذلك تسلط العرق التركي السلجوقي والمملوكي، ومن ثم العثماني الاستعماري، فجرد الإنسان العربي من هويته وأعتبره جاهلاً لا يصلح إلا أن يرد إلى إبله وغنمه في الصحراء بالجزيرة العربية. وقامت ثورات عربية مدعومة من دول لها مطامع استعمارية وفشلت. وشاء الله للأمة العربية أن تعيد عزها وتاريخها من المكان الذي بدأ فيه العز العربي من قلب جزيرة العرب من خلال اتفاق الدرعية المبارك عام 1744م، فبدأت دولة إسلامية عربية واضحة الأهداف (الدولة السعودية الأولى)، أعادت للعرب اسمهم وهيبتهم، وتجذر ولاء ومحبة الشعب لها، لأن من دونها لن تستقر المنطقة. وكان عصر الإمام سعود بن عبدالعزير بن محمد هو العصر الذهبي للدولة السعودية الأولى، حيث حكمت جميع أنحاء الجزيرة العربية وأطراف الشام والعراق. لم يكن إحساس العثمانيين بالخطر من الدولة السعودية الأولى لهدف عقائدي كما يزعمون، بل لهدف عنصري تركي بغيض يحتقر العرب، جيشت الدولة العثمانية مرتزقتها من جميع الأجناس التي لا تجمعها ملة ولا عرق بدعم من الدول العظمى وخاصة بريطانيا وفرنسا، فهدموا الدرعية، أنهوا الوجود السعودي في الجزيرة العربية، لكنهم لم يستطيعوا أن ينهوا محبة أبناء الجزيرة العربية لآل سعود. وبأقل من عشر سنوات رجع ابن عم الإمام سعود ووريثه وعصبته، وشبيهه في الشجاعة والإقدام الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بكل تضحية وشجاعة، وأسس الدولة السعودية الثانية عام 1824م، وتمكن من إعادة أمجادها. وخاضت الدولة العثمانية طوال حقبتها حروباً ضدها مدعومة من عملاء لها داخل الجزيرة العربية، واستطاعت عن طريق أحد عملائها ومرتزقيها إسقاط الدولة السعودية الثانية مستغلة لخلاف الأسرة، ولكن بقي حب آل سعود محفوراً بقلوب أبناء هذه الجزيرة العربية. تمكن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله، بحنكته ودهائه من إرجاع مُلك أبائه وأجداده، وأسس عام 1902م دولة وواصل عمليات التطوير والتحديث حتى أصبحت دولة عصرية عظيمة ننعم اليوم بظلها. وقد قامت في وقته عدة ثورات عربية بالعالم العربي بمسميات مختلفة منها الضباط الأحرار والقومية العربية ومنها حزب البعث العربي الاشتراكي وأحزاب باسم العروبة مسماة بالاشتراكية والشيوعية وباسم الدين كالإخوان ورثة العثمانيين وكلها اليوم فشلت في تجارب مريرة راحت ضحيتها شعوبها وتدمرت الدول التي تسعى وراء الدعاية والسراب حتى إن الشعوب اليوم تتمنى رجوع الاستعمار لينقذهم من ظلم وتسلط حكامهم. كان لكل ملك من ملوك دولتنا الغالية من الملك المؤسس إلى الملك سلمان بصمته التاريخية في البناء والتطوير. ووقفت حكومة الملك سلمان يحفظه الله؛ ملك الحزم والعزم الذي امتاز بالحنكة والذكاء وبُعد النظر، قارئ التاريخ بوجه أطماع دولة المجوس الفرس التي خربت العالم الإسلامي والعربي وعاثت بالأرض فساداً مستغلة ضعف قادة العرب وغفلتهم، واختلافهم. وأعادت القيادة السعودية أمجاد العرب بالأفعال الملموسة لا بالخطب الرنانة والظاهرة الصوتية التي دمرت دولاً وأجيالاً، وانتفع منها العدو قبل الصديق فطول في فترة ما بعد سقوط الدولة العثمانية. في كل اللقاءات