اقتربت أسواق النفط - بنهاية الأسبوع المنصرم - من إطلاق آخر فصول الحرب التجارية بين قطبي تجارة العالم إن استمر الزعيمان في مواصلة بوادر التهدئة وإغلاق أحد أثقل الملفات على الاقتصاد العالمي، فهذه الحرب شكّلت أحد أهم عوامل التأثير السلبي على أسواق النفط العالمية خلال الفترة الماضية، 21 شهراً تزيد ولا تنقص (إن ألقت الحرب أوزارها) هي المدة التي مثل فيها النزاع التجاري أهم ملامح الأسواق النفطية إلى الآن، هذه الحرب التي انطلقت شرارتها الأولى مطلع أبريل من العام 2018م جاءت بالتزامن واعتزام "بكّين" إطلاق بورصة النفط الصينية وتداول عقود النفط الخام المقوّمة ب "اليوان الصيني"، لذلك فقد ظلت أسواق النفط طوال السنتين الأخيرتين محدودة الفأل بشأن آفاق مستقبل الأسواق؛ نتيجةً لآثار ملف النزاع التجاري الذي أسهم في تباطؤ مؤشرات الطلب العالمي على النفط، والحد من نمو تعافي الاقتصاد العالمي. من المؤكد أن تغيّر مسار أحد أهم عوامل التأثير في أسواق النفط سيسهم في إعادة هيكلة جميع العوامل المؤثرة مرةً أخرى وترتيبها مجدداً حسب القوة والضعف، ومن جانب الأسواق النفطية فإنها كبقية الأسواق ضمن حالة من التوجّس يغالبها تفاؤل فعلي بشأن التوصّل لاتفاق في ملف النزاع التجاري، وإن حدث ذلك فإنه يعني إعادة ترتيب الفرضيات الموضوعة مسبقاً لمسار أسواق النفط، ما يعني تحوّلا في ميزان القوى لصالح عوامل دعم الأسواق؛ بسبب الضعف المتوقع حدوثه في أبرز عوامل الضغط (الحرب التجارية - الإنتاج الصخري الأميركي - الطاقة الإنتاجية القادمة من خارج أوبك) واستناداً إلى ذلك تشير نقاط الاستدلال إلى أن أسواق النفط مقبلة على حالة من الخلل في اتزّان تضاد التأثير بين عوامل الضغط والدعم لصالح التعافي، وهي المساحة التي تتقن فيها OPEC اللعب جيداً من حيث دعم أي خلل لإبقاء أسواق النفط متزّنة، جزْماً أو دونه بقليل يمكن النظر إلى استمرار المعطيات الحالية للأسواق العالمية وعلى وجه التحديد أولى مراحل اتفاق التجارة بين الولاياتالمتحدة الأميركية والصين على أنه نقطة البدء لتعاظم تأثير عوامل الدعم بأسواق النفط، لا سيمّا أنه تم دعم سياسة تقييد الإنتاج لأعضاء OPEC+ ب 500 ألف برميل يومياً كتشديد على المعروض النفطي بالأسواق اعتباراً من يناير المقبل. التوقعات المستقبلية للأسواق النفطية في المدى القصير تصب في صالح الأسواق - شريطة إكمال مراحل الاتفاق التجاري - إلا أن مقدار هذا الدعم لا يمكن التنبؤ بمقداره على سبيل الجزم، لا سيما في المراحل الأولية لبوادر اتفاق ملف التجارة، وبقياس دور عوامل التأثير في الربع الأول من العام المقبل 2020م استناداً على مستجدات الاقتصاد العالمي الحالية، فإنه لم تعد هنالك عوامل ضغط تمثّل مخاوف فعلية للأسواق، بخلاف الطاقة الإنتاجية القادمة للأسواق من خارج OPEC التي ستفقد بطبيعة الحال قوة تأثيرها لعدم تعاضدها وعوامل أخرى في نفس المسار، يقابل ذلك إقرار فعلي برفع معدل تأثير اتفاق OPEC+ بالأسواق النفطية اعتباراً من مطلع العام 2020م . المستويات السعرية المتوقعة لأسواق النفط في الربع الأول من 2020م تختلف عمّا سبق وضعه من نطاقات سعرية متوقعة قبيل إعلان الولاياتالمتحدة والصين وصولهما لاتفاق في ملفهما التجاري، فاستمرار هذا الاتفاق وإكمال بنوده سيجعل أسعار خام الإشارة برنت مهيأة لتجاوز النطاقات السعرية المتوقعة سابقاً عند (61 - 66) دولاراً إلى نطاق سعري أعلى قد يكون بقليل من التحفظ أقرب إلى (65 - 70) دولاراً لحين الوضوح الكامل لمسار عوامل التأثير في الاقتصاد العالمي، وعن أداء أعضاء اتفاق OPEC+ خلال شهر نوفمبر الماضي، فقد أظهرت البيانات تراجعاً في الإنتاج (أي نمو الالتزام) للدول الأعضاء ما بين (أكتوبر - نوفمبر) بمقدار 80 ألف برميل يومياً، وذلك من 25.662 مليون برميل يومياً في أكتوبر إلى 25.582 مليون برميل يومياً في نوفمبر، كما ارتفع معدل الامتثال الأعلى من الحصص الطوعية لذات الفترة بمقدار 19 ألف برميل يومياً وذلك من 789 ألف برميل يومياً في أكتوبر إلى 808 آلاف برميل يومياً في نوفمبر، أما الطاقة الإنتاجية المتسرّبة من الاتفاق للأعضاء فقد شهدت تصاعداً لذات الفترة بمقدار 162 ألف برميل يومياً، وذلك من 667 ألف برميل يومياً في أكتوبر إلى 829 ألف برميل يومياً في نوفمبر وسيتم البدء في قياس الأداء بالتعديلات الطوعية الجديدة مطلع يناير المقبل، عبر احتساب التعديلات البالغة 503 آلاف برميل يومياً موزّعة على الأعضاء، حيث بلغ نصيب أعضاء أوبك من التعديلات الجديدة 372 ألف برميل يومياً والمنتجين الحلفاء الآخرين من خارج المنظمة 131 ألف برميل يومياً.