حققت مدينة الرياض نمواً خلال الثمانية عقود الماضية نمواً فاق كل التوقعات وتخطت كافة الجهود التي حشدتها الدولة في رسم الخطط والاستراتيجيات من قبل كبراء الشركات العالمية في تخطيط المدن والمناطق الحضارية. يعزا ذلك لما شهدته المملكة من نمو كبير في كافة القطاعات وجلب آخر الوسائل والتقنيات العالمية لتنمية المدن في المملكة وكذلك النمو السكاني السريع لمدينة الرياض خاصة يضاف لذلك التطور في طبيعة الخصائص السكانية والتغير في نمط الحياة والمتطلبات للأسر القاطنة في المدينة حيث تعتبر مدينة الرياض من أعلى مدن العالم نمواً على مستوى النطاق العمراني والسكان ولقد صاحب خلال هذه المرحلة عدد من المتغيرات على مستوى التخطيط العمراني والمعماري والاجتماعي والاقتصادي والسلوكي. ولقد أدت نتائج التحليل لمدينة الرياض وللأحياء القائمة على عدد من النواحي يتبين: العلاقات الاجتماعية: تعتبر الأحياء الحديثة من أضعف الأحياء للممارسة العلاقات الاجتماعية بين سكان الحي وخاصة بين الجيران حيث إن نظام البناء المستخدم والارتدادات والأسوار أسهم في فقد الروابط الاجتماعية بين سكان الحي والذي أدى الى تمتع الساكن باستقلالية شبه كاملة عن محيطة وعدم خروج الأطفال الى المناطق العامة والاختلاط بالجيران. كما أدى عدم تهيئة مناطق المشاة داخل الحي وتوزيع الخدمات التجارية اليومية في محيط الحي وعدم توفر او ضعف مناطق اللقاءات الاجتماعية والاسرية كالساحات والمراكز الاجتماعية والحدائق في تقليل ارتباط الساكنين بالمسجد وتقليل فرصة المشاة واحتكاك الساكنين داخل الحي. النواحي الأمنية: يتبين ضعف تطبيق عدد من النواحي التنظيمية والتخطيطية وذلك بعدم تفعيل ممرات المشاة أدى الى كثرة المداخل والمخارج للحي صاحبة ضعف تنظيم استخدام الشوارع والطرق مع عدم توفر أي نقطة امنية داخل الحي وضعف دور القاطنين وعدم وجود تنظيم لحصر القاطنين الدائمين والمؤقتين والزوار والتي أدت الى ضعف النواحي الأمنية. أنظمة البناء والاشتراطات البلدية: تعتبر أنظمة البناء الحالية في الاحياء السكنية من اهم المعوقات للتنمية الحي واستيعاب حجم الطلب المتزايد على الوحدات السكنية ومن أهمها تحديد نوع الوحدات بفلل في كافة المناطق الداخلية مع حصر ارتفاع المباني بدورين فقط وبنسبة بناء لا تزيد عن 60 % من مساحة القطعة واستمرار تطبيق نظام الارتدادات من كافة حدود القطعة مع قلة المناطق المخصصة للخدمات داخل الحي. حجم الطلب على الوحدات السكنية: بدراسة المتغيرات يعتبر حجم الطلب على الوحدات السكنية في الاحياء القائمة ضعيف جدا لارتفاع أسعارها بالنسبة للسكان الجدد وكبر حجمها صاحبها نمو الطلب على الوحدات السكنية (الفلل) من 242,350 فله الى 1,367,000 فله بنسبة زيادة قدرها (5.64) ضعف مع نمو الطلب على الوحدات السكنية (الأخرى) من 191,250 وحدة الى 815,000 وحدة بنسبة زيادة قدرها (4.26) ضعف مع انخفاض متوسط عدد افراد الاسرة من (7.2) في عام 1417 ه الى (4.8) نسمة في عام 1442ه مع انخفاض القوة الشرائية للأسر الصغيرة وتغير احتياج الأسر ونمط المعيشة. الكثافة السكانية: بناء على التحليل الكثافة السكانية (حي