بدأت مدينة ووهان الصينية بؤرة فيروس "كوفيد- 19" القاتل المعروف باسم كورونا، التعافي من تداعيات تفشي الفيروس، حيث تضاءل عدد الحالات الجديدة، وأعلن المتحدث الرسمي باسم لجنة الصحة الصينية، مي فنج، أن ذروة تفشي فيروس كورونا في الصين قد انتهت. وتباطأ انتشار كورونا بشكل كبير في الصين، حيث قالت اللجنة الصحة الوطنية: إن هناك 13 حالة وفاة جديدة و11 حالة إصابة جديدة فقط، بينما تعافى أكثر من 65 ألف شخص من المرض. وخفضت حكومة إقليم هوبي تقييماتها للمخاطر الصحية لجميع المقاطعات خارج ووهان، وهي المدينة التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة. كانت السلطات الصينية أبلغت منظمة الصحة العالمية، في 31 ديسمبر الماضي، بتفشي الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس "كورونا" الجديد، في مدينة ووهان، ومنذ ذلك الحين انتقل الفيروس إلى العديد من الدول، وسجلت عشرات الوفيات بسبب الفيروس في إيطالياوإيران وكوريا الجنوبية وفرنسا والولايات المتحدة والعراق، وغيرها من دول العالم. وأسفر كورونا عن وفاة نحو 8 آلاف شخص حول العالم، وبات عدد الوفيات في العالم أعلى منه في الصين التي سجلت 3226 حالة، بينما في إيطاليا تستمرّ أعداد الإصابات والوفيّات في الارتفاع، وتعتبر هي الدولة الثانية على العالم في عدد الوفيات والإصابات بوفيات تجاوزت ألفي شخص، تليها إيران بوفيات تقدر ب 724 شخصاً، في الوقت ذاته قدر أعداد المصابين حول العالم ب 194766 شخصاً، بينما المتعافون 81093 شخصاً. نظرية المؤامرة أثارت الأخبار المتواصلة عن انتشار كورونا جدلاً واسعاً بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الذين تداولوا تكهنات حول الأسباب وراء هذا المرض، فذهب البعض إلى أن مقاطعة ووهان تعرضت لحادث تسريب من أحد المعامل البيولوجية في حين ذهب آخرون إلى أنها حرب بيولوجية سرية استهدفت الصين، في الوقت ذاته ربط البعض سبب ظهور كورونا بتناول الصينيين حيوانات مثل الخفافيش والأفاعي وأنواع من الحشرات كوجبات. وأعلنت منظمة الصحة العالمية في 13 مارس الجاري أن فيروس كورونا بات وباء عالمياً، وهذا مصطلح كانت المنظمة تتردد في استخدامه لوصف انتشار الفيروس. وقال رئيس منظمة الصحة العالمية، د. تيدروس أدهانوم غيبريسوس: إن المنظمة ستستخدم هذا المصطلح لسببين رئيسين هما: سرعة تفشي العدوى واتساع نطاقها والقلق الشديد إزاء "قصور النهج الذي تتبعه بعض الدول على مستوى الإرادة السياسية اللازمة للسيطرة على هذا التفشي" للفيروس. ووهان.. تجربة فريدة خاضت الصين سباقاً ضد الزمن لأجل كبح انتشار فيروس "كورونا"، ويبدو أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات في مدينة ووهان مكنتها من إحراز تقدم تدريجي، ومع ذلك دفعت الحكومة إلى مزيد من الخطوات لمواجهة المرض القاتل. وفي ظاهرة تعكس تضامناً اجتماعياً داخل البلاد، أعلنت وسائل إعلام رسمية صينية عن حملة تبرعات جمعت مبلغاً "فلكياً" لمواجهة كورونا. وقالت "جمعية الصين الخيرية": إن إجمالي التبرعات بلغ 10.1 مليارات يوان، أي ما يقترب من مليار ونصف المليار دولار، حتى يوم الجمعة 31 يناير. واستخدمت الصين هذه الأموال في تشييد المستشفيات بمقاطعة خوبي، وإكمال إجراءات الحجر الصحي وإجراء الأبحاث الساعية لتحضير لقاح مضاد للفيروس. وحوَّلت مدينة ووهان مدرسة الحزب الشيوعي الإقليمية وجميع الكليات في المدينة إلى مستشفيات مؤقتة لإضافة نحو 5400 سرير للمرضى المصابين. واضطرت السلطات في بعض الأحيان إلى إرغام مصابين محتملين على دخول المستشفى حتى لا ينقلوا العدوى إلى أشخاص آخرين. ومن بين الإجراءات التي اتخذتها المدينة للحد من انتشار عدوى كورونا، فرض قيود السفر على السكان ومنعهم من الخروج إلا للضرورة القصوى، كما اعتمدت على الروبوتات لتوصيل المنتجات الضرورية للأهالي في منازلهم وفي الفنادق، كما عملت على تخصيص فرق طبية لقياس درجات حرارة السكان وهم داخل منازلهم وذلك باستخدام طائرات من دون طيار "الدرون"، ولحماية عمال النظافة اعتمدت المدينة على شاحنات من دون سائق لجمع القمامات وكنس الشوارع مرتين في اليوم. وفي آخر إجراء لها لمواجهة أي احتمالية لتفشٍ جديد لفيروس كورونا المستجد، أعلنت السلطات الصينية، الثلاثاء، أن جميع العائدين من مدينة ووهان، بؤرة فيروس كورونا، سيتم عزلهم لمدة 14 يوماً، كل في مدينته. ودعت منظمة الصحة العالمية في أكثر من مرة إلى استقاء الدروس من تجربة الصين وتطبيقها على بقية دول العالم من أجل الحد من انتشار المرض. وقال الدكتور غوادين غاليا، ممثل منظمة الصحة العالمية في الصين: إن الصين أظهرت أنه بالإمكان تغيير مسار المرض. بالوضع الطبيعي فإن انتشار مرض كهذا ينمو بشكل كبير ويصل إلى ذروته ومن ثمّ سينخفض بشكل طبيعي بمجرد إصابة جميع الأشخاص المعرّضين للإصابة أو تطور المرض. إلا أن ذلك لم يحدث في الصين لأن عدد الحالات لم يكن طبيعياً، إنه وباء تم القضاء عليه أثناء نموه وتوقف في مساره. يتضح ذلك في المعطيات بحوزتنا، إضافة إلى مراقبتنا للمجتمع بشكل عام. وشدد غاليا أنه درس كبير بأن المسار الطبيعي للمرض لا يكون بالضرورة عالي الذروة يرهق الخدمات الصحية. الدرس في الاحتواء، وهو درس يمكن للدول الأخرى أن تتعلم منه وتتكيف بحسب الظروف. وأضاف ممثل منظمة الصحة العالمية أنه من المهم أن نتوقف لبرهة ونفهم الثمن العالي الذي دفعه سكان ووهان من أجل شراء الوقت لسائر أنحاء الصين ولبقية دول العالم. لكن الاحتواء كان فعّالاً وسمح للصين باحتواء المرض بشكل فعّال، كما أن شكل الوباء والعدد القليل من الحالات التي وجدت في هوبي هما شهادة على نجاح الاحتواء.