بعد مرور أقلّ من خمسة أيام على كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله - التي وجّهها إلى المواطنين والمقيمين بالمملكة، والتي حوت مضامين جلية، كلها شفقة ونصح ومحبة، وصراحة ومصداقية، وتوجيه لما ينبغي عمله منا جميعاً - أبناء هذا الوطن - في هذه الظروف الصعبة، لمواجهة وباء فيروس كورونا الجديد الذي اجتاح العالم، جاء صدور الأمر السامي الكريم بمنع التجوّل الجزئي للحدّ من انتشار هذا الفيروس لمدة 21 يوماً، ابتداءً من الساعة 7 مساءً وحتى الساعة 6 صباحاً، مع استثناء الأنشطة الحيوية من تطبيقه، وذلك اعتباراً من مساء يوم الاثنين 23 مارس 2020. مرحلة صعبة وجاء هذا القرار انطلاقاً مما يُوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود من حرصٍ بالغ على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين، للحدّ من انتشار فيروس كورونا الجديد، الذي يمثل مرحلة صعبة في تاريخ العالم أجمع. لقد أكد هذا الأمر السامي الكريم على العمل الجاد الذي تبنته الدولة - أعزها الله - منذ ظهور الفيروس أواخر ديسمبر الماضي، وفي هذا الوقت الحسّاس، لمواجهة الجائحة، مستعينين بالله تعالى، ثم بالأسباب الناجعة للمحافظة على الصحة والسلامة العامة، وبذل الغالي والنفيس في سبيل تحقيق ذلك وتجاوز الأزمة. ظروف حساسة وينبغي في ظلّ هذا التوقيت، أن نَعِيَ أن المملكة العربية السعودية كغيرها من دول العالم تمرّ بظروف دقيقة وحساسة في ظل مواجهة فيروس كورونا، وهو ما يستدعي اتخاذ كل إجراء يضمن عدم التأثير على الجهود الحكومية الرامية لمحاصرة الفيروس ووضع حدّ لانتشاره. كما يجب أن ندرك أن منع التجوّل، يُعدّ إجراءً عالمياً متبعاً ومهماً في هذه المرحلة، ما يستدعي رفع روح المسؤولية لدى الجميع، في إبداء أقصى درجات التعاون مع أجهزة الدولة المستنفرة لمواجهة فيروس كورونا. فرض النظام وخلال الأيام القليلة الماضية، أثبت سكان المملكة بشكل عام مواطنين ومقيمين للعالم أجمع، أنهم على درجة عالية من الوعي، كشفه ما أبدوه خلال الأيام الماضية من تجاوبٍ مع الإجراءات الاحترازية وتعليمات الجهات المختصة، وإدراكهم جيداً أن قرار الحدّ من تجول الأفراد بحظر مغادرتهم منازلهم من 7 مساءً حتى 6 صباحاً، يهدف لإفساح المجال بشكل أكبر أمام جهود الجهات المشتركة، لفرض النظام واستكمال إجراءات محاصرة فيروس كورونا. ولقد تلقى الشارع السعودي هذا الأمر بالارتياح والاطمئنان والامتثال لما تضمّنه القرار من توجيهات سديدة، طاعةً لله - عزّ وجلّ - ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأخذاً بالأسباب المشروعة، للمحافظة على الضرورات الخمس، ومن أهمها المحافظة على النفس، لتجاوز المرحلة القادمة. تدابير مطلوبة لم يكن صدور هذا الأمر السامي الكريم بمنع التجوّل الجزئي خلال ساعات الليل بالأمر المستغرب من لدن خادم الحرمين الشريفين الذي طمأننا بالأمس القريب، طمأننا بنفسه، على أن الدولة قامت بجميع الإجراءات الاحترازية الوقائية لمحاربة جائحة "كورونا"، إذ أكّد - حفظه الله - في الوقت نفسه، على مواصلة الدولة محاربةَ هذا الوباء، وأنها لم تدّخر جهداً منذ اليوم الأول للأزمة في اتخاذ كلّ الإجراءات الاحترازية والتدابير المطلوبة لمواجهة فيروس