تُعد الأزمات أرضاً خصبة لظهور الشائعات، وذلك يتضح جلياً في الأزمات المفاجئة والقوية مثل أزمة فيروس كورونا والشائعات التي تدور حوله في مواقع التواصل الاجتماعي بغرض زعزعة الأمن، والشائعات هي الأحاديث والأقوال والأخبار والروايات والقصص المنقولة بين الناس دون التأكد من صحتها، حيث تنقل بعض الحسابات أخباراً ومعلومات مغلوطة في وقت الأزمات والكوارث لإثارة الانتباه وجذب المتابعين والحصول على التفاعل. وقد حذر أكاديميون وقانونيون من تداول الشائعات عبر منصات التواصل الاجتماعي، لما لها من أضرار على المجتمع، تفوق أضرار انتشار وباء كورونا، حيث لم ينتشر هذا الفيروس كمرض بقدر انتشار الشائعات والوهم حوله، فبات الناس مريضين بالوهم وليس بالفيروس، ما زرع الخوف داخلهم، وهذا يعود إلى توزيع الشائعات ونشر المقولات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت حديث كل المجالس في المجتمع. وحذرت النيابة العامة مروجي إشاعات كورونا بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات وغرامة تصل إلى ثلاث ملايين ريال، ويشمل ترويج الإشاعات إنتاج الإشاعات والأخبار مجهولة المصدر التي تمس النظام العام والتي يتم إعدادها وإرسالها عن طريق الشبكة المعلوماتية، بسبب ما قد تسببه من زيادة مستوى الهلع للمجتمع، ووفقاً للمادة (1/6) من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، فإن إنتاج الإشاعات التي من شأنها المساس بالنظام العام، أو إعدادها، أو إرسالها عن طريق الشبكة المعلوماتية، جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن مدة تصل إلى خمس سنوات، وبغرامة تصل إلى ثلاثة ملايين ريال. جذب الانتباه وقال د. عبدالعزيز بن ناصر الريس - استشاري اجتماعي ونفسي -: إن الشائعة من الظواهر الاجتماعية التي عرفتها المجتمعات البشرية منذ القدم وتكمن خطورتها في سرعة انتشارها خصوصاً وقت الأزمات، ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، حيث إنها لم تعد الشائعة منطوقة بل ومكتوبة أيضاً، وهو ما يضاعف سرعة انتشارها، مضيفاً أن انتشار الشائعة كالأخبار المغلوطة التي نقرؤها أو نسمعها عن كورونا يعتمد على شرطين أساسيين أولها أهمية موضوع كورونا لدى الناس وما يشكله من خطر على حياتهم، وثانياً الغموض حول الوباء وعدم وجود الأخبار الموثوقة أو عدم الثقة بها، مبيناً أن الشرط الأول ثابت وهو الأهمية، بينما الشرط الثاني متغير فوزارة الصحة بمركزها الإعلامي لا تألو جهداً، وتلاحق الزمن والدقيقة على إصدار التعاميم والأخبار لإيضاح الحقيقة، غير أن الشائعة تستمر نظراً لأهمية موضوع كورونا، مشيراً إلى أنه من جانب نفسي سبب تصرف الأشخاص الذين يصدرون هذه الشائعات هو الرغبة وحب الظهور والحصول على السمعة واستغلال اهتمام الناس، ويمكن تصنيف شائعة أخبار كورونا المغلوطة بأنها شائعات اندفاعية والتي تستند على أجواء مشحونة بالانفعالات القوية أي وظيفة تنفيسية، وما تلبث أن تحمل أضراراً كبيرة تؤذي الآخرين، مُشدداً على دور المجتمع أفراداً ومؤسسات في التصدي وتقليل الأضرار السلبية في عدم تناقل تلك الأخبار ومحاسبة ناقليها، حيث لمسنا نجاعة من قبل الجهات الرسمية في هذا الأمر، بل وأعلنت الشرطة رسمياً عن رصد ومحاسبة بعض الأفراد من مصدري وناقلي الإشاعات. سهولة وسرعة وأيّده بالرأي عبدالله البقعاوي - اختصاصي اجتماعي بوزارة الصحة - قائلاً: إن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في زيادة نسبة الشائعات لسهولة وسرعة نقل المعلومات والبيانات حتى عبر القارات، ووضح أن الشائعات تزداد في الأزمات وخاصةً وقتنا الحالي بموضوع كورونا، فهي تزداد بلا شك في بداية أي أزمة وتقل تدريجيًا حتى انتهائها، وذلك يعود لعدة أسباب