والمحافل الدولية يكون ملك المملكة العربية السعودية القوة السياسية والاقتصادية وعضو مجموعة العشرين، محط أنظار العالم. وولي عهده الأمير محمد لا يرضى إلا أن يكون بالمقدمة في كل المحافل، له هيبة حاكم وقوة قائد وقلب عطوف على شعبه، قوي على عدوه وأذهل قادة الدول العظام بدهائه وسياسته وشجاعته، قام بتطوير الدولة تحت قيادة والده بخطط مرسومة واضحة جمع بين الماضي والحاضر استقطب الصناعة والتقنية والتكنولوجيا والعقول من جميع أرجاء العالم. ركز الأمير محمد بن سلمان في التحول على تنمية العقول قبل الترف، لأنه هو الاستثمار الحقيقي وأعطى للمرأة كامل حقوقها فشاركت في جميع مجالات التنمية دون تمييز. يعمل سموه ليلاً ونهاراً من أجل الوصول إلى أهدافه معتمداً على الله أولاً ومحبة شعبه له ثانياً، يأمل أن يرى الشرق الأوسط عموماً أكثر تطوراً من جميع أقطار العالم. ساعد الأمير محمد بن سلمان والده على محاربة الفساد بكل قوة، طبق القانون، أكرم من يستحق الإكرام، ولم يتساهل مع من يحاول إيقاف عجلة التنمية والتطوير، أو يحاول الإخلال بأمن الوطن سواء بالكلام أو بالفعل، لا يميز بين طائفة أو مذهب أو منطقة، يرى الشعب بميزان العدل فقط. ما يرسمه الأمير محمد من أهداف جبارة هي للمصلحة العامة ولأجيالنا القادمة، ليصل بدولته وشعبه إلى مصاف الدول المتقدمة، لمسنا ثمرة ذلك حين حلت جائحة فيروس كورونا (COVID-19 )، فثبت للعالم كله أن القيادة السعودية أدارت الأزمة بكل نجاح واقتدار، فقد أبهر العالم ما تقدمه المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وإشراف مباشر من سيدى ولي العهد حفظهما الله، وأصبحت صحة المواطن والمقيم أولوية مهما كلفه ذلك من ثمن. أصبحنا ولله الحمد نموذجاً في إدارة الأزمات بإنسانية لم يعهدها العالم، بينما دول ديمقراطية حضارية كانت تتغنى بحقوق الإنسان عراها الجنرال "كورونا" ووقفت مذهولة بفشلها بالرغم من البنيات التحتية الصحية الهائلة، وتخلت عن الكثير من مرضاها بهذه الكارثة، وطبقت في تلك الأزمة سياسة طب الحروب، فوفرت العلاج للشباب، أما كبار السن والمقيمين فيتركونهم ضحايا للكارثة، أي إنسانية وأي حقوق إنسان يتكلمون عنها. نحن الشعب السعودي الوفي نعتز بجهود حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين- حفظهما الله- ونعتز بتاريخنا الذي وضع أساسه الملك عبدالعزيز رحمه الله برجاله الأوفياء، ومحبة هذه الأسرة متجذرة في قلوب قبائل المملكة وأبنائها. عاهدناهم على السمع والطاعة، وأن نفديهم ونفدي الوطن بأرواحنا ومالنا، وما نحن إلا جنود تحت قيادتنا الرشيدة ورهن أوامرها. ما تسطره قيادتنا من مواقف لرفعة العرب والمسلمين والعالم أجمع سيذكرها التاريخ، هذه المواقف الجبارة تغيظ الأعداء ويفخر بها الشعب السعودي. والله أسأل أن يديم عز بلادنا وأمنها بقيادة مولاي الملك وسيدي ولي العهد، التي هي لنا حصن منيع نلجأ إليه بعد الله بالشدائد وفقهما الله إلى الحق ورزقهما البطانة الصالحة، وأبعد عنهما كل حاسد وحاقد إنه سميع مجيب. * مستشار وزير الحرس الوطني لشؤون الأفواج وأمين عام مجلس أمراء الأفواج بوزارة الحرس الوطني