جاءت موافقة مجلس الوزراء من حيث المبدأ على تأسيس شركة مساهمة تملكها الدولة لخدمات التعدين في الوقت الذي تعكف الدولة على النهوض بقطاع التعدين الذي تعول عليه آمالاً عظيمة باعتباره الركيزة الثالثة للاقتصاد الوطني الداعمة لركيزتي النفط والبتروكيميائيات، لحقبة جديدة مبتكرة من الاستغلال الأمثل للثروات المعدنية التي حبا الله بها أراضي المملكة في نقلة هائلة لقطاع التعدين بإعادة هيكلته باستراتيجية جديدة جاذبة لرفع إسهامه في إجمال الناتج المحلي من 17 مليار دولار حاليًا إلى 64 مليار دولار، حيث تشكل الاحتياطيات المحتملة للثروة المعدنية غير المكتشفة التي تصل قيمتها إلى 1,3 تريليون دولار فرصة فريدة من نوعها لقطاع التعدين عبر أكثر من 30 سلسلة قيمة معدنية. إضافة إلى تعزيز فرص كبيرة لصناعات محاذية للنفط والغاز لزيادة القيمة من الصادرات بين 41 % و122 %. وتأتي الموافقة المبدئية لتأسيس شركة لخدمات التعدين بأمل تحفيز الاستثمارات التعدينية في الوقت الذي أصدر وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف سبعة قرارات تتعلق بأكبر عملية تخصيص لمواقع الاحتياطي التعديني شملت 54 موقعاً بمساحة تقارب 4000 كم2، وذلك في ضوء تطلعات القيادة الرشيدة لتطوير قطاع التعدين ضمن رؤية المملكة 2030. وتتوزع هذه المواقع في كل من مناطق الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة وعسير وحائل ونجران، حيث تم تخصيص 12 موقعاً لخام الذهب، و12 موقعاً لخام النحاس، و9 مواقع للعناصر الأرضية النادرة، و7 مواقع لخام الفضة، و5 مواقع لخام الزنك، و3 مواقع لخام الرصاص، وموقعين لخام الحديد، وموقعين لخام الكوارتز، وموقع واحد لخام القصدير، وموقع واحد لخام الموليبيدنيوم. وتشكل هذه المواقع التعدينية في مختلف مناطق المملكة مساراً لوزارة الصناعة يمكنها من تحقيق جملة أهداف من بينها توفير البيئة الاستثمارية الجاذبة، وتوفير البيانات التي يحتاجها القطاع الخاص في هذا المجال، وطرح الفرص للشركات المحلية والعالمية للاستثمار في استغلال الثروات المعدنية التي تنعم بها المملكة. فضلاً عن اعتزام هيئة المساحة الجيولوجية السعودية وضمن مبادرة الاستكشاف المسرع ودعم المستثمرين، البدء في أعمال الاستكشاف التفصيلي للمكامن التعدينية المذكورة وإجراء العديد من الدراسات التفصيلية عليها كرسم الخرائط الدقيقة، وإجراء المسوحات الجيوفيزيائية الأرضية والجيوكيميائية التفصيلية، وحفر خنادق الاستكشاف، والحفر تحت السطحي لاختبار امتدادات الأجسام المتمعدنة، ومن ثم عمل نمذجة لها وحساب المصادر المتمعدنة لكل مكمن وموقع ليتم لاحقاً طرح هذه المواقع كفرص استثمارية. وخضع قطاع التعدين لإعادة هيكلة وتغيرات جذرية للتوافق مع أهداف واستراتيجيات رؤية المملكة 2030، كإحدى الخطى نحو خلق وعاء وحاضنة متخصصة ومحترفة حيث عظمت الدولة الدور الاستراتيجي لقطاع التعدين بصفته من أهم القطاعات الاقتصادية والأساسية، حيث ترتكز رؤية المملكة 2030 على عدم اعتمادها على صادرات النفط كمورد أساسي للبلاد والشروع ببناء منظومة صناعات وطنية تعدينية قوية غير نفطية داعمة بشكل رئيس للصناعات الأساسية