خمسة أعوام من الرفعة والشموخ، اتجهت فيها أنظار العالم بأسره إلى الحضور الدولي والتواصل السياسي للمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - حضرت في هذه الأعوام الكثير من المواقف الحكيمة والرؤى السديدة كما وثقت ووقعت أهم المعاهدات والاتفاقيات، وأصبح لها وجود دائم في المحافل الدولية وفي صناعة القرار العربي والعالمي، واليوم ترفل المملكة بثقلها السياسي وبتلك المكانة البارزة والرائدة على المستوى الإقليمي والدولي، وما يؤكد على ذلك هو حرص وسعي الدول على توثيق علاقاتها السياسية مع المملكة، كونها اليوم الوجهة الأولى لاستضافة الأحداث المهمة. شعب وفي عن الحضور والثقل السياسي للمملكة العربية السعودية والجهود التي قادها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - أوضح د. عبدالله العساف - أستاذ الإعلام السياسي - أن الذكرى الخامسة لمبايعة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز تحمل عدة مضامين أبرزها الولاء من الشعب الوفي لقائد مسيرته الوطنية نحو التنمية والبناء، وتأمين كل ما من شأنه تعزيز مكانة بلادنا الغالية بين الأمم، تنميةً واستقراراً، كما تحل والوطن يخطو بثقة نحو مزيد من العلو في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، في ظل الجهود الإصلاحية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله -، مضيفاً أننا في زمن أفضل ما يطلق عليه هو زمن تحول التحالفات السياسية وإعادة رسم خريطة الجغرافيا السياسية في كامل المنطقة، ولهذا أدركت السياسة السعودية أن الخارطة السياسية في العالم لا تسمح بوجود الدول (المنفردة) وأن زمن التغريد منفردا قد ولّى إلى غير رجعه - على الأقل في هذه الحقبة من الزمن -، وإنما الحل هو بالتكتلات السياسية الإقليمية والدولية، ولذا سعت الرياض لترتيب وإعادة تشكيل سياستها الخارجية، ذلك من خلال النشاط الدبلوماسي النشط والزيارات التي قام بها خادم الحرمين الشريفين خلال الفترة السابقة، كما أن الرياض أصبحت وجهة لزيارات متواصلة لزعماء وسياسيين من مختلف أنحاء العالم وإليها تتجه بوصلة السياسة في منطقتنا بغية تأسيس تحالفات ثنائية وإقليمية تمثل عهداً جديداً في السياسة الخارجية السعودية. تنويع الخيارات وأشار د. العساف إلى أن الاستراتيجية السعودية كانت تستهدف تنويع خياراتها الدولية من أجل تحقيق التوازن الإقليمي، وضمن هذا السياق يأتي استنهاض الدور الروسي تجاه أزمات الأمن الإقليمي مطلباً مهماً بالنظر إلى تأثير روسيا على بعض أطراف النزاع في دول الجوار، فضلاً عن الرؤية الروسية لأمن منطقة الخليج والمتمثل في إقرار موسكو بأن السعودية باتت الطرف الأساسي الذي يقود الوجهة العربية والإسلامية في ملفات ساخنة متعددة، لا سيما أمن الطاقة، واستقرار المنطقة، مضيفاً: من خلال تنويع علاقاتها مع مختلف دول العالم في جميع الاتجاهات وتأكيداً على عدم انحياز المملكة لدولة دون سواها ورغبة في الانفتاح السياسي، فالمملكة في هذه المرحلة وكما تسعى لتنويع سلتها الاقتصادية فهي تسعى لتنويع سلتها السياسية، فأصبح الحضور السعودي في المشهد السياسي يلفت إليه الأنظار وقادر على تشكيل تحالفات سياسية وعسكرية ناجحة كعاصفة الحزم مثلا، وفي الجانب السياسي القدرة على إصدار قرار أممي وتشكيل التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، وبمبادرة من خادم الحرمين الشريفين أعلنت الرياض عن اتفاق لتأسيس كيان البحر الأحمر الذي يهدف إلى تعزيز الأمن والاستثمار