أكد عدد من الاقتصاديين أن استقرار النظرة المستقبلية لتصنيف وكالة فيتش للتصنيف الائتماني للمملكة العربية السعودية يساهم في تكوين صورة ذهنية إيجابية في مدى استقرار الاستثمار ومتانة الاقتصاد السعودي بعد أن انتهجت المملكة مساراً تصحيحياً شاملاً للاقتصاد سيحقق المزيد من الانسياب والتدفقات المالية من خلال جذب المستثمرين الاجانب. وأوضحوا خلال حديثهم ل «اليوم» أن التصنيف في إعطاء المملكة النظرة المستقبلية المستقرة مع تخفيضه لتصنيف المملكة السيادي من AA- إلى A+، لا يعكس النتائج القيمة الملموسة للاقتصاد السعودي ولا ينصف المملكة في سعيها الدؤوب للتخلي عن عقدة النفط، آملين أن تعيد وكالة التصنيف فيتش نظرتها مرة اخرى بقوة الاقتصاد السعودي من حيث التصنيف الائتماني. مؤشر مهم للاقتصاد قال المحلل الاقتصادي فضل بوعينين تصنيف فتش باعتقاده ان إعادة هيكلة الاقتصاد اضافة الى انخفاض الدخل الناجم عن انخفاض أسعار النفط لا بد وأن يؤثر في القدرة المالية وهو ما دفع بوكالة فتش الى خفض التصنيف الائتماني للمملكة؛ غير انها عادت لتعدل نظرتها المستقبلية من سلبي إلى مستقر، وهذا ربما بني على الإصلاحات الحالية وقدرتها على تحقيق أهدافها بحلول العام 2020 وهو موعد تحقيق التوازن المالي، موضحاً أنه وبالرغم من المتغيرات ما زالت المملكة تمتلك الاستقرار في مقدرتها المالية، مؤكداً ان برامج وزارة المالية ستساهم بشكل فاعل في تعزيز الوضع الحالي، اضافة الى ذلك فأصول مؤسسة النقد مرتفعة مقارنة بالناتج المحلي الاجمالي حيث تشكل ما نسبته 84% في الوقت الذي تتجاوز فيه الأصول الحكومية العامة بأكثر من 100% من الناتج المحلي الإجمالي. وأشار بوعينين أنه بالرغم من أهمية التصنيفات الائتمانية فمن المفترض ان نكون اكثر عقلانية في ردود الافعال تجاهها في الحالتين السلبية والإيجابية، كون ورقة التصنيفات الائتمانية قد تستخدم لأهداف أخرى خارجة عن إطار التقييم العادل، ومع ذلك يجب الا نتجاهل التقييمات كمؤشر مهم للاقتصاد والوضع المالي، ونحن نعلم ان المملكة بصدد طرح سندات بالدولار في الاسواق العالمية ومن المحتمل الا يكون اعادة التقييم في هذا الوقت وخفض التصنيف عرضيا، فخفض التصنيف يعني زيادة في تسعير السندات ما يحقق فائدة للمؤسسات المالية العالمية. تماشيا مع الرؤية قال الخبير في التجارة الدولية د. فواز العلمي إن المملكة تمتلك القوة الاقتصادية الكافية للاستقرار الاستثماري، ومتانة وقوة الاقتصاد السعودي من خلال المعطيات والمؤشرات العالمية رشحت المملكة لدخولها دول العشرين، رغم كل الظروف غير المستقرة إقليمياً وعالمياً، مشيراً إلى أن التصنيف في إعطاء المملكة النظرة المستقبلية المستقرة مع تخفيضه لتصنيف المملكة السيادي من AA- إلى A+، لا يعكس النتائج القيمة الملموسة للاقتصاد السعودي ولا ينصف المملكة في سعيها الدؤوب للتخلي عن عقدة النفط، وكان على الوكالة تحري الدقة في دراستها قبل إصدار تصنيفها السلبي، فالمملكة التي تتمتع بانخفاض الدين العام للناتج المحلي بنسبة لا تتعدى 21٪ وتقوم بفتح ابوابها للاستثمار الأجنبي المباشر في قطاعات التوزيع والمهن الحرة لتنمية مواردها وتوطين وظائفها وتعزيز قدرات مجتمعها كان لا بد ان يرتفع تصنيفها تباعاً ليتماشى مع الرؤية الطموح والبرامج الهادفة لسياسة المملكة الاقتصادية. مسار تصحيحي للاقتصاد فيما أكد د. عبدالرحيم الساعاتي أستاذ الاقتصاد والتمويل الاسلامي بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة ان تصنيف وكالة فيتش الائتماني هي أحد أهم ثلاثة تصنيفات في العالم إلى جانب ستاندرد آند بورز وموديز، وهو تصنيف معتمد وموثوق للدول من الناحية الاقتصادية والائتمانية، ومؤشر على مدى قدرة الدولة أو مؤسسة ما على سداد ديونها والوفاء بالتزاماتها، وجاء تصنيف فيتش للمملكة بجدارة ائتمانية متوسطة إلى عالية مع نظرة مستقبلية مستقرة، وهو تصنيف مهم لتكوين