السياحة - في زمننا الحاضر - أصبحت علما قائما بذاته له أصوله، وله دراساته وتخطيطاته، بل وأصبح موردا اقتصاديا مهما تعتمد عليه الكثير من الدول التي لها مرافق ومقومات سياحية - سواء كانت تاريخية أو طبيعية - تشكل عاملا أساسيا، ورافدا كبيرا من روافد الاستثمار، واستقطاب الآخرين - من عشاق السياحة - من مختلف جهات الأرض، وشعوبها، وأجناسها.. وفي هذا ما فيه من سبل التعارف، وتبادل المصالح، بل ويتعدى ذلك إلى الثراء العلمي، والمعرفي.. وما المتاحف العالمية الكبرى، والمعارض - بكل شرائحها - والمناسبات الفنية، والرياضية، والأدبية إلا جزءا فرض فعالياته التداخل مع عنصر السياحة في أي بلد من البلدان أو قطر من الأقطار. هذه المقدمة، أو التداعيات أوحت بها إليّ المقومات السياحية التي يزخر بها وطننا (المملكة العربية السعودية)، هذا الوطن (القارة) بكل تعداد مقدساته، وأجوائه، ومناخاته، وطبيعته المتمثلة في تضاريسه بين سهل، وجبل، وصحارى، وبحار.. وحول هذا العنصر الأخير (البحار) أجد أن هذا الوطن يتمتع بما لا تتمتع به كثير من الأوطان الأخرى. فبالنظر إلى (جغرافيته) المترامية نجد أنه يطل على بحرين مهمين موقعا واستراتيجية هما (الخليج العربي) و(البحر الأحمر)، وعن البحر الأحمر سيكون حديثي. ولأن هذا الوطن يمتد على أطول مسافة في ساحله الشرقي - من شماله إلى جنوبه - فإن له جناحين من الجزر كثيرة العدد - سواء في الشمال أو الجنوب - هذه الجزر الكثيرة تشكل ثروة وطنية كبيرة، ومهمة - فيما لو استثمرت استثمارا مبنيا على أسس ودراسات سياحية، واقتصادية معاصرة كما هو حاصل في (نيوم) - الجناح الجزري الشمالي للمملكة - وهو جناح بدأ يؤتي ثماره - حسب ظني - وعند اكتماله سيكون قفزة حضارية واقتصادية كبيرة ورائعة. والحديث عن الجزء الجزري الشمالي يجر إلى الحديث عن الجناح الجزري الجنوبي في (أرخبيل جزر فرسان) الذي بلغ عدد جزره - في آخر إحصائية له (262) جزيرة - حسب كتاب (فرسان في صور) للواء بحري متقاعد إبراهيم فايز الشهري، والعميد بحري حمد إسماعيل البر، وكلاهما من منتسبي حرس الحدود. هذه الجزر مختلفة المساحات - بين جزر كبيرة، ومتوسطة، وصغيرة - تأتي (فرسان الأم) في مقدمتها حيث يبلغ طولها - من جنوبها الشرقي إلى شمالها الغربي - ما يقرب من (70) كيلو مترا، ومتوسط عرضها حالي (20) كيلو مترا وتتمتع بعمق تاريخي يصل إلى أكثر من (6000) سنة حسب آخر الدراسات العلمية التي أجريت عليها وهي أكبر من أي جزيرة عربية إذا استثنينا جزيرة (سقطري) التابعة للجمهورية اليمنية الواقعة على بعد (700) كيلو متر من سواحل مدينة عدن.