التخطيط السليم والرؤية المتبصّرة المصحوبة بالإجراء المدروس؛ وكذلك الإدارة الفذّة للأزمات هي بعض سجايا وسمات قيادتنا الرشيدة؛ وقد تجلّت هذه الرؤية والحنكة في التعامل مع الأزمات في امتحان «جائحة كورونا» والتي كانت اختباراً وتحدّياً كبيراً على المستوى الدولي لا المحلي فقط؛ ورأينا كيف تضعضت سياسات وبدا تهافُت وهشاشة دُول خلال تعاملها مع هذه الجائحة. كان التعاطي السعودي السريع والاستباقي وما استتبعه من إجراءات وقائية واحترازية لافتاً وحاصداً للثناء والإعجاب؛ بل ومحفّزاً ومحرّضاً على المحاكاة والتمثُّل والاقتداء من قبل الدول. ولم يكن هذا الأداء السعودي الفذ والمُفارِق والمختلف مصحوباً بصخب إعلامي أو دعائي؛ بل كان سلوكاً عملياً اتّسم بالتناغم المدهش بين كافة الهيئات والوزارات وقبلها القيادات؛ كان أداءً احترافياً لم يخالطه تسرّع أو ارتباك ولم يتخلّله تهويل أو تهوين وإنما رؤية واقعية قرأت الأزمة بوعي وطرق علمية ومنهجية ورسمت خطة عمل متعددة الجوانب والآماد واضعين في الاعتبار صحّة المواطن والمقيم وحتى المخالف الذي ساقه القدر إلى بلادنا؛ كان المعيار هو إنسانية الإنسان دونما النظر لأي اعتبار آخر. وبالفعل شاهدنا تنفيذ الخطط والاحترازات خلال الأشهر الماضية وهو ما أثبت نجاعته وصوابية الرؤية الاستشرافية والواقعية للآثار والتبعات المتوقّعة. اليوم وبعد حصد نتائج وتقدّم إيجابي للمسلك الرصين في إدارة الأزمة «جائحة كورونا» نشهد أمراً ملكيّاً رائعاً ينطوي على حُدْب الأب وإشفاقه وعطفه على رعيّته؛ حيث وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -أيده الله- برفع منع التجول الجزئي في المملكة، وهو ما يعكس حرص قيادتنا الرشيدة على التخفيف عن المواطنين والمقيمين، مع دخول شهر رمضان المبارك، سيما وأن ثمة عناصر باتت متوفرة ومساعدة على اتخاذ ذلك القرار الذي يترجم التقدّم الإيجابي المصاحب للجهود المُواجِهة لفيروس كورونا المستجد؛ في دلالة ومؤشر على نجاعة الجهود الاستباقية التي تم اتخاذها. لا شك أن هذا القرار الحكيم هو تتويج للجهود المتخذة من القيادة التي كانت تتابع باهتمام بالغ التطورات والنتائج ولم يكن المواطن والمقيم بعيدين عن عنايتها فقد كانت القرارات متسقة وضامنة لحياة عملية واقتصادية لا تتأثر بهذا التوقف المؤقت والذي كان فرضه لدواعٍ إنسانية محضة وضعت الإنسان في قلب اهتمامها ومنطلق قراراتها. ومع النتائج الإيجابية من حيث قلة عدد الوفيات والارتفاع الملحوظ لحالات التشافي والذي كان لتعاون الجميع من مواطنين ومقيمين وحتى المخالفين دور في تحقيقه حتى بتنا اليوم نشهد جَنْي ثمار التعاون ونبذ الفوضى والارتجالية؛ ولعل من المهم التنويه بحكمة القرار الذي امتد أثره الإيجابي في عودة بعض الأنشطة الاقتصادية للعمل ما يعكس رغبة الحكومة في إعادة إحياء شرايين الاقتصاد بشكل تدريجي لا سيما مع التقدم الحاصل على مستوى السيطرة الوبائية على فيروس كورونا. يبقى على الجميع التعاطي مع هذا القرار بالوعي اللازم والتعاون الإيجابي لدحر هذا الوباء بشكل نهائي؛ وهو ما تتضاعف الآمال بتحقيقه في ظل هذه القيادة الفذة التي لم تألُ جهداً في تهيئة كل سبل الحياة الكريمة والآمنة للجميع.