ومنها النقص الكبير في المعرفة عن هذا الفيروس لدى كثير من الناس، كذلك خوفهم منه والتشبث في أي معلومة تطمئنهم أو أي معلومة تزعم إيجاد علاج له، مبيناً أن واجب كل فرد التحقق من صحة المعلومة وبعدها النظر هل من نشرها فائدة أو لا، إن كان منها فائدة فانشرها، وإن لم يكن منها فائدة حتى وإن كانت صحيحة لا داعي من نقلها، فمن خلال السنة النبوية قد جاء الوعيد الشديد في حق الكذب عمومًا وفي حق الشائعات على وجه الخصوص لما تتضمنه من آثار سلبية على الفرد والمجتمع، فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم المتلقف للأخبار والناقل لها أحد الكذبة المفترين؛ لأن من تعود على الحديث بكل ما يسمع لن يسلم من نقل الأخبار الكاذبة، قال عليه السلام: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع". قلق وخوف وتحدثت هناء الحربي - اختصاصي نفسي إكلينيكي - قائلةً: إن السبب خلف انتشار الإشاعات وتداولها في الوقت الراهن يعود غالباً لأسباب نفسية نتيجة القلق والخوف والذعر من انتشار الوباء والدخول في إجراءات احترازية بشكل مفاجئ، مما قد تسبب في حرص الأشخاص على تتبع الأخبار وتناقلها دون الرجوع إلى المصدر أو التأكد من صحتها، حيث إن في مثل هذا الوضع يصبح المجتمع هشاً وسهل التأثير عليه، وبما أن وسائل التواصل الاجتماعي لها دور فعّال في تناقل أخبار فيروس كورونا بشكل أسهل وأسرع ينتج عن ذلك القلق العام للمجتمع ولضعف الصلابة النفسية لبعض الأشخاص حيال التعامل مع الوضع الراهن، ذاكرةً أنه من المهم التأني والتأكد من مصدر الخبر قبل المساهمة في نشره من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، حيث إنه من الطبيعي وجود ردة فعل سلبية من شخص تجاه أي خبر عن فيروس كورونا، متأسفةً أن هناك فئة من الأشخاص لديهم سمات شخصية تدفعهم لنشر هذه الإشاعات متجاهلين ما قد تسببه من أثر سلبي على استقرار المجتمع. حرب معنوية وتناولت الأثر النفسي الذي تتركه الشائعات للأفراد والمجتمع، فالشائعات التي يتم تداولها بين أفراد المجتمع قد يكون لها تأثير مختلف من شخص لآخر، وهذا يعود إلى مستوى القلق والخوف لدى الأفراد ومدى قدرتهم وصلابتهم النفسية في تحمل الوضع الراهن، ومدى قابليتهم للتعامل معها بإيجابية بالبحث عن الخبر من المصدر الموثق، وباتباع الإجراءات الوقائية المنصوص بها من قبل وزارة الصحة ضمن جهودها المبذولة في خدمة المجتمع والمحافظة على استقرار الوضع الصحي، مضيفةً أن الإشاعات شكل من أشكال الحرب المعنوية أو الحرب النفسية التي تشكل خطراً كبيراً على أفراد واستقرار المجتمع، وقد تتسبب في تضخيم الأمر أو تشتت التركيز على التعامل الفعال في القضاء على المشكلة، مبينةً أن الذين يسعون لخلق الإشاعات هم أشخاص غالباً تكون لديهم سمات شخصية معينة، وكذلك لديهم دوافع وأهداف محددة لنشر الإشاعة في الأوقات الحرجة وضمن إطار حدث معين وضحاياها هم أفراد المجتمع، مؤكدةً على أن هذا يتسبب في رفع مستوى القلق والخوف بشكل أكبر وإضعاف الروح المعنوية في التكيف مع الإجراءات الوقائية في الوضع الراهن. وأضافت أن الواجب والمسؤولية يقعان على كل شخص للمساهمة في استقرار المجتمع، وهنا يجب تجنب تناقل الأخبار غير الموثقة بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، والرجوع للبحث عن الأخبار من المصادر الموثقة من قبل دولتنا التي تبذل قصار جهدها لتحقيق الاستقرار الأمني والمحافظة على صحة وسلامة أفراد المجتمع، ذاكرةً أن هناك الآن عقوبة رادعة لكل من يستهدف الأوضاع الحرجة لبث الإشاعات التي غالباً ما تكون لتحقيق أهداف معينة، وسبباً في رفع مستوى القلق والتزعزع داخل المجتمع. احذر بعض موضوعات قروبات الواتساب عبدالله البقعاوي د. عبدالعزيز الريس