منذ أن بدأت الحرب في سورية، تلعب تركيا دوراً في اللعبة العسكرية والسياسية، حيث فتحت حدودها لمرور آلاف المقاتلين القادمين من أوروبا الغربية والشرقية وكندا وأستراليا، إضافة إلى المقاتلين القادمين من البلاد العربية، وقدمت لهم التسهيلات العسكرية واللوجستية، وكشفت العديد من التقارير أن أنقرة تشتري النفط من تنظيم "داعش" الإرهابي لتعزيز صموده وإطالة عمره. بخلاف ذلك فإن فضيحة جديدة شهدها مخيم الهول المترامي الأطراف في الحسكة في سورية، حيث إن الهجمات التي شنتها تركيا في الشهر الماضي قد أجبرت أكثر من نصف أفراد تأمين الهول على الانتقال إلى الخطوط الأمامية لصد تقدم العدو، ما جعل مخيم الهول الذي يضم أكثر من 70،000 من أعضاء داعش المشتبه بهم وأسرهم يعاني من انعدام الأمن. ووثقت صحيفة "ذا إنڤستيجيتيڤ چورنال - تي آي چيه" الاستقصائية البريطانية شهادة أيلو - وهي إحدى عضوات وحدات حماية المرأة، وهن مجموعة من المقاتلات في شمال شرق سورية - وبالإضافة إلى ذلك فهي واحدة من مديري المخيم الذي لم يتغير الوضع كثيرًا فيه منذ فترة طويلة. ونقلت الصحيفة في تقرير لها عن إحدى مديرات المخيم أن "الوضع داخل المخيم خطير للغاية"، مشيرة إلى أن "أيلو" حملت هاتفها لترينا صورة ثم استطردت: "لقد قُتل هذان الزوجان العراقيان الأسبوع الماضي أثناء نومهما بمطرقة، حيث أدت الضربة إلى تهشيم جمجمة وخروج مخ السيدة جزئيا، وأصبحت الخيمة وراءهما مغطاة بالدماء"، ثم أضافت: "كان لدى الرجل أفكار ترفضها داعش، وهكذا قُتل هو وزوجته، فهم يريدون قتل كل من ليس لديه عقلية داعش داخل مجتمع المخيم". قالت أيلو أيضاً إنه "توجد نسخة سرية من تنظيم داعش داخل المخيم، وهي قوية للغاية، ويضم القسم الأكبر من المخيم أسراً عراقية وسورية، وفي هذا القسم، يتولى الرجال القيادة، أما في القسم الخاص بالأجانب فالنساء هن من يتولين هذة المهمة". "ليست الجريمة العنيفة داخل المخيم هي المشكلة الوحيدة التي يواجهها مسؤولو المعسكر، فكل يوم يحاول الناس الهرب وفي بعض الأحيان نمسك بهم وفي أحيان أخرى لا نستطيع، ومنذ الأول من يناير من هذا العام، قمنا بالإمساك بست أسر تحاول الهرب"، بحسب كلام أيلو. تقول أيلو: إن البعض ممن يحاولون الفرار يذهبون إلى دير الزور، وأضافت: "يمكننا القول إن قوات سوريا الديموقراطية لا تسيطر بالكامل على ريف دير الزور، فالوضع ليس آمنا فعلا، لأنك إذا سافرت من دير الزور إلى الحسكة، فستكون في خطر التعرض للهجوم من قبل خلايا داعش النائمة، وهذا هو سبب رغبتهم في الذهاب هناك، بسبب الفوضى، وبحيث يمكن لخلايا داعش النائمة هذه أن تقودهم إلى حيث يريدون الذهاب، وهذه الأماكن عادة ما تكون إدلب أو تركيا". بعد مراجعة الهواتف المحمولة المهربة التي عثر عليها أثناء تفتيش للمخيم، وجد مسؤولو قوات سوريا الديموقراطية أن معظم المحتجزين الذين يخططون للفرار كانوا على اتصال مع المهربين