أصبح الاقتصاد الرقمي أكثر من مجرد خيار بالنسبة للكثيرين في ظل الإجراءات التي تفرضها معظم دول العالم لمواجهة انتشار وباء كورونا على التجارة التقليدية، حيث توجهت أعداد متزايدة من المستهلكين المحليين نحو قنوات التجارة الإلكترونية، وقال عدد المسؤولين في شركات التجارة الإلكترونية ل"الرياض" إن هنالك ارتفاعاً في حجم مبيعات منتجات اللياقة البدنية بنسبة 207 % أسبوعياً، بينما زاد حجم مبيعات المنتجات المنزلية بنسبة 46 % أسبوعياً، مؤكدين أن جائحة كورونا أحدثت تأثيرًا كبيرًا على المجتمع السعودي والعالمي في شكل ونمط التسوق بالتوجه نحو منصات ونوافذ البيع الإلكترونية، في حين ارتفعت المبيعات من البائعين السعوديين المحليين في المتاجر بنسبة 102 %. قال نائب رئيس الشركة في جولي شيك للعلاقات الحكومية والعامة، دينس دو، إنه وفقاً لإحصائيات وزارة التجارة والاستثمار، قفز التسوق عبر الإنترنت في المملكة بنسبة 400 % منذ فبراير، واتخذت جولي شيك تدابير شاملة لمواجهة التحدي منذ تفشي المرض وكانت النتائج فعالة جدًا في جوانب مختلفة، مشيراً إلى أن مستودعات الشركة تلقى مخزوناً أكثر من المعتاد بنسبة 50 % لتعويض فجوة سعة النقل الجوي عبر الحدود، مما يؤكد أن استراتيجية الشركة لهذا السوق قد لعبت دوراً لصالح الشركة. ولفت دو، أنه على الرغم من جميع الصعوبات التي سببها الوباء، وبمجرد أن استأنفت الصين عملها في مارس، قمنا بإعداد مخزون من العناصر عالية الطلب لتلبية الطلب المتزايد في أوقات هذا الشهر المقدس عادة والتي بلغت ذروتها هذا العام بسبب الوباء، مضيفاً كثف المستهلكون في المملكة بشكل كبير مشترياتهم من المنتجات الغذائية عبر الإنترنت في أعقاب وباء كورونا حيث أصبح 55 % من السكان يشترون مواد البقالة عبر الإنترنت في إبريل، مقارنة ب6 % قبل تفشي المرض وفقاً لدراسات السوق. وأشار إلى ارتفاع حجم مبيعات منتجات اللياقة البدنية بنسبة 207 % أسبوعياً، بينما زاد حجم مبيعات المنتجات المنزلية بنسبة 46 % أسبوعياً، كما استمرت مبيعات ملابس وأحذية الأطفال والمنتجات الإلكترونية في التحسن. كما استمرت مبيعات الملابس والأحذية والأطفال. وكشف دو، عن ارتفاع الطلبات من البائعين المتاجر في الصين من يناير إلى أبريل بنسبة 61 % في حين ارتفعت المبيعات من البائعين السعوديين المحليين في المتاجر بنسبة 102 %، مؤكداً في الوقت نفسه على أن الموردين المحليين واجهوا بعض التحديات. مستدركاً أن بعض عادات التسوق ستستمر حتى بعد انتهاء الأزمة، فالدفع عبر الإنترنت على سبيل المثال، خطوة إلى الأمام تتناغم مع رؤية المملكة 2030 للتحول الرقمي، وبينما يعد الوباء مأساة إلا أنه حفز بشكل كبير قفزة إلى الأمام في تحويل البلد وتسريع عجلة الاقتصاد الرقمي، وللحد من الوباء بدأت جولي شيك على الفور في استخدام الدفع عبر الإنترنت بنسبة 100 % وازدادت نسبة المشترين الذين يستخدمون الدفع الإلكتروني بشكل ملحوظ بما ينعكس بشكل إيجابي على عمليات الشراء. وقال دو، إن التحديات يمكن أن تتحول إلى فرص أكثر مما نرى عوائق، وقد مر السوق السعودي بتطور هائل من حيث نمو التجارة الإلكترونية، في حين لا تزال بعض التحديات قائمة نعتقد أن هذا السوق سيتغلب عليها، ويتم تقسيم هذه التحديات إلى قسمين، البنية التحتية والتشريعات والثقافة، عندما نقول البنية التحتية نعني البنية اللوجستية مثل بناء الشبكات والمطارات والموانئ البحرية والمناطق الاقتصادية وتطوير تكنولوجيا المعلومات مثل 5G. من جهته قال نائب رئيس شركة أمازون في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، رونالدو مشحور، دفع فيروس كورونا الناس حول العالم إلى تغيير كثير من سلوكيات الحياة، مثل الاتجاه إلى التجارة الإلكترونية لشراء الحاجيات اليومية بما يضمن بقاء الناس آمنين في منازلهم. ومن جهة أخرى، عززت الشركات وخصوصاً الصغيرة حضورها عبر شبكة الإنترنت واعتمدت التجارة الإلكترونية لتوفير المنتجات والخدمات لعملائها. وأكد مشحور، أنه خلال الأسابيع القليلة الأولى من الجائحة شاهدنا زيادة كبيرة في الطلب على المنتجات الغذائية ومنتجات العناية الشخصية والمستلزمات الطبية، إلى جانب زيادة الطلب على كافة المنتجات الأخرى بشكل عام. ولمواكبة هذه التطورات، وتمحور تركيزنا في أمازون على توفير المستلزمات الضرورية خلال هذه الفترة، وعلى مواد الضرورية التي لا تحتمل التأجيل مثل المستلزمات