يعيش العالم متغيرات كبيرة ومتسارعة على كل الأصعدة ويأتي وباء كورونا الذي أصاب العالم كله بالشلل كأحد أخطر الأوبئة في القرن الحديث. بين ليلة وضحاها توقف العالم وانكفأت الناس في بيوتها وتعطل النقل والسفر وتوقفت الأعمال وأغلقت المحال والأنشطة التجارية باستثناء ما يتعلق بالصحة والغذاء، وحتى بيوت العبادة وبكل الأديان أصبحت خالية، وباتت الدول تتسابق في منع التجول وتخفيف التنقل ودعوة الناس للتباعد وعدم الاختلاط حتى على مستوى الأسرة الواحدة. وللمرة الأولى يكاد العالم كله والبشرية جمعاء تواجه خطرا بنفس الخطوات والإجراءات، ولأن الوباء خطير وليس له علاج كان الإجراء الصحي لمواجهته هو التباعد وتكثيف النظافة وأخذ الاحتياطات الوقائية. الدول تعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتكاد كل نواحي الحياة متأثرة بهذا الوباء وآثاره تطال كل المفاصل الاقتصادية والخدمية والاجتماعية والصحية. ولهذا كانت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - يحفظهم الله - من أوائل الدول التي تنبهت لخطر الوباء وعملت على مواجهته بالعديد من الإجراءات الاحترازية وقدمت الدعم للقطاعات الاقتصادية وقطاع الأعمال من خلال العديد من البرامج والمبادرات، بل إن أمر خادم الحرمين الشريفين بتوفير العلاج لجميع المواطنين والمقيمين وحتى المخالفين لنظام الإقامة كان عملا إنسانيا رائعا تناقلته وسائل الإعلام العالمية، لأنه جاء في ظل تخلي كثير من الدول عن واجباتها الإنسانية تجاه المقيمين على أراضيها. كما أن الناس تعاملت بوعي مع منع التجول والتزمت بهذه التعليمات التي نعيشها للمرة الأولى، فالتواصل الاجتماعي المباشر أصبح بأضيق حدود وكذلك التنقل عند الضرورة، وأناشد الجميع أن يستمروا بهذا المستوى من الوعي الجماعي والاجتماعي وأن يلتزم الجميع بالتعليمات وحتى بأوقات السماح بالتنقل يجب أن يكون للضرورة القصوى، وبإذن الله سيكون هذا الالتزام أحد أسباب انحسار هذا الوباء، وأن تعود الأمور إلى طبيعتها بأقرب وقت بمشيئة الله وقدرته.