لا توجد دولة على وجه الأرض لم تتأثر بجائحة كورونا اجتماعياً وحتى المنظمات الدولية ستتأثر وسيعاد هيكلة خارطتها على ضوء مخارج ما بعد كورونا، الحياة الاقتصادية والاجتماعية في كل مكان دون استثناء تأثرت، بأشكال متفاوتة طبعاً. وبما أن بلادنا جزء فاعل من هذه المنظومة الدولية، فإن لها النصيب الوافر من هذا التأثر، ليس فقط لفاعليتها وإنما لموقعها السياسي والجغرافي على الخارطة الدولية، وحتماً ستترك هذه الجائحة أثراً على الحركة الاقتصادية والتجارية في المملكة كغيرها من الدول، كما يقول خبراء الاقتصاد في هذا الجانب، والسؤال الأهم، هل ستؤثر هذه الجائحة على رؤية المملكة؟ في اعتقادي أن رؤية المملكة حتماً مستمرة وبقوة بإذن الله، ربما تتغير بعض محاورها بعد جائحة كورونا، نظراً لبروز عدد من الإيجابيات والسلبيات، أثناء هذه الأزمة، وهذا أمر طبيعي، وهنا يجب التنبيه إلى أن هذا التغيير معمول به أساساً في استراتيجية الرؤية، التي كانت تجري مراجعتها ومتابعتها بشكل مستمر ودقيق من قبل قيادتنا الرشيدة، وسيبقى هذا النهج مستمراً، حتى تحقق الرؤية أهدافها المنشودة والمأمولة على أرض الواقع. المملكة لم تكتفِ بقوة اقتصادها فقط، للعبور برؤيتها وتجاوز أزمة كورونا، وإنما أثبتت للعالم أجمع تكاتف جميع الجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة لخدمة جميع الفئات التي تعيش على أرضها، من مواطنين ومقيمين، بل وحتى أولئك المقيمين بشكل مخالف للنظام. وجميعنا نتذكر مبادرة تصنيع أجهزة التنفس الصناعي ، والتي تهدف للمساهمة في توفير الأجهزة اللازمة لمرضى فيروس كورونا ، والتغلب على مخاوف نقصها بسبب الأزمة، بعدما كانت الأخبار تتحدث عن نقص في أجهزة التنفس الصناعي بعدد من كبريات دول العالم. مبادرة تصنيع أجهزة التنفس هذه، أتمنى أن تستنسخ فكرتها ضمن الرؤية، إذ ساهمت وستساهم في تشجيع توطين الصناعات الطبية ، والاعتماد على سواعد شبابنا وشاباتنا في الوطن مستقبلاً، ومن جانب آخر.. هذه المبادرة أثبتت قوة الإرادة لدى سكان هذا الوطن، ومدى استجابتهم السريعة في إدارة الأزمة، وأصبح المشهد راسخاً في أذهان الجميع من كبار سن وشباب ومراهقين، وحتى أطفال. كل ما تحتاجه المملكة في المرحلة الراهنة، هو العقول المفكرة، التي تعمل ليل نهار، وعقد العديد من ورش العمل وبمشاركة جميع الجهات والقطاعات، لوضع بعض المبادرات الطموحة، التي تكمل مسيرة الرؤية للخروج من أزمة كورونا بأقل الخسائر المالية، وهذا يعتبر واجباً دينياً ووطنياً لكل شخص يعيش على أرض المملكة. لا شك أن هذه الأزمة تعد أكبر أزمة تاريخية معاصرة نشهدها، هي رؤية الجميع وخاصة الجيل الجديد؛ لأنهم حملة الرسالة من بعدنا، ليورثوها للأجيال اللاحقة والمتعاقبة، حمى الله البلاد والعباد من هذه الجائحة، وأدام عز هذه الأرض الطيبة المباركة وحكامها الكرام وشعبها النبيل.