لطالما أكدت القيادة السعودية منذ سنوات على تبني رعاية وتصدر جهود صناعة السلام في اليمن، من خلال دعم ومساندة جهود الأممالمتحدة ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، وتأييد الدعوات الأممية للحوار بين السلطة الشرعية والانقلابيين الحوثيين المدعومين من النظام الإيراني للوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، وفقا لمرجعيات السلام المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ووثيقة الحوار اليمني، وقرارات مجلس الأمن الدولي. وفي أكثر من مناسبة، أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أن «المملكة العربية السعودية ترحب وتدعم دائماً الحلول السياسية بين الأطراف اليمنية، إذا أثبت الانقلابيون الحوثيون جديتهم في ذلك». كما أشار في حوار سابق مع قناة «سي بي إس» الأميركية إلى أن «المملكة بدورها الإقليمي والدولي وقفت إلى جانب اليمن وتدعم حكومته الشرعية، وأنقذته من براثن الإرهاب والفوضى ومنعت تحوله إلى موطئ للإرهاب، وذلك لتحقيق الأمن والسلام لليمن وللمنطقة برمتها، وترحب دائما بالحوار بين الأطراف اليمنية إذا أثبتت الميليشيا الانقلابية جديتها». وتأكيدا على موقف المملكة الداعم والمساند لجهود السلام في اليمن، أتت تصريحات سفير خادم الحرمين الشريفين، لدى اليمن، محمد آل جابر، الاثنين الماضي لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، بشأن تأييد التحالف العربي بقيادة المملكة لقبول الحكومة اليمنية بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة وجهود مبعوثه الخاص لليمن للتهدئة ووقف إطلاق النار وخفض التصعيد. وأوضحت مصادر سعودية خاصة، أن ما ورد في عنوان صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية حول «دعوة سفير المملكة لدى اليمن، للانقلابيين للحوثيين إلى الرياض لإجراء محادثات» غير دقيق. وبحسب المصادر السعودية فإن ما قصده سفير المملكة لدى اليمن هو أن «الأطراف اليمنية - قبل الهجمات الحوثية الأخيرة على السعودية وتصعيد المليشيا في عدد من الجبهات في اليمن - كانت الأطراف قد وافقت على تهدئة الأوضاع وقبولهم لاجتماع للتهدئة وخطوات بناء ثقة إنسانية واقتصادية بهدف الوصول لحل سياسي للأزمة». كما أن «الأطراف اليمنية كانت قد استجابت لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى اليمن، السيد مارتن غريفيث بخصوص وقف إطلاق النار»، لافتا إلى أن المبعوث الدولي لليمن مارتن غريفيث، دعا الخميس الماضي إلى اجتماع عاجل للاتفاق على هدنة، بعد أن أبدت الأطراف اليمنية ترحيبها بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار». غير أن الانقلابيين الحوثيين وبعد أقل من 24 ساعة على إعلانهم الموافقة على الهدنة التي دعت إليها الأممالمتحدة، قاموا بالتصعيد العسكري من خلال تنفيذ أعمالهم العدائية وإطلاق صواريخ باليستية إيرانية استهدف المدنيين في العاصمة الرياض ومدينة جيزان، دون أي اعتبار لحالة الاستنفار التي يشهدها العالم ضد وباء كورونا. ووفقا للمصادر، فقد استدعى التصعيد العسكري والأعمال العدائية الإرهابية الرد العسكري على الهجوم العدائي وإطلاق الصواريخ الباليستية على السعودية، مع التأكيد على أن الجميع ما زال ملتزما بالاستجابة لدعوة الأممالمتحدة ومنفتحا على دعم الحوار والحل السياسي بين الأطراف اليمنية استمرارا لجهود المملكة والتحالف في ظهران الجنوب والكويت وستوكهولم لدعم السلام والأمن والاستقرار في اليمن. وبعد يوم من دعوة المبعوث الأممي للهدنة، غرد سفير المملكة في اليمن، محمد آل جابر، عبر موقعه الرسمي على تويتر، معلنا «دعم وتأييد التحالف العربي لقرار الحكومة اليمنية