عالمٌ يترقب، أرواح تُحصد، وإحصائيات تُرصد، وأخبار تتناقل، ومخاوفٌ تتزايد لعالمٍ يعيش في أجواءٍ مشحونة بالتوترات ومحمومة بالخسائر، ودولٌ عظمى وقفت عاجزة وأعلنت استسلامها أمام تحدّيات مرض كورونا. هذا الوباء المتفشّي في العالم أجمع، وحكومات عليا تُحذر وتنذر وتهدّد شعوبها بأنهم مقبلون على عالم بائس، ومستقبل أسود ينذر بالفقد والخسران، في هذهِ الاثناء أطل علينا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - بكل هيبة ملكية متوّجةً بإنسانية لافتة بوجه الأب الحاني والمؤمن الثابت والقائد الحكيم بخطابٍ يختصر كل الأحداث ويوجز كل التوصيات ويؤكد على أعلى درجات الحرص على المواطن السعودي والاهتمام بصحته وتوفير كل مستلزماته ويتعدّى هذا الأمر إلى كل مقيم يعيش على هذهِ الأرض المباركة.. صدقًا كنا بحاجة إلى سماع تلك الكلمات الحانية والتي طمأنت الروح قبل الفؤاد ليتدرّج - حفظه الله - بحديثه إلى سرد نصائح وتوجيهات تنم عن عمق فكرٍ وبعد نظر بأننا نعيش مرحلة صعبة ومقبلون على مراحل أكثر صعوبة ليست على السعودية فقط بل على العالم أجمع. بشفافية تعودنا عليها وصراحة قدرنا قيمتها؛ لأنه يرمي من ورائهما بضرورة تكاتف الشعب وتعاونه لمواجهة تفشّي هذا الوباء، والذي أقلق العالم بأسره وزعزع اقتصاد الدول ونُظمها الاقتصادية والصحيّة والإدارية. لقد تساقطت أقنعة دول كانت كنيتها العظمى عندما يتخلى الوطن عن أبنائه في ظروفٍ صعبة مثل تبعيات هذا الوباء، وعندما يستنجد الابن بأبيه ويتركه وحيدًا يُصارع ألم الوجع والفقد والغربة والإهمال ظهرت السعودية العظمى وفرشت أجنحة الاهتمام بحرصٍ لتحتضن أبناءها بالخارج وتلم شملهم وتهدّئ من روعهم وتُسكنهم بأفخم الفنادق احترامًا لإنسانيتهم وطمأنةً لأرواحهم وتذكيرًا بأن لهم وطناً لا يبيع شعبه حتى لو خسر الغالي والنفيس، فنجد أرفف المحلات مليئة بالمواد الغذائية ومخازن تتكدّس بها البضائع التموينية وميزانيات هائلة تُرصد للقطاع الصحي وتُسخر كافة الإمكانات البشرية والمادية لمكافحة هذا الوباء، وطنٌ سبق العالم بأسره وكان في صراعٍ مع الزمن ليتخذ كافة الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية حتى لا يتأذى المواطن السعودي. قيل: إن في الشدائد تظهر قوة الأوطان وحكمة قياداتها وأصالة شعوبها، وهذا ما لمسناه من وطننا الحبيب وقيادتنا الفذّة، وجاء الآن دور المواطن الحقّ بأن نتكاتف ونتعاون وتتضافر الجهود حتى نستطيع أن نتجاوز هذهِ الأزمة بسلام. «جلوسنا في منازلنا» ليس تفضلاً ولا منّة، هو أقل خدمة يمكن أن نقدمها لهذا الوطن العظيم، تعاوننا مع الجهات المختصة هو أبسط بذل يمكن أن تسخى به أرواحنا، إخلاصنا في أعمالنا حتى لو كنّا في مرحلة تعليق هي وقفة امتنان ونقطة تحليق وانطلاق لغدٍ أجمل ومبشر بإذن الله لهذا الوطن وقيادته وأبنائه المخلصين.