انتقد اقتصاديون سعوديون نظرة وكالات التصنيف الدولية تجاه الاقتصاد السعودي، مطالبين بأن تعيد هذه الوكالات مراجعة تصنيفها لاقتصاد المملكة قياسا على المؤشرات الاقتصادية القوية التي يتمتع بها اقتصاد المملكة حاليا. وكانت مؤسسة التصنيف الائتماني (فيتش) قد ثبتت تقييمها الائتماني للسعودية عند AA- كما أبقت على النظرة الإيجابية المستقرة للاقتصاد السعودي. د. عبدالعزيز العويشق وطالب محمد العمران عضو جمعية الاقتصاد السعودية الاقتصاديين بأن تعيد وكالات التصنيف الائتماني النظر تجاه تقييمها للمملكة قياسا على المؤشرات الاقتصادية القوية التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي حاليا من حيث حجم ونمو الناتج المحلي الإجمالي، أو من حيث المستوى المنخفض للدين العام، بالإضافة إلى الاحتياطات الضخمة من الموجدات الأجنبية، وزيادة الإنفاق الحكومي، وغيره من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي تدعم قوة ومتانة اقتصاد المملكة. وأفاد العمران بأن التقرير الصادر من (فيتش) متناقض، حيث يؤكد على قوة وتحسن المؤشرات الاقتصادية للاقتصاد السعودي خصوصا بعد تأثيرات الأزمة المالية العالمية من جهة، ويفاجئنا بتثبيت التصنيف الائتماني للمملكة عند نفس المستوى السابق من جهة أخرى، مما يدل على وجود تناقض غير مفهوم، مضيفا "لا نملك تفسيرات له حيث من المنطق أنه في ظل تحسن المؤشرات يكون هناك تحسن في التصنيف ولو بشكل طفيف وبالتالي اعتقد أن وكالات التصنيف الائتماني مطالبة الآن أكثر من أي وقت سابق بإعادة النظر تجاه تقييماتها للمملكة وهو مطلب طبيعي في ظل الظروف الحالية والتوقعات المستقبلية الايجابية والواعدة لاقتصادنا". من جهته أكد خالد بن عبدالعزيز المقيرن عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية في الرياض ورئيس لجنة الأوراق المالية بأن تثبيت مؤسسة التصنيف الائتماني (فيتش) تقييمها الائتماني للسعودية عند AA- يعكس قوة ومتانة الاقتصاد السعودي ويؤكد تجاوزه تداعيات الأزمة المالية العالمية التي أضرت بكثير من الدول ومؤسساتها المالية بسبب انكشافهم على الأزمة. وأفاد المقيرن بأن تثبيت التقييم لم يكن مفاجأة للاقتصاد السعودي الذي توج في العام الماضي من ضمن أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، وفي الوقت نفسه نشاهد الكثير من الدول انخفض تقييمها الائتماني بسبب تداعيات الأزمة. وأشاد المقيرن بنجاح الاقتصاد السعودي في احتفاظه بثقة هذه المؤسسة العالمية خلال عام 2009م، وهو العام الذي شهد اشتداد وطأة الأزمة المالية العالمية، مما يؤكد سلامة النهج الاقتصادي الذي التزمت به حكومة خادم الحرمين الشريفين، والذي مكن المملكة من تبني سياسة مالية توسعية، فاتجهت إلى تقدير ميزانيتها للعام الحالي 2010م بأكبر حجم إنفاق في تاريخها حيث بلغ 540 مليار ريال، وقدرت الإيرادات بمبلغ 470 مليار ريال، بزيادة نسبتها 14% عن موازنة العام الماضي، مما يعني زيادة ضخ الأموال في السوق لدفع دورة الاقتصاد بما ينعكس إيجابياً على حياة المواطن، مؤكدا بأن صمود القطاع المصرفي السعودي أمام تبعات الأزمة المالية العالمية ليس بمستغرب وذلك لقوة ومتانة هذا القطاع وملاءته المالية، وسياسة الإشراف المتميزة من مؤسسة النقد والتي كان لها دور أساسي في حماية هذا القطاع. وركز المقيرن على ضرورة الاستفادة من هذه الأزمة باستغلال الفرص الاستثمارية الكبيرة في بعض الدول ولو بنسبة قليلة من الاحتياطات، وضرورة تنويع الاقتصاد ،وعدم الاعتماد على النفط ، وذلك لخلق فرص وظيفية لمواجهة الزيادة السكانية في المملكة والتي تعد من أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي، مشيدا بإنفاق جزء كبير من الميزانية على التعليم متمنيا استغلالها جيدا حتى تتلاءم مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل. إلى ذلك قال الدكتور عبدالعزيز العويشق الخبير الاقتصادي ومدير عام العلاقات الاقتصادية الدولية في مجلس التعاون الخليجي بأن المحافظة على هذا التصنيف في أوضاع اقتصادية صعبة انجاز مهم، ويأتي تأكيداً للمكانة المالية التي تتمتع به المملكة في ظل الأزمة المالية العالمية التي أثرت على التصنيف الائتماني لكثير من الدول، ويظهر ثقة مؤسسة فيتش بأن المملكة قد تجاوزت الأزمة دون تأثير يذكر على تصنيفها الائتماني، خاصة وأن "فيتش" كانت قد رفعت التصنيف الائتماني السيادي للمملكة إلى AA- في منتصف عام 2008، معتبرا العامل الرئيسي الذي يحدد مستوى التصنيف هو الميزان المالي للدولة، كما بين الأسباب الرئيسية التي حافظت على هذا التصنيف السيادي والتي تتمثل في الثروة النفطية التي تتمتع بها المملكة، وحجم الاحتياطات النقدية التي لم تتأثر كثيرا بالأزمة، وانخفاض حجم الدين العام بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، إضافة إلى الأسباب غير المباشرة المؤثرة في هذا التصنيف مثل ملاءة القطاع المصرفي والسياسات الحكومية تجاهه، حيث أعلنت مؤسسة النقد عدة مرات استعدادها لتوفير السيولة اللازمة لهذا القطاع عند الحاجة، وسياسة الإشراف البنكية في المملكة المتحفظة كثيرا مما يفيد وقت الأزمات. وأكد العويشق على أهمية التمييز بين التصنيف السيادي للدولة والتصنيف الائتماني للشركات السعودية، فمن المعروف أن عدداً من الشركات والبنوك السعودية قد واجهت تخفيضاً في تصنيفاتها الائتمانية بسبب انكشافها على الأزمة المالية العالمية وتأثرها سلبا بفقاعات العقار والأسهم في المنطقة، مطالبا بعدم إعطاء هذه التقارير أكبر من حجمها لا سلبا ولا إيجابا لكونها اجتهادات من قبل شركات التصنيف الائتماني قد لا تكون دائما مدعومة بمعلومة دقيقة.