الحي كلمة مشتقة من الحياة (عكس الممات)، وهي كلمة تطلق على التجمع السكني الذي يضم عدداً من المساكن تتجمع حول منطقة خدمات مركزية لها تشتمل على كافة عناصر الخدمات الحيوية كالدينية والاجتماعية والتجارية والخدماتية لتكون بمجملها بيئة اجتماعية مترابطة ومتكاملة. وواقع الأحياء السكنية خلال العقود الماضية في المدن السعودية كان يحمل هذه الصفة، إلا أن التطور السريع على مستوى العالم في كافة مجالات (الاقتصادية والتخطيطية والمواصلات والاتصالات وتقنية البناء..) أثر سلباً على أحياء المدن السعودية دعمها عدم جاهزيتنا لوضع أطر تحكم هذا الحجم من التطور السريع يواكب بنيتنا الاجتماعية والدينية والثقافية والتطور المجتمعي على كافة الأصعدة. أدى كل ذلك إلى تحول أغلب أحيائنا (إلا في بعض الحالات الخاصة) إلى مبانٍ مغلقة على نفسها يفصلها طرق معبدة، ولا رابط بينها وبين أي مكون حيوي سوى السيارات (بما في ذلك المساجد والجوامع وهي العنصر البنيوي للأحياء العربية) مما أدى إلى تشتت وانتشار كافة الخدمات الحيوية على امتداد تلك الطرق والشوارع أضاع معها الهوية للأحياء وقلص أي دور للمشاة داخل الأحياء مما جعلها مفرغة من وظيفتها وترابطها وحياتها. وفي هذه المبادرة أحاول ولو بجهد بسيط الإسهام في تحقيق رؤية المملكة 2030 في محورها (مجتمع حيوي) وكذلك مبادرة (أنسنة المدن) كخطوة من الخطوات لوضع بعض الأطر والحلول والاقتراحات الفنية لإعادة الحياة للأحياء. وتهدف الدراسة إلى التعرف على حجم المشكلات القائمة ووضع الحلول والاقتراحات لتحقيق الأهداف التالية: تقليل السلبيات ما أمكن في الأحياء القائمة وزيادة المميزات الواجب توفرها في الأحياء القائمة. البحث في توفير سبل لجعل الأحياء القائمة وخاصة القديمة نسبياً جاذبة للسكان السعوديين وتقليل حجم الهجرة للأحياء الحديثة. المساهمة في سد فجوة الطلب على المسكن داخل المدينة. توطين السكان السعوديين في الأحياء داخل المدينة وتقليل حجم امتداد المخططات الجديدة. دعم الرابط الاجتماعي داخل الأحياء السكنية والمساهمة في دعم الانتماء للحي على المستوى الأمني والسلوكي. الإسهام في إيجاد موارد مالية ولو قليلة لصالح صيانة وتطوير الخدمات العامة للحي. إيجاد حلول فنية تسهم في تقليص حجم الإنفاق على الخدمات العامة للحي. وتتطرق المبادرة من خلال دراسة تشريحية لمدينة الرياض وتطبيق الدراسة على أحد أحيائها إلى عدد من المحاور الرئيسة أهمها: نظرة تحليلية لتطور مدينة الرياض. اقتراح تنظيم الاستخدامات داخل الحي. اقتراح تنظيم شبكة الطرق ومسارات المشاة والسيارات. اقتراح تنظيم الرصف والتشجير وترابط مناطق الحي. اقتراح تنظيم ارتفاعات المباني ورفع الكثافة السكانية للحي. اقتراح تفعيل دور المراكز الرئيسة والفرعية داخل الحي. اقتراح النظم والتقنيات الحديثة داخل الأحياء. اقتراح مراحل تطبيق المبادرة وفتراتها. وسوف يتم بإذن الله طرح الاقتراحات في مقالات لاحقة. م. استشاري/ يوسف الجارالله