لا خلاف حول أنّ الدول والحكومات تُختبر مدى قوتها في إدارة الأزمات والكوارث، والسعودية العظمى بخبرتها الممتدة في مواسم الحج والعمرة وإدارة الحشود وأحداث عظمى مرّت بها المملكة وواجهتها بكل قوة وكانت تجارب المملكة فيها بإدارتها نموذجاً عالمياً رائداً يُحتذى ويُدرّس، وكما تختبر الأزمات مدى قوة الحكومات تختبر الأزمة المفاجئة مدى قدرة المؤسسات الحكومية على مواجهتها ووجود أو وضع خطة معالجة الأزمة فور حدوثها. وفي الأزمات العظمى لا يظهر إلا القائد العظيم ولا يقدر على خطاب الطمأنة إلا قائد عظيم جمع بين هيبة الملك وقوة القائد والأب للجميع، لذلك كان تأثير الكلمة التي صدح بها الملك سلمان عظيماً في نفوس أبنائه من المواطنين وحتى المقيمين الذين لم تستثن المملكة ضمّهم تحت جناحي رعايتها، كان تأثير الكلمة الأبوية عظيماً حتى إن صداها لم يتوقف عند حدود الوطن بل تعداها إلى آفاق الإعلام، وكان ذلك جلياً في تسليط وكالات الأنباء العالمية الضوء عليها وتناقلها، وامتلأت بها مواقع التواصل الاجتماعي وتصدرت الأعلى في تويتر، ورغم أن العالم بأسره مشغول بمواجهة أزمة كورونا بما حملتْه من مضامين ودلالات تعكس مدى قدرة وقوة المملكة وكفاءة مؤسساتها وأجهزتها وعزيمتها في مواجهة هذه الأزمة العالمية واضعة على رأس أولويتها الإنسان أولاً! خطاب الملك - حفظه الله - جاء استشعارًا بمسؤولية الأب القائد لجسامة الحدث والأزمة وفي ظل الأهمية المرحلية للمملكة على وجه الخصوص التي يواجهها العالم أجمع، وجمعت بين توجيهاته - حفظه الله - والتأكيد على الريادة السعودية وكفاءة نظامها الصحي الذي أثبتت أزمة كورونا هذه كيف للمنظومة الصحية السعودية قد ضاهت أنظمة عالمية كبرى وبما عضدته أنظمة المجالات لمواجهة تداعيات فيروس كورونا وعلى رأسها المجال التعليمي والاقتصادي والأمني وكيفية تعامل المملكة ومواجهتها لهذه الأزمة العالمية بمنتهى الشفافية والصراحة، وكما كان الخطاب الذي يفيض طمأنة تحدث بمنتهى الصراحة أن الأزمة ليست عادية، واستشهاداً بقول سيدي - حفظه الله -: "إننا نمر بمرحلة صعبة مثل العالم كله، ولكننا سنبذل الغالي والرخيص للحفاظ على صحة المواطنين"، فلم يُهوّن الخطاب من جسامة الأزمة والحدث لكي يدرك كل مواطن ومقيم مدى مسؤوليته الفردية والمجتمعية أيضاً، والتي تأتي مكملة لجهود الدولة وإجراءاتها وتوجيهاتها وقراراتها الاحترازية، وأنهم الرهان الأول لدى الحكومة السعودية، وجاء ذلك جلياً في قوله - حفظه الله -: "السعوديون أظهروا قوة وثباتاً في مواجهة أزمة كورونا"، وأشاد - حفظه الله - بأداء الشعب السعودي في الأزمة: "إن ما أظهرتموه من قوة وثبات في هذه المرحلة الصعبة وتعاونكم التام مع الأجهزة المعنية يعد أحد مرتكزات نجاح جهود الدولة". خطاب الطمأنة والقوة الذي صدح به الملك وبما حمله من كل تلك المضامين والدلالات في مواجهة أزمة عالمية كارثية لدى العديد من الدول كان لها تأثيرها المباشر والقوي جداً حتى عند أكثر الدول تقدماً في أنظمتها واقتصادها، وشلت عصبها على إثر انهيارها وفقدها السيطرة على انتشار الفيروس وعجزها عن استيعاب مواطنيها من المصابين وتقديم ما يجب تقديمه لهم بقي الإنسان في المقابل في مملكة الإنسانية هو الرقم واحد والمحور الأساس وعلى رأس أولوية خطاب الملك وهمه الأول، وحينما نقول الإنسان فيعني المواطن والمقيم على أرض المملكة سواء دون تفرقة، وهذا ما أثبتته أيضاً هذه الأزمة فلم تثبت مدى قوة المملكة وكفاءة مؤسساتها وأنظمتها فحسب بل أثبتت للعالم أجمع كيف أنها ترعى حقوق الإنسان قولاً وعملاً لا مجرّد شعارات وادعاءات كما في أنظمة أخرى اتخذت من التشدق بحقوق الإنسان مطية سياسية لتحقيق مآرب تضر في الواقع بذلك الإنسان، وسببت لكثير من الدول وشعوبها وجرت إليهم من الكوارث والثورات أو ضيعت شعوباً وأفراداً باسم حقوق الإنسان تلك. أثبتت أزمة كورونا للعالم أجمع أن الإنسان سواء كان المواطن السعودي أو المقيم على أرض هذه البلاد مقدم على الاقتصاد، وأن المواطن بصحته وسلامته هو رأس المال الحقيقي لدى المملكة وقيادتها.