كورونا، مشدداً - رعاه الله - على أنّ صحة الإنسان وسلامته أولاً، وأنّ الدولة حريصة على توفير ما يلزم المواطن والمقيم في هذه الأرض الطيبة من دواء وغذاء واحتياجات معيشية، وهو ما تحرص عليه قيادة هذا البلد الحكيمة، التي تضع المواطن نصب عينيها وفي المقام الأول، وتعتبر أمنه الصحي والغذائي أولوية قصوى. تطبيق صارم لقد جاء هذا الأمر ليؤكد لنا دوماً أن المملكة العربية السعودية تدرك أهمية وصعوبة المرحلة الحالية التي يمرّ بها العالم أجمع، إلا أنها عازمة على تجاوزها، وهو ما استدعى اتخاذها إجراءاتٍ احترازيةً وقائية في وقت مبكر جداً، للحدّ من انتشار فيروس "كورونا"، إضافة إلى ما بذلته كافة القطاعات الحكومية، وهو ما يتطلّب تعاون الجميع. ووفقاً لما نصّ عليه الأمر السامي الكريم، سيرافق قرارَ منع التجول، تطبيقٌ صارم من الأجهزة الأمنية على المخالفين، وكل ذلك يأتي في سبيل تحقيق أمن وسلامة البلاد والحفاظ على مستقبلها الصحي، وعدم تعريضها لخطر بعض الفئات المحدودة غير المبالية بسلامتها وسلامة مجتمعها. إجراء ضروري كما أن قرار منع مغادرة الأفراد منازلهم بعد الساعة 7 مساءً، ووضع حدّ لتجولهم، جاء في هذا التوقيت كإجراء ضروري وصارم، عقب اكتشاف حالات إصابة بفيروس كورونا نتيجة عدم التزام البعض بدعوات التزام المنازل، ومشاركتهم في مناسبات اجتماعية أدت إلى تسجيل إصابات نتيجة مخالطات. ومن واقع المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق جميع مَن يعيش على أرض المملكة العربية السعودية، يتعيّن علينا مضاعفة الحذر، والحرص على التزام تعليمات الجهات المعنية، وحماية هذا الوطن الذي قدم صحتنا فوق كل اعتبار، واتخذ كلّ ما يلزم من تدابير للحفاظ على سلامتنا، وتحمّل كل الأعباء الناجمة عن التأثيرات الاقتصادية، ولم يَطلب من الجميع سوى التزام المنازل فقط. أهمية بالغة كما يجب على الجميع إدراك الأهمية البالغة لما تضمّنه الأمر السامي الكريم من رسائل مهمة في التوقيت والمضمون، وهي التي تعبر عن النظرة الفاحصة والرؤية الشاملة لخادم الحرمين الشريفين إزاء المرحلة، واشتملت على تحليل دقيق وواضح لجميع جوانب الأزمة، والعزم في الوقت ذاته على تجاوزها، التزاماً بالمنهج القرآني، وإيماناً بوعده - عزّ وجلّ - في كتابه بقوله: (فإن مع العُسر يُسراً، إنّ مع العُسر يُسراً). مسيرة التنمية ومن خلال تكامل الجهود وتضافرها، أكدت القطاعات الحكومية والأهلية كافة، أن ما يتم اتخاذه من إجراءات استباقية، لم يؤثر على مسيرة التنمية وتقديم الخدمات كافة عبر التقنية الحديثة، حيث أصبحت التطبيقات الإلكترونية وستظلّ خيرَ مُعين ومساعد للمواطنين والمقيمين، لتوفير احتياجاتهم الأساسية التي لن تتأثر من بقائهم إلزامياً في منازلهم، إذ أتاحت تطبيقاتُ الأجهزة الذكية خدماتِ التوصيل السريعة، لطلب الاحتياجات الغذائية والدوائية وغيرها من السّلع والخدمات الضرورية المستثناة، وتوصيلها إلى المنازل. وأخيراً.. نحمد الله تعالى، ونشكر قيادتنا الرشيدة التي عوّدتنا على أن تكون المملكة قويةً في مواجهة الشدائد، بتعاون المواطن مع دولته، مستعينةً بالله - تعالى - ثم بما لديها من إمكانات، واضعةً المحافظة على صحة الإنسان في طليعة اهتماماتها ومقدّمةِ أولوياتها.