دائما تكون الحكم والأمثال أحد الطرق الناجحة لتوصيل المعلومة أو للتربية وزيادة الوعي حول موضوع معين، وقد اعتادت العرب أن تجعل من أمثلتها بين عنصرين أو عناصر تتصارع ليتضح تأثر أحدها على الآخر وهو ما يسمى بالحبكة والحل النهائي. ولا شك أن للأمثال دورا بارزا في رفع مستوى الوعي والإيجاز في النصح أو الرد، وغالب ما تؤخذ هذه الأمثال من منظور اجتماعي يبنى على حدث، سواء كان واقعيا أو خياليا. بعض الأمثلة يمكن أن يحمل عنصرها السيئ على معان نستشف منها معنى مهما غفل عنه القارئ وصرف نظره إلى العنصر المرموق. أحد هذه الأمثلة: "التفاحة الفاسدة في صندوق التفاح الناضج"، كثيرا ما يستخدم هذا المثل في مجموعة من البشر إن خالطهم فاسد فأفسدهم، وكان يتكرر في مدارسنا هذا المثل وعليه يفصل بين الطلاب في تمييز صريح بحجة "لكي لا يفسد بقية التفاح"، ومن هذه الحجة تكون وصمة فساد سوداء على ناصية الطالب. أما أنا فإني أراه إنسانا متحركا ونشطا ومؤثرا جيدا لأنه استطاع بفرديته أن يؤثر على المجموعة، ولكني متفق تماما أنه أثر بسلبية، كل ما يحتاجه هو إعادة تقويم له... وقياسا على الطالب فالتفاحة الفاسدة لم تفسد صندوق التفاح إلا من كسل وخمول في هذا الصندوق فتزعمت الموقف فكانت المؤثر الوحيد وبقية التفاح لعب دور المتلقي "الفاغر". "تفاحة نشطة"، "فرد نشط" يستطيع أن يؤثر على المجوعة وفق منهجية واختيار للعناصر المؤثرة فيهم، فالغالبية تتلقى والقليل من يؤثر. وقد أشاد عالم المعرفة أحمد العرفج ببركة الشر الذي بداخل التفاحة الفاسدة، فيقول في كتابه "نواصي أبي سفيان العاصي": للشر بركة تتجاوز الحدود... وحتى تقيس هذه البركة، خذ تفاحة فاسدة وضعها مع مئة تفاحة ناضجة، وستكتشف بعد أيام أن هذه الواحدة الفاسدة أفسدت كل التفاح، في حين أن كل الخير الموجود في مئة تفاحة لم يستطع أن يصلح تفاحة واحدة". أخيرا، إن الخير الذي بداخلك إن لم تؤثر به سيؤثر عليه. وما فسد الصندوق إلا لأنه احتكر الخير لنفسه وفغر للتفاحة الفاسدة.