قال المختص الزراعي والسياحي راضي الحربي: إن التنمية المستدامة هي عملية تطوير الأرض والإنسان، ولو ركزنا على الجزء الخاص بالتنمية الريفية المستدامة والتي هدفها تحسين نوعية الحياة والرفاهية الاقتصادية للأشخاص الذين يعيشون في مناطق بعيدة، حيث تركز على استغلال الأراضي كثيفة الموارد الطبيعية في الزراعة والصناعات اليدوية وغيرهما. وأضاف: الفرص والمقومات الموجودة في الأرياف تعتبر عصب نمو أي اقتصاد، وأهم ما تنتجه هو الغذاء بالإضافة للمواد الخام لكثير من المنتجات المهمة، مؤكداً على أن التنمية المستدامة تحظى بأهمية كبيرة في المملكة منذ بداية مسيرتها التنموية، وصولاً إلى المرحلة الراهنة التي تحمل في طياتها رؤية تنموية طموحة تتمثل في تطوير الخطط التنموية الوطنية (رؤية المملكة 2030) وإدماجها ضمن الخطط العالمية (أهداف التنمية المستدامة)، فرؤية المملكة 2030 وببرامجها التي تصل إلى 13 برنامجاً، مثل برنامج التحول الوطني 2020 وبرنامج التنمية الريفية المستدامة وغيرهما من البرامج أخذت في الاعتبار انسجامها مع أهداف التنمية المستدامة، ومن المفيد أن نتعلم كيف نعمل على خلق تنمية ريفية مستدامة تهدف إلى تطوير الحياة في المناطق الريفية. وأشار الحربي إلى أن هناك تجارب عالمية وإقليمية في ذلك المجال، ومن خلال الاطلاع كان اللافت للنظر التجربة الفيتنامية، وأهم وأنجح التجارب هو البرنامج الذي أطلقته الحكومة في فيتنام العام 2008 ممثلة بوزارة الزراعة والتنمية الريفية تحت مسمى «منتج واحد لمدينة أو قرية واحدة»، ويهدف البرنامج بشكل عام إلى تعزير التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الريفية، من خلال دعم المزارعين وسكان المناطق الريفية وزيادة قيمة منتجاتهم الريفية. كما يركز على تطوير المنتجات الزراعية وغير الزراعية والخدمات القائمة على البرنامج مع الجهات الحكومية القطاع الخاص والتعاوني والمجتمع المحلي. وأشار الحربي إلى أنه تم اختيار إحدى المدن لتجريب المشروع العام 2013، وبعد مضي ثلاث سنوات على تطبيق البرنامج فيها، بلغ إجمالي المبيعات من الجهات المشاركة بالبرنامج OCOP ما يقارب 29 مليون دولار أميركي، أي ثلاثة أضعاف الهدف المحدد للبرنامج بالمدينة، وازداد عدد الأسر ومجموعات الأسر التي تسجّل للالتحاق بالبرنامج ازديادًا ملحوظًا، وتم تشكيل تعاونيات جديدة. وأصبح العديد من المزارعين الصغار أصحاب مشروعات صغيرة ومتوسطة، كذلك عززت هذه التعاونيات العمل الجماعي الذي بدوره حقق التنمية الاقتصادية للمناطق الريفية، وقد أثبتت النتائج أيضًا أن المنتجات الزراعية في فيتنام يمكن قبولها بالأسواق العالمية من خلال السلع النهائية لهذا البرنامج المميز. مبيناً أن نجاح برنامج «قرية واحدة منتج واحد» لتنمية الأرياف الفيتنامية كان خلف نجاحه الكثير من العمل والتنسيق مع مختلف الجهات، حيث سعت وزارة الزراعة والتنمية الريفية، منذ البداية على العمل مع مكتب تنسيق ورابطة مصدري الحرف اليدوية الفيتنامية، وكذلك توقيع اتفاقية تعاون استراتيجي للفترة 2018 - 2020 تشمل الكثير من النقاط المهمة التي ساعدت في هذا المجال، لذلك فإن تطبيق التجربة الفيتنامية «منتج واحد قرية واحدة» وربطها ببرنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة من خلال فروعه الثمانية في القطاعات الواعدة حسب الميز النسبية لكل منطقة، سيعمل على تمكين صغار المنتجين في جميع المجالات المستهدفة وخلق فرص اقتصادية مهمة لهم. ومن خلال اطلاع الحربي على مناطق المملكة، وجد أن بيئة منطقة جازان بمحافظاتها ال16، والتي تشكل الأرياف فيها نسبة عالية، وتعد واحدة من أهم المناطق والبيئات الزراعية على مستوى المملكة، لما تتميز به من خصائص متنوعة، فهي تحتوي على مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة تصل لنحو «240 هكتاراً» وتنقسم إلى ثلاث بيئات متنوعة، البيئة الجبلية والسهول والسواحل، ولكل من هذه البيئات ميزاته ومقوماته عطفاً على المكون البشري متنوع الاهتمامات، والذي مازال أغلبه متمسكاً بالثقافة المحلية المهتمة بالزراعة وممارسة الحرف اليدوية المختلفة، لذلك يمكن أن تطبق فيها التجربة الفيتنامية بنجاح لتكون من هناك الانطلاقة لتطبيق التجربة. التجربة الفيتنامية نجحت في تطوير اقتصاد الريف