وباء كورونا الذي أشغل العالم بأسره وهو حديث الساعة، لا تخلو عن ذكره قناة فضائية، ولا وكالات أنباء عالمية، ولا متحدثو الدول الرسمية، ولا حتى أحاديث البشر العادية. فأطلقت مملكتنا الحبيبة شعار كلنا مسؤول ليكون منهاجاً ومسؤولية مجتمعية تشاركية بين القيادة والشعب، بين الجهات الرسمية وبين المواطنين والمقيمين، هو بمثابة رسالة لكل مواطن غيور، ولكل مقيم شريف على هذه الأرض المباركة بأنه الآن هو الوقت الحقيقي الذي نعلن فيه المواطنة الحقّة بعيدًا عن الزيف والتلون والشعارات الرنانة، بذلت الدولة الغالي والنفيس من أجل سلامة المواطن السعودي والمقيم، ودفعت مليارات الدولارات، وسخرت كل الإمكانات من أجل صحة المواطن، والمقيم على حدٍ سواء، برزوا أبطال الصحة والقوات العسكرية على كافة قطاعاتها، وتهافت المتطوعون كُلٌ على حسب تخصصه ومجاله لتقديم العون والمشورة. أفلا يليق بنا نحن كمواطنين أن نتوج "أبطالًا" في هذا الوقت العصيب الذي يمر به العالم أجمع. أما حان الوقت أن نجسد شعار "كلّنا مسؤول"، بطولتنا لن تكلفنا الكثير، ولن تُرهقنا بالأعباء، ولن تستنزف طاقاتنا، ولا مدّخراتنا هي مسؤولية هينة لينة، ولكنّها تعكس عمق الانتماء والحرص الشديد لكسرِ حلقة تفشي جائحة كورونا. مكوثنا في منازلنا أكبر وقت ممكن، وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، والالتزام بتعليمات وزارة الصحة، وغسل اليدين باستمرار مع التعقيم المستمر هي كُل مايتوجب علينا فعله، هل هذهِ الامور تعد صعبة؟ أو تُشكل معضلة؟ يؤسفني رؤية التزاحم والتجمعات غير المبرّرة في محلات الكماليات والمواد الغذائية، يؤلمني منظر ولي أمر مسؤول يصطحب معه أطفاله الصغار لشراء مستلزمات ليست ضرورية، وينفطر قلبي أسفاً عندما أرى بعض التجمعات لبعض الأسر، وبينهم الأطفال وكبار السن، كلنا متشوقون لأحبابنا، وكلنا نعلم حجم الفراغ العاطفي الذي تركه هذا التباعد في قلوبنا، وكلنا نعلم بمدى حاجتنا وشوقنا للعودة لحياتنا الطبيعية، ولكن برًا بوالديك ابتعد في هذا الوقت، صلةً بأرحامك اعتزل، حبًا لعائلتك لا تصحبهم للخارج، خوفًا على صحتك تجنب التجمعات، حرصاً على كل من تحب إجلس في بيتك، وأملًا في عودة الحياة لطبيعتها تقيّد بالتعليمات. اجعل من هذه المحنة مِنحة للتقرب من ربك وتطوير ذاتك، وممارسة هواياتك المنسيّة على أرفف الذكريات، وفرصة لاحتواء عائلتك التي أشغلتك عنها مسؤوليات الحياة، وقبل هذا كله التزامك بجلوسك في المنزل، واتباع التعليمات هو ترجمة لحبك وانتمائك الحقيقي لهذا الوطن الغالي، نحن الآن في تحدٍ مع الظروف فإما أن نكون أبطالًا حقيقيين نقف مع وطننا وقيادتنا، ونكون لهم عوناً وسنداً في مثل هذه الظروف حتى تنجلي هذه الغمة، وتزول أو أن نكون مجرد أشباه وطنيين لا نستشعر المسؤولية ولانقدر التضحيات، ولا نلتزم بالتعليمات، وهذا حتماً ستكون عواقبه وخيمة علينا وعلى وطننا. إن الشعب السعودي شعب عظيم شجاع، وشهم ومحب لوطنه، ومقدر لتضحياته ومجسد لشعار كلنا مسؤول.