شدد د. برنارد هايكل، الأستاذ في جامعة برينستون الأميركية على أن العلاقة السعودية - الأميركية يعززها تاريخ من المصالح المشتركة ومستقبل من التحديات والأمور المتشابهة التي تواجه البلدين في منطقة الشرق الأوسط والعالم، فحتى بعد إنتاج الولاياتالمتحدة للطاقة بقيت أي أخبار عن عدم استقرار إمداد المملكة العربية السعودية للأسواق العالمية بالنفط خبراً سيئاً يؤثر في اليوم التالي مباشرة على الاقتصاد الأميركي، لتصبح العلاقة في السنوات الأخيرة محط اهتمام في مسارات جديدة بعد إطلاق المملكة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رؤية كانت المملكة بحاجتها لرسم خارطة طريق جديدة تتناسب مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية في المملكة والعالم. الدور السعودي في مد الجسور بين المسلمين والأديان الأخرى مثار إعجاب وأشار د. هايكل خلال حديثه ل»الرياض» إلى أن المعضلة التي واجهها الرؤساء الأميركيون مع إيران وواجهتها المملكة بسبب سلوك إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة، دفعت ترمب إلى الالتزام بسياسة الضغط على إيران التي لا يمكن للولايات المتحدة تجنّب أو تجاهل خطرها رغم توجه الأميركيين نحو الرغبة بالتهدئة والابتعاد عن التصعيد، إلا أن التجارب أثبتت أن كلفة الانسحاب من الشرق الأوسط وتجاهل أعداء الولاياتالمتحدة فيه تنتهي بالمزيد من الإنفاق الأميركي والتورط بحروب مستقبلية تكون أشد تأثيراً على اقتصاد أميركا وجيشها. إيران خطر يهدد الولاياتالمتحدة.. واستهداف أذرعها يحد من أخطارها مضيفاً، ليس سراً أن المملكة كانت تأمل في أن يكون عصر أوباما أكثر حزماً مع إيران إلا أن عصر أوباما نفسه أثبت عمق الالتزام الأميركي بأهمية التحالف بين الرياضوواشنطن، فكانت إدارة أوباما - بايدن التي لم تتعامل بحزم مع الحروب التي فرضتها إيران في دول عديدة من المنطقة، الداعم الأول للمملكة وحقها في مواجهة أخطار ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران التي ترغب بزعزعة استقرار الخليج معتبرة أن الحرب على سوق النفط في الخليج هي حرب الولاياتالمتحدة أيضاً وتمس الاستقرار الاقتصادي الأميركي فكان هناك دعم سياسي وعسكري أميركي للمملكة في اليمن لم يعرقله أوباما، وهذا مؤشر على أن التغيرات السياسية في الولاياتالمتحدة لا تحمل تغيير في أساسيات العلاقة السعودية - الأميركية التي لا تعكسها بالضرورة دعاية المرشحين لأنفسهم في الأشهر القليلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية. ويقول د. هايكل: «التغيير الذي يطمح ولي العهد إلى إحداثه يحمل في جوهره رغبة بالابتعاد عن الصراعات، فعلى الرغم من ظروف المنطقة التي تفرض الحروب والصراعات على الدول المستقرة بما في ذلك المملكة وحتى على الولاياتالمتحدة البعيدة عن الشرق الأوسط، نرى ولي العهد ينجح في إنجاز أهداف اقتصادية واجتماعية كبيرة في مقدمتها العمل الجاد على خفض الاعتماد على عائدات النفط والتخلص من عادات قديمة أضرّت بالاقتصاد السعودي، فباتت المملكة تشهد تغييراً جذرياً في هذا الصدد يبدأ بالطموح بتنويع مصادر الدخل وينتهي بإرساء دولة قوية لا مكان للهيمنة الشخصية والإفلات من المسؤوليات فيها، إضافة الى نظام اقتصادي أكثر تنوعاً بات أكثر قدرة على إنتاج فرص العمل التي تحتاج إلى خبرات أكثر تنوعاً وبالتالي استيعاب للمزيد من السعوديين في سوق العمل في آلية ستغير ثقافة الاقتصاد السعودي وإنتاجيته وعلاقته مع العالم على المدى البعيد ونرى نجاح هذه الإنجازات في ظل الظروف المقلقة للشرق الأوسط من خلال النتائج الملموسة والاستجابة العالمية لدور المملكة الأكبر اليوم على المسرح الدولي الاقتصادي والاجتماعي حيث ستكون المملكة من الآن وحتى أشهر قادمة محط الأنظار ونقطة الوصل بين صناع القرار الدوليين في كافة المجالات بسبب اختيارها لتكون البلد المضيف لمجموعة قمة العشرين في نوفمبر 2020، بينما يحدث كل هذا التغيير في بلد حاولت إيران شن حرب على حدوده أملاً بشل اقتصاد المنطقة وزعزعة استقرارها، بينما لم تنجح إيران في أهدافها حتى عبر مغامراتها الخطيرة كالتي رأيناها في الهجوم على المنشآت النفطية السعودية الأمر الذي كلف إيران سلسلة من التبعات المريرة والخسائر التي تدفع طهران اليوم إلى دراسة خطواتها بعد تشديد التعاون الأميركي- السعودي والخليجي في البحر الأحمر ومقتل قاسم سليماني وخنق الاقتصاد الايراني بالمزيد من العقوبات». وبين د. برنارد هايكل أهمية المبادرات التي يطلقها الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي د. محمد العيسى، لمد الجسور مع المسلمين حول العالم ومختلف الطوائف الدينية في الولاياتالمتحدة ودول العالم من خلال مبادرات تعكس اعتدال الاسلام ما يعزز جانباً مهماً في العلاقة السعودية - الأميركية التي كانت إحدى أسسها نابعة عن رغبة أميركية ببناء تحالف إنساني وسياسي متين مع أهم أقطاب العالم الإسلامي. مضيفاً، تحديات التطرّف اليوم التي تتطور وسائلها مع تطور آليات الوصول الى الشباب والتغرير بهم تجعل الكثير من المجتمعات المسلمة تقع ضحية للتطرف والتطرف المضاد الذي ينتشر اليوم في بعض الدول الغربية فيكون المسلمين ضحايا التطرف الأبيض الذي يستهدفهم، ومن هنا تأتي أهمية الدور الذي تقوده المملكة اليوم من خلال حملات رابطة العالم الإسلامي في وقت حساس جداً تحتاج فيه كل المجتمعات إلى فهم المسلمين وتعددية وإيجابية تطلعات المجتمعات المسلمة عبر رسائل ينقلها محمد العيسى نراها تحمي المسلمين حول العالم وتنشر الوعي حول ثقافتهم، الأمر الذي يلقى احترام وإعجاب كبير في الولاياتالمتحدة لا سيما في الكونغرس بحزبيه الجمهوري والديموقراطي الذي يرى في التوجه السعودي التوعوي ومبادرات رابطة العالم الإسلامي مشتركات أكبر يمكن تعزيزها والانطلاق بها لعلاقة أكثر تنوعاً ورسوخاً بين البلدين.