اليومية والمعدات الطبية بكافة أنواعها. حالياً، يشهد الطلب على المستلزمات اليومية عودة لمعدلاته الطبيعية من جديد. وأشار إلى من الصعب معرفة تغير السلوك الاستهلاكي بدقة في الوقت الحالي. ولكن اتجه العديد من الناس خلال الفترة الماضية إلى الاعتماد على التسوق الإلكتروني لتلبية احتياجاتهم اليومية من المنتجات الغذائية ومستحضرات التعقيم وتجهيزات العمل من المنزل، ونحرص على بذل قصارى جهدنا لمواصلة تلبية طلبات العملاء مع منح الأولوية القصوى لسلامة أفراد فرق عملنا وشركائنا. وأضاف مشحور، أنه مع بداية تفشي الفيروس كان علينا إعادة تقييم العمليات اليومية وتنفيذ العديد من التغييرات بما في ذلك عمليات التوصيل، وكان يجب أيضاً ان نعمل ضمن اللوائح الحكومية والقيود على الحركة، وبالتالي شهد العملاء تأخيرًا في الطلبات أحيانا. كما أدت زيادة الطلب على عمليات الشراء الإلكتروني إلى تأخر المدة المعتادة لتوصيل الطرود.وبين أن هدف قطاع التجزئة بأكمله في خدمة العملاء والمجتمع خلال الوضع الراهن، لذلك نحرص على حصول الناس على مستلزماتهم الضرورية عند الحاجة، لكن صحة وأمان موظفينا خلال مواجهة التحديات المرافقة لانتشار فيروس كورونا المستجد تبقى على رأس أولوياتنا لذلك نبذل أقصى جهدنا للحفاظ قدر الإمكان على سلامتهم، وتضمنت المرحلة الجديدة تطبيق أكثر من 150 إجراءً وقائياً مهماً لدعم فرق العمل لدينا، بما فيها فحوصات الكشف عن الحرارة وتوفير الكمامات والقفازات الطبية واتباع عدد من إجراءات السلامة في مواقعنا. من جهته قال المحلل الاقتصادي د. عبدالله باعشن، إن انتشار التجارة الإلكترونية في الآونة الأخيرة اعتمد بشكل كبير على تقنيات التواصل وكذلك طبيعة الإنسان وحبه للتغيير في حياته، مضيفاً أن نجاح الشركات العاملة في التجارة الإلكترونية تحتاج إلى تكاليف واستثمار عالٍ وهناك في المقابل مخاطر عالية وبالتالي كانت نسبة الإفلاس لهذه الصناعة كبيرة جداً. وأضاف باعشن، أن مشكلة جائحة كورونا أدت لعمليات جذب للتجارة الإلكترونية، ونما الاقتصاد الرقمي، وبدأت التجارة التقليدية تأخذ بمبدأ التجارة الالكترونية وتعطي نظرة مستقبلية على أن هناك مراحل تعايش ما بين التجارة التقليدية والالكترونية لعقود قادمة حتى تميل كفة إحداهما على الأخرى. وأكد أن الدول ذات معدلات الشباب المرتفع سيترفع لديها معدل النمو للتجارة الالكترونية بعكس الدول ذات معدلات كبار السن الذين يميلون للتجارة التقليدية، لافتاً في الوقت نفسه نسبة النمو في الاقتصاد الرقمي تعتمد على سلوكيات المشتريين وتوفر الخدمة والسلعة وعملية النقل وارتباطها بشركات الاتصالات وتوفير خدمة الانترنت التي لا تستطيع شركات التجارة الالكترونية التحكم فيها ومخاطر الصناعة نفسها والاختراق لمواقعهم الالكترونية. وكشف باعشن، أن نمو شركات التجارة الالكترونية سيبلغ مابين 25 إلى 30 %، خلال الثلاث السنوات المقبلة، مستدركاً أن التجارة التقليدية ستظل أهم مصدر للبضائع الثمينة والمعمرة والتي تتطلب من سلوكيات المستخدم النظر وتفحص السلعة.من جهة أخرى قال المحلل الاقتصادي حسام الشنبري، إن تواجد الاقتصاد الرقمي أصبح ضرورة وحاجة ملحة بعد أن كان بما يشبه النطاق التجريبي وبعد تفشي الفايروس التاجي شهد الطلب على التعليم عن بعد زيادة كبيرة وقس على ذلك بقية القطاعات والمنتجات من رعاية صحية وءنشطة تجارية ومنتجات استهلاكية بل وحتى المؤثرات الدولية والاقتصادية تتم بشكل افتراضي ليظهر أن الاقتصاد الرقمي سيدفع باتجاه النمو الاقتصادي. وطالب الشنبري، بضرورة زيادة الجهود الحثيثة لتسريع وتيرة التحول الرقمي والحكومة الالكترونية وتطوير أشكال جديدة للاقتصاد الرقمي بشكل اكبر من الوضع الحالي والذي من المتوقع أنه سيغير من قواعد لعبة التجارة التقليدية التي لن يكون لها وجود خلال المستقبل القريب ولعوامل عديدة.وأكد أن التقارير تشير إلى أن نمو التجارة الالكترونية العالمية وصل إلى حوالي 18 % في عام 2019م بقيمة تصل إلى 3.5 تريليونات دولار، منها فقط في المملكة 6 مليارات دولار، و3 مليارات دولار في الإمارات، وهي إحصائيات ما قبل أزمة كورونا والتي بلاشك ستلعب دوراً كبيراً في تجاوز هذا الرقم وبعده مراحل. السوق السعودي مر بتطور هائل من حيث نمو التجارة الإلكترونية بعض عادات التسوق الإلكتروني ستستمر حتى بعد انتهاء أزمة كورونا رونالدو مشحور دينس دو د. عبدالله باعشن حسام الشنبري