للتكرير والكيميائيات ومشتقاتهما وتأسيس شبكة خدمات لوجستية مبتكرة ضمن برنامج "تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية" الذي يستهدف الإسهام في الناتج المحلي ب1,2 تريليون ريال، وتوفير 1,6 مليون وظيفة، إضافة إلى جذب استثمارات تُقدّر بقيمة 1,7 تريليون ريال، بحلول العام 2030. والتزمت الحكومة بوعود ومحفزات وممكنات حكومية معتمدة في إطار برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، حيث تم اعتماد مبلغ 45 مليار ريال لتحفيز وتوطين صناعة السيارات وإطلاق برنامج دعم صناعي لرفع الإنتاجية وتحسين التنافسية للمصانع المحلية، واعتماد 3 مليارات ريال لدعم الاستكشاف في قطاع التعدين وتحديث نظام الاستثمار التعديني خلال هذا العام، والمتضمن تسهيل الإجراءات وتقليل مدة إصدار الرخص وإطلاق برنامج شامل لتسريع تبني الثورة الصناعية الرابعة برأسمال قدره 3.5 مليارات ريال، وإطلاق خمس مناطق اقتصادية خاصة في 2019، وزيادة رأسمال صندوق التنمية الصناعي إلى 105 مليارات ريال، وتوسيع نطاق عمله لدعم جميع قطاعات البرنامج. فيما تعكف وزارة الصناعة والثروة المعدنية بثقل كبير لتطوير قطاع التعدين وزيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني، ووضعت برنامجاً يغطي جميع مراحل سلسلة القيمة من الاستكشاف إلى التعدين والصناعات الوسيطة. فيما يعد برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية أهم برامج الرؤية، الهادف إلى حوكمة القطاع الصناعي، وتحويل المملكة إلى قوة صناعية إقليمية، ومركز لوجستي عالمي، وخلق فرص استثمار وعمل خارج نطاق صناعة النفط والغاز، في أربع قطاعات رئيسة تشمل التصنيع، التعدين، الطاقة، والخدمات اللوجستية، وذلك من خلال تطوير أنظمة المحتوى المحلي، وتهيئة البنية الأساس، وحفز الابتكار. كما ستساعد وزارة الصناعة والثروة المعدنية بحلول بشأن التحديات والعوائق التي يواجهها القطاع الخاص في مجالات التعدين والتراخيص والخدمات الصناعية والتمويلية والتواصل مع الجهات التنفيذية، والتي ستأتي موافقة لتطلعات المستثمرين. في وقت دأب قطاع الصناعة على تعزيز أهداف الرؤية بصفته الركيزة الأساسية في تحقيق هدف تنويع مصادر الدخل. إضافة للمبادرات النوعية ومن أبرزها مبادرة المرجعية الموحدة للصناعة من النواحي التشريعية، والتنظيمية، والبنية التحتية، والبيئة الصناعية والتنفيذية والتطبيقية. وترتكز أعمال التعدين وأكبر قلاعه الصناعية في العالم في رأس الخير التي استقطبت استثمارات تعدينية بقيمة 100 مليار ريال بشقيها الحكومية والقطاع الخاص الأبرز حضوراً، معززة بترسانة البنية التحتية والتجهيزات الأساسية التي أنشأتها الهيئة الملكية من الصفر إلى الإنتاج والتصدير بما فيها من تطوير أراضٍ صناعية وطرق وخدمات موانئ وطاقة كهربائية ومياه تصنيع ومياه التبريد وشبكات معالجة المياه بنوعيها الصناعي والصحي، بالإضافة إلى ممرات الخدمات التي تسهل على المستثمرين الحصول على احتياجاتهم من الغاز الطبيعي والغازات الصناعية وغيرها من سلسلة اللقيم واتصالات التكنولوجيا الرقمية والتي جعلت من مدينة رأس الخير قلباً للصناعات التعدينية بالعالم.