الذين كانوا في إدلب. "بالطبع ، فإن إدلب تقع في الغالب تحت سيطرة "حياة تحرير الشام"، المعروفة سابقًا باسم جبهة النصرة - التنظيم السوري لتنظيم القاعدة - والجماعات المدعومة من تركيا" قالت أيلو، وأضافت أنه عندما يتم تحويل الأموال للمحتجزين في مكتب الهول لتحويل الأموال، فدائما ما يتم إرسالها من إدلب. ويقول هشام حامد، وهو صحفي يعيش في إدلب، إنه على علم بالعديد من معتقلي داعش الذين فروا من طريقهم إلى منطقته. وأضاف حامد: "أصبحت إدلب مليئة بالنازحين من مناطق أخرى ومن الجماعات المسلحة المختلفة التي هُزمت، لذلك أصبح من الصعب معرفة المجموعة التي ينتمي إليها شخص ما بالفعل". أكد حامد أن العديد من نساء داعش الهاربات كن ينسقن مع أنصار التوحيد، وهي مجموعة مؤلفة من أعضاء سابقين في جند الأقصى، وهو طرف متطرف داخل جبهة النصرة آنذاك. "إذا جئن إلى هنا لأجل أو مع المقاتلين، فلديهن وضعًا خاصًا، لأنه لا يُسمح لأي رجل بالتحدث معهن أو طرح الأسئلة عليهن، وبالطبع يوجد العديد من أعضاء داعش بينهن". يقول زياد إبراهيم، وهو عضو سابق في الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا: إن حراس الدين - وهي جماعة متطرفة تتألف من أعضاء سابقين في حياة تحرير الشام وداعش - توفر منازل للمحتجزين الهاربين في جميع أنحاء إدلب، وقال: "حراس الدين وحياة تحرير الشام لديهما اتفاق، فكل رجال ونساء داعش الذين يأتون إلى هنا في حماية النصرة، وعادة ما ينضم الرجال إلى حراس الدين". في 27 أكتوبر 2019 ، قُتل أعضاء من حراس الدين في الغارة الأميركية التي استهدفت زعيم داعش أبو بكر البغدادي في شمال إدلب. قال هشام حميد: "تدعي تركيا أنها لا تدعم هذه الجماعة، لكن اسمعوني جيدا: كل الفصائل التي بقيت في إدلب هي ذراع لتركيا وأداة لتنفيذ أوامر تركيا". التقت الصحيفة العديد من النساء اللاتي تم الإمساك بهن من قبل قوات سوريا الديموقراطية (القوات الكردية) بعد فرارهن إلى الشدادي في محافظة الحسكة الجنوبية. وقالت فاطمة - وهي تركية الجنسية -: "أردت أن أذهب إلى تركيا فأعطتني امرأة في إدلب رقم مهربة، تتولى امرأة هربت من هذا المعسكر من قبل ترتيب كل شيء، لا أعرف التفاصيل". قالت باريا مراد - وهي محتجزة شيشانية في داعش - إنها هي أيضاً كانت في طريقها إلى تركيا عندما أسرتها قوات سوريا الديموقراطية. قالت: "في تركيا، يمكنك ارتداء النقاب الكامل، أما في روسيا فهذا ممنوع"، وأضافت أن المرأة التي رتبت رحلتها إلى إدلب هي عضوة سابقة في داعش هربت من معسكر الهول في وقت ما قبل ذلك "لقد عاشت في إدلب منذ عامين على ما أعتقد". "يعرف العالم بأسره ما قامت به تركيا لدعم داعش وأنها ما زالت تدعم الجماعة"، بحسب أيلو "الأمر شديد الوضوح ويبدو أكثر وضوحا بمجرد النظر إلى الأماكن التي يحاول أعضاء داعش الهاربون الذهاب إليها، فهي إما تركيا، أو المناطق السورية التي تحتلها تركيا".