صورة ذهنية للمملكة، كما انها مؤشر للمستثمرين الاجانب بعد أن انتهجت المملكة مساراً تصحيحياً شاملاً للاقتصاد، والذي جاء الاستقرار المستقبلي لتصنيف الوكالة معززاً للمسار الاقتصادي الذي سيتبعه ثقة الكثير من المستثمرين في استثمار مشاريعهم في الاراضي السعودية، محققاً المزيد من الانسياب والتدفقات المالية في المملكة. وأشار الساعاتي إلى أن اعلان وزير المالية السعودي على متانة الاقتصاد السعودي مؤشر ودليل على اتجاه المملكة إلى جذب رؤوس الأموال المهاجرة وأيضاً جذب الاستثمارات واستقطاب المستثمرين، مشيراً إلى قوة الاقتصاد السعودي بين دول العالم، وبامتلاكه أصول النقد الاجنبي بنحو 84 بالمائة من الناتج المحلي كأكبر ثالث نسبة بالعالم، يضع المملكة في مصاف الدول العالمية من حيث الحفاظ والقدرة على الوفاء بالتزاماتها ومدفوعاتها المالية، وتعزز من الخيارات المتاحة لديها في مواجهة أي خلل اقتصادي عالمي. تحقيق الأهداف وقال د. عبدالله بن احمد المغلوث عضو الجمعية السعودية للاقتصاد ان ما ذكرته وكالة فيتش للتصنيف الائتماني عن النظرة المستقبلية المستقرة دليل على نقاط القوة في اساسيات اقتصاد المملكة، وتضع خطوات سير بنحو التنويع وتحقيق الاهداف الطموح مع العلم ان الاقتصاد السعودي تأقلم مع تقلبات النفط بالإضافة الى ان سياسات المملكة الاقتصادية قد نجحت من خلال اجراءات في تقليل العجز والحفاظ على مستوى افضل وتسهيلات اجراءات تمويلية من خلال الاستفادة من اسواق الدين الخارجي وفتح اسواق المال امام الاستثمار الاجنبي وإعادة الهيكلة في المسار الاقتصادي من خلال تقليل الاعتماد على النفط وتحسين كفاءة الترشيد وضبط سياسات الانفاق، وتقليل الاعتماد النفطي في ظل عدم استقرار الاسعار عالميا واعتماد اسعار متوازنة ومستدامة، مشيراً إلى أن التصنيف لم يكن دقيقاً وشفافاً من حيث تخفيض التصنيف الائتماني ولا يواكب حجم الاقتصاد السعودي الذي اشير اليه بنظرة مستقرة، آملاً ان تعيد وكالة التصنيف فيتش نظرتها مرة اخرى بقوة الاقتصاد السعودي من حيث التصنيف الائتماني. وكانت قد أوضحت وزارة المالية في بيان لها أن وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني قامت بتعديل نظرتها المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، مشيرة إلى أن التخفيض الأخير في التقييم السيادي اعتمد على تحليل كمي ومؤشرات رقمية، مضيفة أن إيرادات 2016 المقدرة فاقت التوقعات، مسجلة 528 مليار ريال، وكان نصيب القطاع غير النفطي منها 199 مليار ريال (38% من إجمالي الإيرادات)، موضحة تعزيز الحكومة السعودية من قدرات التمويل من خلال الاستفادة الناجحة– ولأول مرة– من أسواق الدين الخارجية، وفتح أسواق رأس المال المحلية أمام المستثمرين الأجانب. وأثمرت السياسات النفطية للمملكة العربية السعودية زيادة استقرار أسعار النفط العالمية. كما تأقلم الاقتصاد السعودي مع تقلبات أسعار النفط من خلال اعتماد أسعار نفط متوازنة وأكثر استدامة. فيما أوضح وزير المالية محمد الجدعان أن اقتصاد المملكة يقوم على ركائز متينة، حيث تُقدّر أصول النقد الأجنبي لدى مؤسسة النقد العربي السعودي بنحو 84٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهي ثالث أكبر نسبة من حيث الناتج المحلي الإجمالي عالمياً. كما أن الأصول الحكومية العامة تتجاوز الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 100%، مضيفاً أنه ومن خلال رؤية 2030، وإطلاق العديد من المبادرات الرامية لتعزيز هيكلية الاقتصاد، وتمثل الهدف الرئيسي منها تقليص الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل وتحفيز التنويع الاقتصادي. كما أحرزت الحكومة تقدماً كبيراً في مجال تحسين الكفاءة من خلال الترشيد وضبط سياسات الإنفاق، مشيراً إلى دور تقوية آليات الحوكمة، وإضفاء الطابع المؤسسي على الإصلاحات الهيكلية وتعزيز الشفافية في إنجاح هذه الجهود.