أصدرت وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني (Fitch Rating Agency) تقريراً ائتمانياً حديثاً وبالتحديد بتاريخ 9 إبريل الجاري، شخصت فيه الوضع الائتماني للمملكة العربية السعودية. تضمن التقرير تقييماً ائتمانياً مفصلاً لقدرة المملكة على الوفاء بالتزاماتها الائتمانية طويلة الأجل بالعملة الأجنبية، والتي تم تصنيفها عند مستوى "A" مع نظرة مستقبلية مستقرة. من بين العوامل المساعدة على تحقيق المملكة لهذا التصنيف الائتماني المرتفع، قوة الميزانية المالية للدولة بالخارج، بما في ذلك الاحتياطيات الدولية الكبيرة بشكل استثنائي والدين الحكومي المنخفض. رغم هذا التقييم المرتفع للمملكة، إلا أن الوضع المالي والاقتصادي للمملكة، لا يخلو بطبيعة الحال من التحديات التي أشار إليها التقرير والتي تواجه معظم اقتصادات دول العالم، وبالذات التي تعتمد بشكل كبير في موازناتها العامة على إيرادات النفط، سيما في ظل ما شهدته أسواق النفط العالمية من تراجعات حادة في الأسعار التي انخفضت إلى ما دون مستوى الثلاثين دولاراً للبرميل الواحد، بسبب تخمة المعروض النفطي من جهة، وتباطؤ أداء الاقتصاد العالمي من جهة أخرى بسبب تداعيات فايروس كورونا كوفيد - 19. نتيجة لهذه التحديات، توقع تقرير فيتش، أن يرتفع عجز الموازنة المالية للحكومة إلى حوالي 12 % من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة خلال العام الجاري (حوالي 80 مليون دولار أميركي) من 4.5 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي. كما وتوقع التقرير أن تنخفض إيرادات النفط بنسبة 41 % على افتراض أن متوسط سعر النفط سيكون 35 دولاراً أميركياً للبرميل وأن متوسط الإنتاج 11.5 مليون برميل في اليوم. وتوقع التقرير كذلك، أن تنخفض الإيرادات غير النفطية بنسبة 15 % نتيجة لوباء كورونا مقارنة بنسبة نمو بلغت 3.3 % في عام العام الماضي والتي تُعد أعلى نسبة أداء منذ عام 2014 . التقرير أشاد بمتانة القطاع المصرفي السعودي، وبالذات من حيث قوة ومستوى الرسملة والتنظيمات الإشرافية للقطاع. أخلص القول إلى إن تقييم وكالة فيتش العالمية للاقتصاد السعودي، بما في ذلك المالية العامة للدولة والقطاع المصرفي، يعتبر عادلاً في ظل التحديات التي يواجها الاقتصاد العالمي بأسره، والتي من المتوقع أن تدخله في حالة من حالات الانكماش إن لم تكن حالة من حالات الكساد التي أشبه ما تكون بحالة الكساد العظيم التي حلت بالعالم في عام 1929 (Great Depression)، وذلك نتيجة لوباء كوفيد - 19، والذي تزامن انتشاره مع تباطأ حاد في أداء الاقتصاد العالمي وتدني أسعار الفائدة إلى الصفر وما دون ذلك (سلبية)، وعدم نجاح عمليات التسهيل الكمي (Quantitative Easing) لإنعاش معظم اقتصادات دول العالم بما اقتصادات الدول العظمى. إن الإدارة الواعية والحكيمة لدفة الاقتصاد الوطني والمالية العامة للدولة، ومتانة الاحتياطيات السيادية الخارجية للمملكة، وتوصل أوبك + لاتفاق لخفض كمية المعروض النفطي بالأسواق العالمية، يتوقع لهذه العوامل مجتمعة، أن تخفف من حدة تأثيرات كورونا السلبية على الأداء الاقتصادي العام للمملكة وعلى المالية العامة للدولة على حدٍ سواء، سيما وأن أكثر من تقييم لأكثر من وكالة تقييم ائتمان عالمية اتفقت على متانة الاقتصاد السعودي بالإضافة إلى وكالة فيتش العالمية، والتي من بينها وكالة "موديز" التي أصدرت تقريراً ائتمانياً عن المملكة عند "A" مع نظرة مستقبلية مستقرة.