الإشاعات بشكل عام خطر يهدد أمن وسلامة المجتمعات؛ وفي المجال الصحي تسبب الهلع والقلق، أزمة كورونا رغم خطورتها، نبهت الناس إلى خطورة الاستماع للمعلومات أو الأخبار ذات المصادر المشكوك فيها.. استنفرت كل الدول جهودها من أجل الوقاية من مرض كورونا. هذا الفيروس غير المرئي الذي ينتشر بسرعة صاحبه حملة إعلامية قوية يرى البعض أنها مبالغ فيها لكن الواقع بما فيه من إصابات ووفيات وسرعة انتشار دفع بالحكومات لاتخاذ إجراءات وقائية وقرارات مهمة توفر البيئة الآمنة صحياً، والشفافية، والتوعية، والرعاية الصحية. مع انتشار المرض، اجتاح العالم موجة من الشائعات والروايات وصلت حد الاستعانة بنظريات المؤامرات السياسية والاقتصادية. شاع جو من الخوف والقلق لم يأتِ من فراغ ولكن من حقيقة وجود المرض وانتشاره وعدم وجود دواء يقاومه. العالم يواجه مشكلة صحية واحدة كأنها أيقظته من غفلة تساهل فيها في مأكله ومشربه ونظافته، أو كأنه انشغل بالصراعات والحروب وأهمل الجوانب البيئية والصحية، وصار غير قادر على تحديد أولوياته. مشكلة صحية وإنسانية يشترك العالم بكل انقساماته في مقاومتها، ويسابق العلماء الزمن للتوصل إلى علاج لهذا المرض. في هذا المقال نحاول استخلاص بعض الدروس المستفادة من هذه الأزمة الصحية التي نتفاءل بزوالها بمشيئة الله وتضافر الجهود: * تذكير الإنسان بالقدرة الإلهية، وأن الإنسان مهما بلغ من العلم والتمكن فإن قدراته محدودة ولا يمكن أن يصل للكمال. وتذكير الإنسان بنعم الله التي لا تحصى التي ينسى أحياناً الامتنان لها ولا يشعر بقيمتها إلا إذا افتقدها أو شعر بخطر فقدانها. * هل يجهل أي إنسان أهمية النظافة وعلاقتها بالصحة. ومع ذلك يحصل تساهل في هذا الموضوع في البيوت والمطاعم والأماكن العامة وفي أماكن العمل. في أزمة كورونا، جاء تركيز الأطباء على موضوع النظافة. ومن الملاحظ في موضوع النظافة أنه حتى الدول التي توصف بأنها متقدمة تكون فيها مستويات النظافة متدنية. * التغطية الإعلامية لمرض كورونا وانتشاره يرى البعض أنها مبالغ فيها وأنها ساهمت في نشر الهلع. في الجانب الإيجابي ساهمت هذه التغطية في الدفع نحو الشفافية والجدية في اتخاذ إجراءات الوقاية ومتابعة انتشاره. * تذكير الإنسان بأهمية الأمن والسلام، وخطر الحروب والمجاعة. وتذكيره بالأمراض الأخرى القاتلة التي تحتاج إلى مزيد من البحث العلمي والدعم وتكامل الجهود الدولية. * وجدت الدول وهي تواجه خطر كورونا أنها أمام تحد لتقييم مستوى الرعاية الصحية وكيفية التعامل مع الحالات الطارئة التي تصل الى مستوى الوباء. * أهمية الاعتماد على المعلومات الصادرة من مراجع علمية معتمدة ومن جهات رسمية. وهذا ينطبق على اتباع النصائح والإرشادات الطبية. هذا مجال للمختصين وليس للآراء الاجتهادية. * الإشاعات بشكل عام خطر يهدد أمن وسلامة المجتمعات، وفي المجال الصحي تسبب الهلع والقلق. أزمة كورونا رغم خطورتها، نبهت الناس إلى خطورة الاستماع للمعلومات أو الأخبار ذات المصادر المشكوك فيها. * الأزمات هي اختبار لقدرات الدول في الإدارة واتخاذ القرارات، والتفاعل الدولي. المملكة بحكم مكانتها الدينية والاقتصادية والسياسية وإمكاناتها ومسؤولياتها الإنسانية كانت رائدة في اتخاذ القرارات والإجراءات الوقائية تحقيقاً للمصلحة العامة ومنع انتقال العدوى حماية للمواطنين والمقيمين وحماية للحرمين الشريفين لتوفير بيئة صحية آمنة لضيوف الرحمن. مملكة الإنسانية لم تكتف بالإجراءات الداخلية في الجهود المبذولة للوقاية من كورونا لكنها بادرت بمسؤوليتها الإنسانية بدعم الجهود الدولية فقدمت بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين دعماً مالياً قدره عشرة ملايين دولار لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة فيروس كورونا استجابة لنداء المنظمة العاجل الموجه لجميع الدول. كما قامت المملكة بإرسال مساعدات طبية إلى مدينة ووهان الصينية من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. * فيروس كورونا تذكير للإنسان والدول من زاوية إدارية إلى عدم انتظار المفاجآت. الأزمات الصحية وغيرها لا تطلب الإذن بالهجوم. من الضروري إجراء التجارب ومراجعة الإمكانات والقدرات والتجهيزات والاعتماد بعد الله على الدراسات ومراكز الأبحاث. في الأزمات يقدر الإنسان ما تبذله الدول في تأمين الحياة الكريمة الآمنة وما تملكه من استعدادات للتكيف والتعامل مع مختلف الظروف. الأزمات اختبار إداري وتقييم دولي شامل لمشروعات التنمية في الدول المختلفة.