تقترب عوامل التأثير في أسواق النفط للعام المقبل 2020م من إحداث حالة اتزّان تنعكس ببقاء الأسواق العالمية ضمن مناطق مرضية ومقبولة بعيداً عن حالة التشاؤم التي تعتلي خبراء الصناعة النفطية لا سيمّا الخبراء الغربيين، فما تحمله الأسواق من مخاوف تجاه نمو الإمدادات النفطية من خارج OPEC تقابلها توقعات بتباطؤ الإنتاج في أحواض النفط الصخري بالولايات المتحدة الأميركية خلال العام 2020م، وتمديد العمل باتفاق خفض الإنتاج OPEC+، بيدَ أن حالة اتزّان التأثير على أسواق النفط قد تكون عقب نهاية الربع الأول من العام المقبل؛ بسبب ضعف الطلب الموسمي نتيجة الصيانة الدورية التي تخضع لها المصافي الأميركية في الربع الأول، قد تتغير هذه الفرضية لمسار أسواق النفط إن تم الخروج بقرار جديد في اجتماع ديسمبر المقبل ل OPEC+ يقضي بتعميق سياسة خفض الإنتاج المعمول بها حالياً والبالغة 1.2 مليون برميل يومياً، إلا أنها - وفق المعطيات الحالية للأسواق - قد تكون مستبعدة إلى حدٍ ما. وأغلقت تداولات أسواق النفط للأسبوع المنصرم بمستويات سعرية مرتفعة قليلاً، حيث استطاع خام الإشارة برنت ملامسة ال64 دولاراً لأول مرة منذ 24 سبتمبر الماضي، حيث سادت بأوساط الأسواق النفطية أجواء الارتياح تزامناً والتأكيد الروسي بمواصلة التعاون مع المملكة لتحقيق توازن الأسواق العالمية، لا سيما أن روسيا تواجه - في مشوارها ضمن اتفاق OPEC+ - عقبات كبيرة حال الإقدام على إجراء تخفيضات حادّة نتيجةً للظروف المناخية القاسية، كما تواترت الأنباء بأوساط الصناعة النفطية عن وجود نية لأوبك والمنتجين الآخرين من خارجها لتمديد اتفاق خفض الإنتاج لوقت لاحق من العام المقبل 2020م يتجاوز مارس المقبل الذي يعدّ نهاية أجل الاتفاق الأخير بين أعضاء اتفاق OPEC+ ومن الوارد أن يستمر لنهاية العام القادم، وبالقرب من ذلك وردت التحليلات الفنيّة لأداء اتفاق OPEC+ خلال العام الجاري 2019م متباينة، إلا أنها بنهاية الأمر حققت الأهداف المرجوة من الاتفاق، فقد ذهبت بعض التحليلات - لا سيما الغربية منها - إلى القول باستغلال بعض الأعضاء للاتفاق وعدم الالتزام بالحصص الطوعية مقارنة لأكثر الأعضاء التزاماً "المملكة" التي تحملت العبء الأكبر، وبطبيعة الحال لا يمكن الأخذ بهذا القول لأسباب عدّة من أهمها أن مؤشرات أداء جميع الأعضاء في الاتفاق سجّلت نمواً طيلة العام الجاري 2019م، حيث ارتفع حجم التزام الأعضاء ما بين الربعين الأول والثاني من العام بمقدار 1.564 مليون برميل يومياً، وذلك من إجمالي خفض 3.768 ملايين برميل يومياً في الربع الأول إلى 5.322 ملايين برميل يومياً في الربع الثاني، كان نصيب خفض المملكة منه في الربع الأول 1.805 مليون برميل يومياً والربع الثاني 2.654 مليون برميل يومياً، كما ارتفع أداء الأعضاء ما بين الربعين الثاني والثالث بمقدار 1.357 مليون برميل يومياً، وذلك من إجمالي خفض في الربع الثاني عند 5.322 ملايين برميل يومياً إلى 6.689 ملايين برميل يومياً في الربع الثالث، كان نصيب المملكة منه في الربع الثالث 3.832 ملايين برميل يومياً، كذلك من الأسباب التي تفنّد التحليلات السابقة أن معظم فترات العام الجاري 2019م (31 مايو - 22 نوفمبر) هي فترات سعرية متدنية دون ال65 دولاراً للبرميل أي أن المملكة استطاعت إدارة الثروة بفاعلية، وتجنّب عرضها بهذه المستويات السعرية من خلال تراجع مستويات الإنتاج في الشهور الماضية. وعلى الرغم من نشاط عوامل التأثير الثانوية في أسواق النفط إلا أنها لم تُحدث أي تغييرات هيكلية في الأسواق إلى الآن، فتدافع تأثير العوامل الرئيسة كان الأبرز والأوضح في صناعة النفط والأسواق العالمية ككل، فقد كانت عوامل (اتفاق الخفض - الحرب التجارية) صاحبة التأثير الأوضح طيلة العام الجاري 2019م ضمن تدافع لم يتم فيه تغليب أحد على الآخر، لذا من المتوقع أن تستمر أسواق النفط بمستوى أدائها الحالي لنهاية ديسمبر المقبل، فلربما حمَل الربع الأول من العام 2020م الكثير من دلائل التوصيف لبقيته، من خلال دخول عوامل تأثير جديدة إما بالدعم أو الضغط على الأسواق أو تغيّر تأثير بعض العوامل القائمة.