حذر إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان في خطبة الجمعة الماضية، من الإشاعات والافتراء والتهويل والإرجاف والاستهزاء بالوباء وطالب المصليين باتقاء أسباب العدوى وأن لا يتعرضوا للبلاء وأن يسألوا الله الصحة والعافية والشفاء ويتحصنوا بالأذكار والدعاء؛ فلن يخيب في الله الرجاء، موضحاً أن الوباء حليف المآسي والأزمات والتقهقر والاضطرابات وقد اجتاح أرجاء المعمورة في أيام معدودات فساعدوا على اجتثاثه ومحاصرته. وإن كنت لا أقلل بكل تأكيد وبأي حال من الأحوال من حدة فيروس كورونا الجديد COVID - 2019، سيما وأن منظمة الصحة العالمية قد أعلنت بأن الفيروس تخطى مرحلة كونه مجرد فيروس ليصنف جائحة (وباء)، مما يستوجب تكاتف الجهود الدولية في مكافحته وكبح سرعة انتشاره، ولكن وبمجرد إعلان منظمة الصحة العالمية بأن الفيروس وانتشاره أصبح وباء، بل وقبل ذلك تسارعت جهود الدول على مستوى العالم باتخاذ الإجراءات والتدابير الاحترازية الرامية للوقاية من العدوى، والتي من بينها المملكة، التي لم تأل جهداً أو تدخر وسعاً في مكافحة الفيروس والتصدي لانتشاره، متخذة في ذلك عدة خطوات منها صحية وعلاجية وأخرى وقائية بما في ذلك توعوية، بل وحتى دينية. الإشكالية تَكمن في أنه بالرغم من الجهود الوقائية والتوعوية التي اتخذتها دول العالم من خلال الجهات الرسمية والأجهزة الحكومية المعنية، إلا إن معظم الناس وللأسف الشديد لا تزال تنساق خلف الشائعات والإشاعات وما تكتنفها من أقاويل وتفاسير واقتراحات ووصفات طبية وصحية وقائية بما في ذلك توجيهات وإرشادات وتعليمات صحية ووقائية بما في ذلك علاجية متناقضة، هذا بالإضافة إلى الأخبار المرجفة التي تزيد من هلع وولع الناس وتُدخل إلى نفوسهم الذعر والخوف غير المبررين ببعض الأحيان بسبب المبالغة وعدم تحري الدقة والموثوقية مما يتم تناقله. وما زاد من الطين بلة تسخير وتوظيف وسائل الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي واستخدمها في نشر الشائعات وبث رسائل التخويف والذعر. برأيي أن التغلب على مثل هذه الشائعات والإشاعات، يتطلب التفكير في إنشاء مركز وطني للتعامل مع الكوارث بمختلف أنواعها وأنماطها وأشكالها الطبيعية منها وغير الطبيعية، بهدف توحيد الجهود الحكومية من خلال مركز متخصص، مما سيساعد على توحيد الرسالة الإعلامية والتوعوية وعدم تضاربها وتناقضها وصياغتها بأسلوب علمي وعملي محترف ومتزن وعقلاني في نفس الوقت. كما أن الأمر يفرض الحاجة في ظل انتشار الكوارث الطبيعية وعدوى الفيروسات والحروب سواء التقليدية أو الكيماوية وغيرها من الكوارث، التفكير في بناء ملاجئ وتجهيزها بالوسائل والأدوات اللازمة لإيواء الناس والمتضررين من تلك الكوارث وبما يتناسب مع الحالة الكارثية. أخيراً وليس آخراً إن الأمر يتطلب التعامل مع الإشاعة على أساس أنها جريمة معلوماتية يعاقب عليها القانون المتسبب بحجم الضرر الذي أحدثته وتسببت فيه، ناصحاً العامة بضرورة استقاء المعلومة من مصادرها الرسمية دون غيرها، سائلاً المولى العلي القدير في نفس الوقت أن يحفظ بلادنا الحبيبة من كل شر وسوء ومواطنيها والمقيمين فيها.