تفرد نظام الحكم الإسلامي بنظام البيعة للحاكم. والبيعة كما يعرفها ابن الأثير: (عبارة عن المعاقدة والمعاهدة، كأن كل واحد منهما باع ما عنده من صاحبه، وأعطاه خالصة نفسه وطاعته ودخيلة أمره). ويقول ابن خلدون: (اعلم أن البيعة هي العهد على الطاعة، كأن المبايع يعاهد أميره على أنه يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين، لا ينازعه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره، وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيداً للعهد، فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري، فسمى بيعة، هذا مدلولها في عرف اللغة ومعهود الشرع، وهو المراد في الحديث في بيعة النبي ليلة العقبة وعند الشجرة). وقد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم البيعة على كل مسلم إذ قال: "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية". كما أمر بلزوم هذه البيعة في قوله: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم". وما نعيشه هذه الأيام من الذكرى الثالثة لمبايعة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - يحتم علينا التمسك بهذه البيعة والالتفاف الصادق حول الأمير الشاب للعديد من الأسباب. أولاً، استجابة لما أمرنا به ديننا الحنيف. ثانياً، حفاظاً على هذا الوطن ومقدراته. فهناك الكثير من المتربصين بهذا الوطن الذين لا ينقمون عليه إلا ما حباه الله من نعم وخيرات ومركزية عالمية على العديد من الأصعدة، ووجود قيادة صالحة من امتداده الطبيعي والتاريخي وتعود لأكثر من ثلاثمائة سنة على أرض الجزيرة العربية. ثالثاً، نجح الأمير الشاب في قلب الكثير من الموازين السياسية والاقتصادية والاجتماعية ليطلق المارد السعودي الذي أرعب الكثير من الدول. كما نجح سموه الكريم في نقل الوطن خارج سياق الزمن الحاضر إلى المستقبل عبر رؤية 2030 التي خلقت للشباب السعودي هدفاً مستقبلياً يسعى لتحقيقه. ومن هنا لا نستغرب روح الأمل والثقة بالنفس التي تشربها المجتمع السعودي وخلقت روحاً وطنية واضحة تزداد مع الأيام ليزداد معها طردياً الالتفاف حول القيادة. ومن هنا لا تمر ذكرى بيعة جديدة إلا ويكون هناك الكثير من المعطيات الإيجابية الجديدة التي تزيدها جمالاً. ومما لا شك فيه أن الأساس في كل ذلك ملك عظيم يمثل مدرسة سياسية ووطنية نادرة، وابن ملك عظيم جمع الحسنيين من التتلمذ في هذه المدرسة وفكر خلاق. لكل هذا وبلسان كل سعودي نقول: (نجدد لكم البيعة سمو الأمير، ونبايعكم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وأن لا نتازع الأمر أهله). أليست هذه فلسفة البيعة في الإسلام؟