خلف شاشة التلفاز، كانوا يخرجون بهالة فنية تتسرب إلى قلوب محبيهم من الجماهير، كانوا جميعاً يملكون القلوب التي وهبوها للناس، لا يطلبون أكثر من محبتهم، البعض منهم عرف بحضوره الكوميدي الذي لطالما وهب الضحك لمن يشاهده «كأبو ضحكة جنان» للفنان الراحل إسماعيل يس، وكذلك فعل صلاح جاهين الذي كتب للبسطاء والفقراء، وهناك من قدم الأغنية العربية بشكلها الأنيق الذي سكن في القلب كما فعلت الفنانة الراحلة «ذكرى» وغيرهم الكثير ممن دخل عالم الفن ليملأ الشاشة بموهبته التي كان يشعر بأنها أثمن ما يملك في الحياة إلا أنها قادته إلى النهايات غير المتوقعه. بتلك النهايات المأساوية أسدل الستار على حياة العديد من الفنانين والشعراء والمطربين والذين عرفوا بصناعة السعادة كصنعة يعيشون بها من أجل الناس لكنها لم تستطع أن تحميهم من السقوط في خيبة التوقعات غير المأمولة على طريق زلق كطريق الفن الذي يلهث خلفه الكثير على الرغم من أنه الطريق الأسهل للانكسار والخيبة والألم، ومن خلال تلك النهايات المأساوية سرد لنا التاريخ للفن العربي العديد من النهايات التي لم تكن أكثر من صدمة مؤلمة للجماهير الذين أحبوا هؤلاء الفنانين فماتت سعاد حسني في ظروف غامضة بعد سقوطها من شرفتها في لندن لتموت بعد محاولات منها للتشبث بحياة تعيد لها جمال «سعاد» التي لطالما عشقته في حين تموت المغنية اللبنانية سوزان تميم بنهاية مأساوية حينما تنحر في رقبتها بسكين تنهي حياتها في شقتها بدبي، وكذلك يحدث للمطربة التونسية ذكرى التي تموت بطلقات نار من مسدس زوجها الذي انتحر في ذات اللحظة، وبذات اللحظات المؤلمة تنتهي حياة فنان الكوميديا المصري يونس شلبي الذي يعاني من خذلان الأصدقاء وجحودهم ومن المرض الذي بسببه لا يجد المال لينفقه على العلاج حتى يموت بوجع الألم والخذلان، وكذلك الفنان اللبناني الياس رزق الذي انتحر برصاصة في رأسه لفرط البؤس الذي شعر به لمشاكل مادية أحاطت به، وعاشت النجمة العالمية داليدا ذات المصير حينما انتحرت بجرعة زائدة من الأقراص المهدئة لفرط الاكتئاب الذي عاشت به بعد أن كتبت رسالة تقول فيها (سامحوني الحياة لم تعد تحتمل). وبرغم تلك النهايات المؤلمة إلا أنها جميعاً تؤكد حقيقة لا مفر منها، وهي أن الفن وصنعة الإبداع لا يمكن له أن يكون خياراً أمثل لحماية صاحبه من الفقر والحاجة والشعور بالأمن العاطفي، فمن اعتاد على أن يقسم بضاعة البهجة والضحك لا يمكن له أن يعول عليها في أن تهبه ذات السعادة حينما تقفل الأبواب أمامه، فيما تتركه أحياناً يواجه جشع وأنانية من حوله بدافع الكره أو ربما الحب، ولذلك تنتهي دائماً حكايات الفنانين بنهاية موجعة لا تنطبق على مسيرة حياتهم التي دفعوها ثمناً لمن ليس له ثمن، في حين لا يتذكر الجمهور من هؤلاء سوى أعمالهم متأسيين على نهايات يقرؤونها لبرهة وينسونها لزمن مديد.. وهكذا هو مصير صانعيا الفن والسعادة، التي تهبهم الشهرة البريق ولكنها بذات الهبة تسرق منهم الحياة فيموتون وهم مازالوا للأسف يتوقون إلى مالا يأتي. الشاعر المصري صلاح جاهين سندريلا الشاشة سعاد حسني والنهاية المؤلمة سوزان تميم التي أحدثت فاجعة قتلها ضجة في الصحف العربية