المصيف) في مدينة الرياض فيعتبر أكثر الاحياء تنمية وكثافة سكانية حيث قدر عدد سكان الحي بحوالي (54,000) نسمة بمعدل كثافة سكانية قدرها (137.14) نسمة لكل هكتار وبعدد حوالي (4000) قطعة (سكنية وتجارية) يعطي معدل (13.5) للقطعة في عموم الحي بمعدل حوالي (7) نسمة للقطعة السكنية حيث يمثل السعوديون حوالي 60 % من عدد السكان. ولقد أظهرت الدراسات السابقة بعض المعوقات والمتغيرات كالتالي: أهم المعوقات: في مجمل ما سبق أدت الى تركيز الطلب على الوحدات السكنية المستقلة (الفلل والدوبلكسات) وبعض الطلب على الشقق السكنية صاحبها ارتفاع أسعار الأراضي السكنية الى مبالغ لا تتناسب ومستوى دخل العائلة وزاد المشكلة تأخر صرف قروض صندوق التنمية العقاري مما يحمل عباء على طالبي الوحدة السكنية أدت بمجملها الى زيادة رقعة المدينة مما يمثل عباء كبير على الخدمات ومستوى توفيرها مما أدى الى تفريغ الاحياء القديمة وزحف العمالة الوافدة عليها. اهم المتغيرات الحالية: انخفاض معدل الاسرة مع انخفاض معدلات الدخل وتغير ثقافة الاسرة في حجم ونوعية المسكن وزيادة حاجة الاسرة لتوفر الخدمات والاطمئنان أدى الى زحف الاسر الصغيرة الى الاحياء الجديدة الأقل تكلفة والأصغر وحدات مما يؤدي الى شبه اخلاء تدريجي للأحياء الداخلية من السعوديين وتركها للوافدين والعمالة. والى ما سبق اظهرت التحاليل الى عدد من الظواهر أهمها: على الصعيد الامن والسلامة: ضعف المستوى الأمني لعدم تواجد أمنى مباشر وكذلك ضعف دور القاطنين في الحي لضعف التواصل بين الجيران وضعف التحكم في حركة الدخول والخروج للحي وضعف إمكانية تنقل القاطنين لسوء شبكة الأرصفة والممرات الجانبية مع عدم التحكم في حركة السيارات المتطفلة داخل الشوارع الفرعية. على الصعيد الاجتماعي: زيادة هجرة أبناء الاسرة حديثي الزواج خارج الاحياء القائمة وضعف لحمة العائلة بخروج افراد الاسرة حديثي الزواج وتناقص عدد الاسر في الوحدة السكنية وضعف الترابط الاجتماعي لعدم توفر الانشطة داخل الحي مع ضعف الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية في الحي وضعف مستوى المشاركة والمسؤولية لدى سكان الحي. على الصعيد التخطيطي والتنظيمي: قلة الكثافة السكانية لأقل من المعدلات الطبيعية للأحياء مع قلة الرقعة الخضراء وممرات المشاة في كافة الشوارع الرئيسية والفرعية داخل الحي وزيادة مشكلة مواقف السيارات خاصة في الشوارع الفرعية مع عدم توفر الخدمات الأساسية والمحلات التجارية في مناطق آمنة وقريبة من سكان الحي إلا في المحيط الخارجي للشوارع الرئيسية صاحبة سوء تنظيم حركة السيارات وحركة المشاة داخل الحي. على الصعيد الاقتصادي: اكتمال الطاقة الاستيعابية للحي وعدم إمكانية استيعاب سكان إضافيين مع عدم إمكانية زيادة عدد الوحدات السكنية مما أدى الى ضعف الاستفادة من الخدمات المتوفرة في الاحياء القائمة وارتفاع التكاليف التي تتكبدها الجهات الحكومية في المخططات الحديثة. وسوف يتم بإذن الله طرح الاقتراحات في المقالات اللاحقة. والله من وراء القصد وهو نعم المولى ونعم المعين. مخططات تحليل مدينة الرياض م. استشاري/ يوسف بن محمد الجارالله