مساء شيّق يترقبه أولو الفكر والعلم والأدب من عام إلى عام، مساء تتلألأ فيه ابتسامات العشاق؛ عشاق رجل الفكر والسياسة، والشعر والإدارة، والفن والفصاحة، والتعليم والإمارة؛ (خالد الفيصل) الذي يطل علينا مساء الأربعاء 8 يناير 2020م راعيًا لحفل الإعلان الثاني والأربعين لجائزة الملك فيصل استمرارًا لمسيرة الفخر؛ فخر الإنسانية على امتداد المكان، واختلاف اللسان، واتساع الزمان. إنها «جائزة الملك فيصل» بسِماتها الراسخة؛ إيمان عميق، وهدف سام، ورسالة واضحة المعالم والأركان، وشعار أصيل؛ دقة، ونزاهة، واتزان، لاحتضان الرسالة التي أطلقها (خالد الفيصل) مختصرة دالّة «خدمة الإسلام وإنسان السلام» لتكون نبراسًا لمؤسسة الملك فيصل الخيرية ولركائزها المساندة، في إطار ما تحظى به من رعاية واحتضان من لدن مليك البلاد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. والمتأمل في مسيرة الجائزة منذ نشأتها عام 1977م يستشعر طُهر النوايا، وعفة الفكر، وشمولية العطاء، تحقيقًا لإرادة رجل السلام؛ «الملك فيصل»؛ طيّب ثراه، الذي سُئل ذات يوم: «كيف ترى المملكة بعد خمسين عامًا؟» فأجاب: «نريد أن تكون المملكة العربية السعودية بعد خمسين عامًا مصدر إشعاع للإنسانية والسلام». نعم، إنه الإشعاع الذي بدأ ينثر ضياءه بالتزامن مع صدور قرار مجلس الأمناء ل «مؤسسة الملك فيصل الخيرية» بإنشاء «جائزة الملك فيصل» لخدمة الإنسانية في المجالات الفكرية والعلمية والعملية، ولتحقيق النفع للإنسان في حاضره ومستقبله، والأخذ بيده للمشاركة في بناء واقع يسوده الوئام والأمان. وهنا يطيب لي قارئي الكريم أن نحلق معًا في فضاءات «جائزة الملك فيصل» التي شرعت في منح جوائزها ابتداءً من عام 1979م في ثلاثة فروع هي: «خدمة الإسلام»؛ و»الدراسات الإسلامية»، و»الأدب العربي» الذي شهد تطورًا عام 2004م ليكون أكثر اتساعًا وشمولية فأصبح مسماه «اللغة العربية والأدب». وفي عام 1981م شهدت الجائزة تطورًا كبيرًا؛ إذ أضيف إليها فرعا الطب والعلوم، الأمر الذي أدى إلى توسيع رقعة الإبداع محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا في خمسة فروع أساسية تمس حياة الإنسان، وقد تم الإعلان عن ذلك في حفل تقليد الجائزة لمستحقيها في الفروع الثلاثة هذا العام، وفي العام التالي 1982م منحت الجائزة في فروعها الخمسة. واستمرت الجائزة في أداء رسالتها من عام إلى عام حتى يومنا هذا، وتخلل ذلك حالات حجب طالت بعض الفروع في بعض الأعوام، ويعود السبب في ذلك إما لعدم وجود أعمال مرشحة لنيل الجائزة، وإما لأن الأعمال المرشحة لم ترق إلى المستوى المأمول وفقًا لرأي لجان الاختيار المختلفة استنادًا لتقارير المحكمين المنتقين بعناية من ذوي الاختصاص في كل فرع من فروع الجائزة. وعودة إلى مشعل الضياء الذي أراده الفيصل؛ رحمه الله، والذي يحمله أبناؤه البررة عبر «مؤسسة الملك فيصل الخيرية»، وهي بمنزلة الأم لهذه الجائزة التي أخذت مكانتها المرموقة اللائقة بما حققته من إنجاز، فبإحصائية سريعة نجد أن إضاءات الجائزة عمَّت كل أرجاء المعمورة، عبر مائتين وخمس وستين شخصية نالت الجائزة؛ بين عالم، وقائد، ومفكر، وأديب، ومؤسسة؛ ولا أقول فقط إنهم ينتمون إلى ثلاث وأربعين دولة، إنما أقول إنهم ينثرون الخير للبشرية جمعاء. وإنني إذ أوثق هذا الإنجاز في ذاكرة الفخر والاعتزاز، لأسجل تهنئتي بحروف من نور لكوكبة جديدة سنتعرف عليها قريبًا، وعلى ماهية الأعمال التي ارتقت بهم لنيل الجائزة، وأهتف بعمق فؤادي: طوبى لمؤسسة الملك فيصل الخيرية، ولجائزة الملك فيصل، ول «حاملي مشعل الضياء».