شكلت الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أغلب دول العالم لمواجهة تفشي وباء كورونا المستجد "كوفيد19"، أحد أكبر التحديات التي واجهت القطاع السياحي حول العالم منذ عقود طويلة. وأرسلت الإمارات العربة المتحدة نوراً في نفق كوفيد المظلم، بوضعها خطة تحدد معايير واشتراطات واضحة لعودة القطاع السياحي، تراعي سلامة السياح وتتماشى مع التوصيات الطبية وذلك في يوليو أو سبتمبر المقبلين بحد أقصى. وقد أظهر القطاع السياحي الإماراتي قدراً عالياً من المسؤولية خلال أزمة تفشي وباء كورونا المستجد "كوفيد 19"، مقدما نفسه كشريك فاعل في تعزيز جهود الدولة في مكافحة الوباء والحد من تأثيراته السلبية. ومنذ الأيام الأولى للأزمة، سارعت العديد من المنشآت السياحية إلى وضع جميع مرافقها ولاسيما الغرف الفندقية في تصرف الجهات الصحية، بهدف استخدامها في أغراض الحجر الصحي للمصابين، حيث تحولت بعض هذه المنشآت إلى مشاف ميدانية مجهزة بجميع المعدات والمستلزمات الطبية. وامتدت إسهامات القطاع السياحي الإماراتي في دعم جهود مكافحة "كوفيد 19" لتشمل التبرعات المالية والعينية مثل سيارات الإسعاف والتجهيزات الوقائية ومواد التعقيم، كما أعلنت العديد من المؤسسات العاملة في القطاع عن إعفاء مستأجري المحال التجارية والمطاعم المؤجرة بالفنادق التي تملكها من الإيجار لمدة 3 أشهر، وإسهامها في حملات تقديم السلال الغذائية ووجبات الطعام المجانية للأسر والفئات المتضررة. وعلى الرغم من تأثره المباشر بالأزمة، إلا أن القطاع السياحي الإماراتي لا يزال يتحلى بالروح الإيجابية والثقة بقدرته على العودة قريبا لاستئناف نشاطه ولعب دوره المحوري في تحريك عجلة الاقتصاد والمساهمة بالناتج المحلي الإجمالي للدولة، التي وصلت في عام 2019 إلى ما يزيد على 161 مليار درهم. وشهدت الأيام القليلة الماضية، عقد مجموعة من الاجتماعات بين الجهات المعنية بالدولة مع ممثلي القطاع من مؤسسات سياحية وشركات طيران للتباحث في وضع خطط إعادة استئناف الحركة السياحية واستقبال الزوار من خارج الدولة في أقرب وقت ممكن. وفي هذا الصدد، أوضح مدير عام دائرة السياحة والتسويق التجاري في الإمارات سعيد المري، أن دبي تتطلع إلى إعادة فتح أبوابها لاستقبال الزوار من حول العالم في بداية يوليو المقبل، وأن العملية ستتم بشكل تدريجي، وقد تتأجل إلى سبتمبر ، تماشياً مع التوجه العالمي. وتتطلع الإمارات إلى المحافظة على موقعها المتميز في قلب خارطة السياحة العالمية، الذي حققته في عام 2019 بعد نجاحها باستقطاب نحو 21.5 مليون زائر. وتلقى قطاع السياحة في دولة الإمارات في عام 2019 دفعة معنوية كبيرة للمضي قدما في تحقيق مزيد من الإنجازات، وذلك بعد استحداث الحكومة الإماراتية تأشيرة سياحية متعددة الدخول لمدة 5 سنوات لجميع الجنسيات، في خطوة للمحافظة على الزخم السياحي الذي تشهده الدولة. وتسهم التأشيرة السياحية في دعم استراتيجية الإمارات الرامية إلى استقطاب المزيد من السياح والزوار الدوليين، وتوفير أفضل التجارب لهم لتحفيزهم على تكرار الزيارة، إضافة إلى تنويع الأسواق المستهدفة، لما له من تأثير كبير في تبسيط إجراءات السفر إلى الدولة، الأمر الذي سينعكس بشكل إيجابي على مختلف القطاعات الاقتصادية. ويعد القطاع الفندقي أحد أبرز عوامل الجذب في السياحة الإماراتية، حيث تستضيف الإمارات على أرضها كبرى العلامات التجارية العالمية العاملة في هذا المجال. وحافظ قطاع الفنادق في الإمارات على نسب نمو مرتفعة بشكل سنوي من حيث عدد النزلاء وعدد المنشآت، حيث قدر عدد النزلاء الذين استقبلتهم فنادق الإمارات خلال العام 2019 بنحو 26.5 مليون زائر، وذلك مقارنة مع 25.55 مليون زائر خلال العام 2018، وذلك بنمو بنسبة 4% تقريباً، فيما وصل إجمالي إيرادات المنشآت الفندقية في الإمارات خلال العام الماضي وفق للتقديرات الاولية إلى نحو 31 مليار درهم، مقارنة مع 31.3 مليار درهم خلال العام 2018. واستقبلت مطارات الإمارات، خلال العام الماضي، 128 مليون مسافر، بحسب بيانات الهيئة العامة للطيران المدني، واستحوذ مطار دبي على المرتبة الأولى بعدد المسافرين في عام 2019 بواقع 91،8 مليون مسافر ليؤكد أنه الأكثر ازدحاماً في العالم على صعيد حركة المسافرين الدوليين، كذلك استقبل مطار أبو ظبي الدولي العام الماضي 22،15 مليون مسافر، ثم مطار الشارقة الدولي بواقع 11،9 مليون مسافر، ثم مطار آل مكتوم الدولي بواقع 1،6 مليون مسافر. وتحتضن دولة الإمارات 8 مطارات دولية و4 ناقلات وطنية هي طيران الإمارات، والاتحاد للطيران، وفلاي دبي، والعربية للطيران، وتسير الناقلات الوطنية رحلات إلى 108 دول و224 مدينة حول العالم. ويسهم قطاع النقل الجوي بنسبة 13.3% أو 174 مليار درهم (47.4 مليار دولار) في الناتج المحلي الإجمالي للدولة.