يمر العالم بمرحلة جديدة من التغير والتحول منذ تفشي فيروس كورونا المستجد، ويتوقع الكثيرون بأن يكون لهذا الوباء تأثير طويل المدى على المدن وعلى سلوكنا الفردي وأنماط معيشتنا وحياتنا وتنقلاتنا وسفرنا والتي نتطلع بأن تكون للأفضل بمشيئة الله من ناحية الصحة والسلامة العامة المستدامة. إن التدابير الاحترازية لمرحلة العودة يجب أن تكون صارمة وواضحة المعالم في كافة مرافق المدن للحد من انتشار الفيروس أو حصول موجة ثانية منه، فالعودة للحياة الطبيعية تستلزم رسم خارطة الطريق للتغيرات المهمة في استخدام وسائل الحياة المختلفة كوسائط النقل وارتياد الأماكن العامة كالمساجد والحدائق والأسواق وغيرها. وفي هذه اللحظة التي تتجه فيها غالبية المدن نحو فتح أجزاء واسعة من اقتصادها والعودة للحياة الطبيعية، يجب أن نستفيد من الطرق الحديثة في التخطيط واختبار قدرة المدن على استيعاب الدرس واتخاذ قرارات تساعد المدن على تحقيق النجاح في مرحلة التعافي الاقتصادي، كما يجب أن تحدد إدارات المدن التوجهات وترسم السيناريوهات المحتملة لبناء الاتجاه المستقبلي الذي ستتعامل به مع حاجات ساكنيها. ولعل من أبرز ما ينبغي الاهتمام به لتمكين إدارات المدن من رفع مستوى كفاءة تخطيطها وتعزيز أدوارها في تنفيذ الأعمال المختلفة من تزويد وتوفير الخدمات وتحسين الجودة ورقابة الأداء هو التوجه نحو استخدام منظومة الذكاء الاصطناعي في إدارة المدن، فلقد أثبتت هذه الأزمة العالمية حاجة المدن في التوسع نحو استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحول نحو المدن الذكية التي تدير شؤونها ومرافقها بالتقنية الحديثة لتساعد في التوزيع المكاني للسكان وقياس الكثافات الحضرية وتحديد أماكن الأنشطة واستعمالات الأراضي وإدارة الأزمات ومراقبة الأحياء وإدارة حركة المرور وتوجيه سيارات الإسعاف والإطفاء ورصد بيانات إمدادات الكهرباء والمياه في المدن بهدف توفير الموارد وتعزيز كفاءة استخدامها، كما أتطلع إلى أن يتم تبني فكرة تأسيس مختبر تقنيات المدن للذكاء الاصطناعي ليستفاد منه فيه عمليات البناء والاستكشاف للمواهب والتقنيات والتطوير المتواصل للأدوات والبنية التحتية الرقمية ونظم الإدارة الإلكترونية للمكونات والمنتجات المختلفة، والمساهمة في خلق بيئات عمل مبدعة في القطاعات الأمنية والاقتصادية والصناعية والعمرانية والصحية والتعليمية.