عكست تداولات أسواق النفط في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر الجاري تواتر عددٍ من عوامل الدعم التي ساعدت خام الإشارة برنت على تحريك المياه الراكدة قليلاً ودعم الأسعار، والخروج من نطاق 58 - 61 دولاراً للبرميل صعوداً نحو مستوى 62 دولاراً لأول مرّة منذ ال27 من شهر سبتمبر الماضي، وعلى الرغم من عدم ذهاب الأسعار بعيداً إلا أن ذلك يعد دعماً لأجواء التفاؤل على وجه العموم، ومن تلك العوامل التي دفعت الأسعار للتحرّك صعوداً الأجواء الإيجابية التي عكسها مسار الملف التجاري (أميركا والصين) وأنباء عن بوادر للتهدئة فيما بين الطرفين يُضاف إلى ذلك تسجيل الإنتاج النفطي الروسي تراجعاً في شهر أكتوبر الماضي بمقدار 171 ألف برميل يومياً عن مستوى إنتاج سابقه سبتمبر، حيث بلغ الإنتاج الروسي في أكتوبر 11.229 مليون برميل يومياً وسبتمبر 11.4 مليون برميل يومياً، فعلى الرغم من عدم ملامسة الإنتاج الروسي لمستوى الإنتاج الطوعي بفارق مقداره 38 ألف برميل يومياً (إنتاج أكتوبر) إلا أنه يعدّ أفضل أداء تسجّله روسيا في الاتفاق منذ بداية العام الجاري 2019م والأقرب لحصّتها الإنتاجية المقررة عند 11.191 مليون برميل يومياً، من العوامل كذلك التي دعمت أجواء التحسّن بالسوق النفطية نمو واردات الصين النفطية في شهر أكتوبر الماضي التي أظهرتها بيانات الجمارك الصينية، وذلك من 10.04 ملايين برميل يومياً في سبتمبر إلى 10.72 ملايين برميل يومياً في أكتوبر. وانطلقت تداولات الأسبوع الجاري في امتدادٍ للنزعة التصاعدية التي اكتساها خام الإشارة برنت في الأسبوع الماضي على الرغم من حدوث بعض التراجعات الطفيفة بداية الأسبوع، ما يميز هذا الأسبوع هو خروج وزراء النفط والطاقة في دول اتفاق OPEC+ والبدء في إرسال إشارات لأسواق النفط العالمية تتضمن أهم ملامح خطّة العمل التي سيتم السير عليها في العام المقبل 2020م خصوصاً بعد شهر مارس القادم، حيث رجّح - في تصريح - وزير النفط العُماني محمد الرمحي استمرار العمل بسياسة الإنتاج الحالية خلال العام القادم 2020م وبنفس المستويات الإنتاجية، كما نفى وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي وجود حالات قلق بشأن نمو الطلب العالمي على النفط، لذلك فإن هذه الإشارات التي تتلقاها الأسواق بلا شكّ مطمئنة ومعززّة لاستقرارها بقية العام الجاري والعام المقبل، عليه فإن خروج OPEC+ بقرار استمرار العمل بسياسة الإنتاج الحالية (وهو المرجّح) في مارس القادم سيضمن بقاء الأسواق النفطية ضمن دائرة الاستقرار الحالية، وبقاء أسعار خام الإشارة برنت يدور حول متوسط سعري عند 60 دولاراً للبرميل، وهو المدى السعري الذي يمثّل الاستقرار في الأسواق العالمية بحسب ما يراه وزير الطاقة الروسي نوفاك وشركة النفط البريطانية BP، وبعموم القول فإن أقوى عوامل التأثير التي وقفت خلف مسار أسواق النفط منذ بداية العام الجاري 2019م ويُتوقع استمرار تأثيرها لنهاية العام وأبعد من ذلك هي اتفاق خفض الإنتاج OPEC+ وتطورات الملف التجاري. وبنهاية الربع الأول من العام الجاري 2019م وجدت البيوت الاستشارية والمصارف الغربية صعوبة كبيرة في توقعات مستقبل أسواق النفط، ومازالت بسبب عدم اليقين من مسارها، فمؤسسة Morgan Stanly المالية خلال شهرين فقط خفّضت توقعاتها لمسار أسعار خام الإشارة برنت من نطاق (75 - 80) دولاراً بداية أبريل الماضي إلى (65 - 70) دولاراً بداية يونيو بفارق 10 دولارات عن النطاق السعري الأدنى لكلا التوقعات، كذلك مصرف Bank of America الذي أصدر توقعاته في يوليو الماضي بنطاق سعري لخام الإشارة برنت عند (60 - 76) دولاراً للبرميل، أي بنطاق تذبذب سعري يبلغ مداه (16) دولاراً، وهو نطاق سعري كبير جداً لا يمكن الأخذ به غالباً، المعطيات الحالية لأسواق النفط تشير إلى استمرار بقاء خام الإشارة برنت ضمن نطاق سعري (59 - 64) دولاراً للبرميل، وذلك إلى نهاية العام الجاري وربما الربع الأول من العام القادم 2020م، ومن المتوقع أن تظلّ التذبذبات السعرية في حدود ال3 دولارات، وذلك نتيجةً لتغيّر مستويات المخزون النفطي الأميركي صعوداً وهبوطاً، بالإضافة إلى حالات التصعيد والتهدئة في ملف النزاع التجاري بين الولاياتالمتحدةوالصين، باستثناء وصول البلدين لاتفاق فعلي ونهائي، وهو أمر مستبعد حالياً في ظلّ التوجهات المقروءة للبلدين خصوصاً الولاياتالمتحدة الأميركية، التوقعات التي تحيط بأسواق النفط متباينة وغير مستقرّة تحمل في غالبها التشاؤم من مستقبل الأسواق، بيدَ أن منظمة OPEC والمنتجين الآخرين الحلفاء من خارجها مازالوا يمتلكون العديد من أدوات الدعم التي ستجنّب الأسواق النفطية أية مضاعفات سلبية عليها، والحفاظ على استقرارها ضمن مساحات مرضية لكلٍ من منتجي الخام ومستهلكيه.