تتحمل المملكة مسؤوليتها السياسية والاقتصادية والإنسانية كاملة تجاه جائحة كورونا المستجد، وتلقي بثقلها للتخفيف من تداعياتها والقضاء عليها بأقل الخسائر الممكنة، هذه المسؤولية لا تقتصر على حدود الوطن ودائرة المواطنين والمقيمين ومحيط الاقتصاد الوطني فحسب، وإنما تشمل العالم أجمع. فقد شاءت الأقدار أن تتولى المملكة رئاسة الدورة الحالية لقمة العشرين الاقتصادية، بالتزامن مع ظهور فيروس كورونا في العالم، ولم تتردد المملكة في تحمل مسؤولية هذه الرئاسة بكل تفاصيلها ومتطلباتها، وهو ما دفع قادة البلاد إلى ضرورة إيجاد البرامج والمبادرات الدولية للتعامل السريع والحكيم مع الأزمة في جميع تطوراتها. ففي وقت مبكر جداً من أزمة كورونا، أدركت المملكة أن العالم سيدخل نفقاً مظلماً وخطيراً يهدد حياة الشعوب ويتربص بالاقتصادات العالمية، كما أدركت أن كل دولة منشغلة بنفسها وبمداواة جراحها وحصد خسائرها اليومية جراء الأزمة، وبالتالي غاب التنسيق الدولي، وتجمدت الاتصالات لمواجهة الفيروس ومنع انتشاره، وعلى الفور حركت المملكة - باعتبارها رئيسة مجموعة العشرين - المياه الراكدة، ودعت إلى عقد اجتماع «افتراضي» على مستوى القادة لدراسة مستجدات الوضع، وفي هذه القمة، وأمام العالم، طالب خادم الحرمين الشريفين دول العشرين بتحمل مسؤولياتها في مواجهة جائحة كورونا، ودعا - حفظه الله - إلى تحديد آليات للتعامل مع الأزمة والقضاء عليها قبل استفحالها، وتبع قمة القادة اجتماع آخر مماثل لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين، بهدف تنسيق الجهود في مواجهة الفيروس، والاتفاق على خارطة طريق لتنفيذ التزامات قمة قادة المجموعة. وفي إطار مسؤوليات المملكة أيضاً، فاجأت المملكة العالم بتبرع سخي، قدره 500 مليون دولار، لمساندة الجهود الدولية للتصدي لجائحة كورونا، ويدعم هذا التبرع جهود المنظمات الدولية المختصة في تعزيز التأهب والاستجابة للحالات الطارئة، وتطوير أدوات تشخيصية وعلاجات ولقاحات جديدة وتوزيعها، وضمان توفر ما يكفي من إمدادات المعدات الوقائية للعاملين في القطاع الصحي، ويضاف هذا المبلغ إلى تبرع آخر من المملكة بقيمة 10ملايين دولار لمنظمة الصحة العالمية، للمساعدة في إيجاد لقاح للفيروس. تحركات المملكة الدولية، لمحاصرة فيروس كورونا، واضحة للعيان، وتتابعها وسائل الإعلام العالمية عن كثب، في مشهد يبعث على الاعتزاز والفخر بأن دولة عربية وإسلامية تقود جهود العالم في التعامل مع أكبر أزمة صحية يشهدها كوكب الأرض في العصر الحديث، هذا المشهد سيذكره التاريخ العالمي في صفحاته عندما يؤرخ لأزمة كورونا وينقل أحداثها للأجيال المقبلة.