كانت البداية الحقيقية للمسرح في شكله المتقدم مع الحضارة اليونانية التي استطاعت أن تقدم هذا الوعاء الفني الراقي للعالم. وقد كانت أداة المسرح الرئيسة هي الشعر حتى القرن التاسع عشر. وقد تعددت أنواعه بين المأساة أو التراجيديا، الملهاة، والمسرحية الهزلية، والمسلاة (وهي مسرحية قصيرة يغلب عليها الرقص والغناء لشغل الجمهور في أثناء العروض الرئيسية أو قبلها). وقد استمر المسرح في التطور مع ظهور ما يعرف بالمسرح الحديث الذي يعد ثورة على المسرح التقليدي. ولم تكن المملكة بعيدة عن وجود هذا الفن الراقي على الرغم من أن نشأته وتطوره قد شابها العديد من المؤثرات التي أثرت في مسيرته. حيث بدأت العروض المسرحية تقام على المسارح السعودية عام 1950 مثل مسرحية صلاح الدين وعبدالرحمن الداخل، وفي عام 1960 - 1970 تحولت المسرحيات إلى مسرحيات اجتماعية تقدم إلى جميع أفراد المجتمع. وكانت الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون هي الحاضن الرئيس للمسرح السعودي في جميع مناطق المملكة. حيث حافظت على هذا الفن حتى تسنمت وزارة الثقافة السعودية مؤخرا قيادة الفنون والثقافة في المملكة. فقد بلغ عدد المسرحيات التي أقيمت على مسارح المملكة في مختلف المناطق في العام 2018م 273 مسرحية بحسب الإحصائية التي قدمتها الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون. وقد انقسمت العروض الأدائية التي يقدمها المسرح السعودي إلى عدة أقسام منها: المسرح المدرسي، والمسرح الاجتماعي، والمسرح التجريبي. وتعد ليلة 28 يناير من الليالي الفارقة في تاريخ المسرح السعودي فما سيأتي بعدها سيكون حتماً متميزاً عما سبقها. حيث دشنت وزارة الثقافة مبادرة المسرح الوطني في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض، والتي ستعمل على دعم إبداعات المسرحيين السعوديين، وتعزيز إمكاناتهم في الفنون الأدائية، وتطوير المخرجات المسرحية السعودية، وذلك باستلهام رؤية المملكة 2030 للتراث والثقافة المحلية. واشتمل هذا التدشين على عرض لمسرحية "درايش النور" التي تعد أول إنتاجات المسرح الوطني، حيث تعرض على مدى يومين، وهي تروي حكاية المجتمع السعودي في أزمنة مختلفة، من تأليف الشاعر صالح زمانان وإخراج فطيّس بقنة ومن بطولة إبراهيم الحساوي ونايف خلف وعبدالعزيز المبدل وشافي الحارثي وخالد صقر وشجاع نشاط إلى جانب مجموعة من المواهب الشابة. وما من شك أن فرقة المسرح الوطني السعودي ستكون حجر الأساس لازدهار المسرح السعودي وتطور فنون الأداء عن طريق ما ستقدمه من دعم إبداعات المسرحيين وتمكين المواهب حسب رؤية المملكة 2030، وذلك عن طريق المزاوجة الثقافة الشعبية المحلية بأهم المدارس والاتجاهات الفنية المعاصرة. لا سيما أن المسرح يحظى بدعم سمو وزير الثقافة أسوة بغيره من الفنون، وأوكلت مهمة هذه اللجنة إلى فريق من المتخصصين على رأسهم سعادة الأستاذ عبدالعزيز السماعيل رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون.