حاز موضوع الحوكمة الرشيدة في الجامعات على الكثير من البحث والاستقصاء على المستوى الأكاديمي لسنوات، واصطبغ موضوع الحوكمة الرشيدة في المؤسسات الجامعية بعدة اتجاهات أخذت في الانتقال من مرحلة إلى أخرى، فمن المفهوم الأساسي للحوكمة والذي يتناول مجموعة من المبادئ والقواعد التي تختص بإدارة المؤسسة الأكاديمية من الداخل، انتقالاً إلى ماهية الضوابط التي يجب وضعها لتحقيق القدر الأكبر من الشفافية والعدالة والمساواة داخل الجسد الإداري الداخلي، فإن مفهوم الحوكمة في الجامعات أخذ ينمو ويتطور باتجاه توجيه أعمال المؤسسة ومراقبة أداءها وفق معايير نزاهة صارمة، تنظمها نظم وقرارات داخلية من أهم مستهدفاتها الوصول بالجودة في المخرجات إلى المستوى الذي يتلاءم مع الأهداف الوطنية الشاملة للتنمية المستدامة. وفي الحوكمة الرشيدة، تسعى المؤسسات الأكاديمية العليا إلى ضمان عدم تخلل الفساد الإداري إلى إدارات الجامعة المختلفة، والتأكيد على أن أخلاقيات المهنة قائمة ومتحققة، مع الحد من الأخطاء في الأداء الإداري، ما يعني وصول المؤسسة إلى صفر تلاعب وتحريف، وضمان تطبيق شامل وكامل لإحكام السيطرة والرقابة على الأداء الداخلي، وتحسين عملية صنع القرار، وتقوية مصداقية الجامعة. ولا يمكن الوصول لمستهدفات الحوكمة في مؤسسات التعليم العالي إلا من خلال ضمان مشاركة كاملة وواسعة في التخطيط واتخاذ القرار، وضمان سيادة أحكام القانون على الجميع، والتأكد من كفاءة العاملين في الحقل الجامعي الإداري والأكاديمي، وأن الرجل المناسب بالفعل قد تم وضعه في المكان المناسب، مع ضرورة توفر آليات قانونية واضحة للمحاسبة والمساءلة. ولا يمكننا الحديث عن الحوكمة الرشيدة من دون الإشارة إلى ضمان مشاركة جميع الأطراف المعنية في صنع القرارات، وضمان حرية تدفق المعلومات داخلياً وخارجياً، والالتزام بحرية الأفراد في التعبير عن الرأي، وتمكينهم من طرح القضايا التي تعن للنقاش، وطرح الاقتراحات والحلول، ومن هنا على القيادة تفهم حقيقة الاختلافات في وجهات النظر بين أعضاء الهيكل الإداري والأكاديمي، وأن تقف على ذات المسافة من الجميع بشكل موضوعي وبعدالة لضمان تحقق توافق حقيقي في التعامل مع المصالح المختلفة للجامعة. وفي ظل الانتقال التكنولوجي الآخذ في التأثير أكثر وأكثر يوماً بعد يوم على جميع مفاصل الحياة الإدارية، يحتاج أمناء مجالس الإدارة في الكليات والجامعات إلى التفكير في كيفية تأثير قضايا مثل التنوع الثقافي في مؤسساتهم، والأجور المدفوعة، وتقييم قضايا الأمن السيبراني، مع الاهتمام بتحسين الحوكمة عن طريق إعادة توجيه تركيزهم إلى الإشراف على المديرين والتخطيط الاستراتيجي، ومعرفة المزيد حول الحوكمة الرشيدة بشكل عام.