بقبول دعوة الأمين العام للأمم المتحدة وجهود مبعوثه الخاص لليمن لوقف إطلاق النار وخفض التصعيد ولبناء الثقة بين الطرفين في الجانبين الإنساني والاقتصادي، وتخفيف معاناة الشعب اليمني والعمل لمواجهة مخاطر جائحة فيروس كورونا». وقال آل جابر: «إن المملكة وقفت وما زالت مع الشعب اليمني مستجيبة لطلب الرئيس اليمني المنتخب منهم لإنقاذهم من الحوثي الموالي لإيران، وقدمت الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي لليمن لإيمانها الدائم بأن اليمن دولة جوار لها سيادتها واحترامها، وشعبها العزيز قادر على استعادة أمنه واستقراره وبدعم من أشقائه». وتصدرت المملكة العربية السعودية منذ وقت مبكر، مهمة صناعة السلام ودعم الاستقرار في اليمن، وتبنت مبادرات رعاية الحوار بين الأطراف اليمنية منذ إطلاق المبادرة الخليجية عام 2011 بعد أن كانت اليمن قد صنفت دوليا باعتبارها دولة غير مستقرة، وتلازم هذا التنصيف بجهود سعودية ومساندة دولية وأممية، سعت للحيلولة دون انتقال اليمن إلى مرحلة الانهيار الشامل، ونقل الدولة اليمنية إلى مرحلة الاستقرار. وكجزء من بنود وآليات المبادرة الخليجية التي تنظم عملية الانتقال السلمي للسلطة وتثبيت الدولة في اليمن، فقد رعت السعودية وإلى جانبها الأممالمتحدة، التوقيع على وثيقة الحوار الوطني اليمني الشامل، وشاركت فيها جميع الأطراف اليمنية، بمن فيهم ميليشيات الحوثي، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، السيد بان كي مون، ومبعوثه الخاص إلى اليمن، السيد جمال بن عمر. غير أن الانقلاب الحوثي المدعوم من النظام الإيراني على السلطة الشرعية والتوافق الوطني اليمني، أدى إلى عرقلة الجهود السعودية المسنودة دوليا وأمميا الرامية لتحقيق السلام وتثبيت الاستقرار، واستحوذ على مؤسسات الدولة اليمنية من خلال عملية سطو مسلح بتخطيط ودعم ورعاية إيرانية مباشرة، ولم يبق لدى الشرعية اليمنية، المتمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، من وسيلة تكفل ردّ العدوان الانقلابي واستعادة الدولة إلا طلب المعونة رسميا من المملكة العربية السعودية المرتبط أمنها الوطني بأمن اليمن واستقراره، وباعتبارها راعية المبادرة الخليجية المنظمة للعملية الانتقالية السلمية، وقد طلبت منه المملكة تحرير رسالة رسمية بطلبه وإرسالها، وإرسال نسخة منها إلى الأممالمتحدة والجامعة العربية. ولم يتأخر التحالف العربي بقيادة المملكة عن مدّ يد العون لإنقاذ السلام في اليمن وإعادة الميليشيات الانقلابية لمسار الحوار ولاستعادة الدولة اليمنية والسلطة الشرعية بدعم ومساندة أممية، ومنذ خمسة أعوام والمساندة مستمرة باستمرار حاجة اليمن للسلام والاستقرار حاجة الشرعية اليمنية إلى هذه المساندة المدعومة بالشرعية الدولية المتمثلة بقرار مجلس الأمن رقم (2216)، الذي يؤكد دعم الشرعية اليمنية واستعادة مؤسسات الدولة، ودعم جهود مجلس التعاون الخليجي في اليمن. وكان إطلاق عملية عاصفة الحزم 26 مارس 2015، ومن ثم عملية إعادة الأمل 21 أبريل 2015، تدخلا ضروريا لإنقاذ الجهود اليمنية والدولية والأممية للسلام وإعادة الميليشيا الانقلابية لمسار السلام والامتناع عن العنف والتخلي عن السلاح للوصول إلى حل سياسي شامل وفقا لمرجعيات السلام المتمثلة في المبادرة الخليجية ووثيقة الحوار اليمني وقرارات مجلس الأمن الدولي، ومثلت استجابة ضرورية لنداء السلطة الشرعية والرئيس اليمني المنتخب، عبدربه منصور هادي، بموجب قرارات الشرعية الدولية، وتنفيذا لقرارات مجلس الأمن وعلى رأسها القرار رقم 22016، الذي يؤكد دعم الشرعية اليمنية واستعادة مؤسسات الدولة اليمنية، ودعم جهود المملكة ومجلس التعاون الخليجي في اليمن.