والتنمية في الدول المشاطئة للبحر الأحمر، وهذا له بعده السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري لجميع الدول السبع المشاركة فيه، ليس هذا فقط بل ويحسب لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - إعادة البوصلة تجاه أفريقيا بعامة من خلال استحداث منصب «وزير الدولة للشؤون الأفريقية»، مستطرداً في حديثة عن تلك الجهود في الشأن السياسي بقوله: ما تشهده المملكة في هذا العهد الزاهر من تحولات وإصلاحات عززت من دورها خليجياً وعربياً وعالمياً، فضلاً عن مسيرة التنمية الشاملة التي تتميز بالحزم والشفافية، ومحاربة الفساد والتطوير، والمضي في تنفيذ رؤية المملكة 2030م التي تنم عن بعد نظر القيادة الرشيدة، واستشرافها للمستقبل وترسيخ الأمن والأمان. صعوبة الحصر وأكد د. العساف أن النجاحات المختلفة التي تحققت في الأعوام القليلة الماضية من الصعب حصرها أو التعبير عنها في كلمات، فإن تحدثنا عن الجانب السياسي سنجد من المواقف الحازمة ما يملأ صدر المواطن طمأنينة تجاه مستقبل بلده، فمن المصالحة الأفغانية إلى المصالحة الإرتيرية - الإثيوبية، وأخيرا وليس آخرا اتفاق الرياض بين الأشقاء في اليمن وانعكاساته الإيجابية على مجريات الأمور في هذا البلد العربي الجار والعزيز على السعودية، مبيناً أن الملك سلمان نجح - إلى جانب الحزم - في إعادة توازن المجتمع بين الثوابت والمصالح، من خلال تفعيل الأنظمة، وتوقيع الاتفاقيات الدولية، ورسم علاقات استراتيجية، حيث لم تقف المملكة عند حدود أو حواجز جغرافية أو دينية أو حتى ثقافية، وإنما تسعى أن تكون ملتقى لكل تلك التقاطعات؛ لتثبت للعالم أنها دولة سلام، وإنسانية، ومنفتحة على الديانات والثقافات الأخرى، والأهم أنها على يقين أن ثقلها الإسلامي وخدمتها للحرمين الشريفين يحتمان عليها أن تمثّل الإسلام خير تمثيل، ذاكراً أن الحزم والعزم مفردتان حاضرتان في المشهد منذ تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم، فالمرحلة تحتاج حزما سياسيا وعسكريا لصد الأطماع التوسعية في المنطقة، وعزما على التحول الوطني اقتصاديا وتقنياً واجتماعياً من مرحلة إلى مرحلة أفضل، وقد تحققت - بفضل الله - الأهداف، فالحزم صنع التحول السياسي الذي جسدته عاصفة الحزم لصد مليشيات العابثين باستقرار المنطقة، وبناء التحالفات العربية والإسلامية لدعم خطواتها والتصدي للحملات الإرهابية المغرضة وأطماع النفوذ الإيراني، بينما العزم كانت باكورة ثماره التحول الاقتصادي المتين العامل الأقوى لضمان الاستقرار السياسي، ورؤية 2030 التي ستجعل المملكة أحد النماذج العالمية اقتصاديا. تنمية شاملة تتميز بالتطوير والحزم والشفافية ومحاربة الفساد.. والمضي في تنفيذ رؤية 2030م صف واحد وذكر د. العساف أن ما تواجهه المملكة من حملات شرسة يحتم علينا نحن المواطنين الوقوف صفاً واحداً لتحصين الجبهة الداخلية، لأن هدف الأعداء الظاهرين والمتخفين هو النيل من قوة استقرارنا وصلابة وحدتنا، سائلاً الله الحافظ الحفيظ أن يحفظ بلادنا من كل من يريد بها شرا، ويديم على ملكنا وولي عهده الأمين موفور الصحة العافية وأن يمدهما بتوفيقه وعنايته لتحقيق ما فيه الخير والنماء للوطن والمواطن، موضحاً أن مثلث الاستقرار الذي صمد في وجه المغرضين والحملات المشبوهة التي تعرضت لها المملكة خلال السنوات الأخيرة مثلث مكين، قائم على ثلاثة مرتكزات، هي قيادة حكيمة، وشعب واع متلاحم ملتف حول قيادته، ورؤية طموحة واضحة لمستقبل واعد، وهذه الركائز هي صمام الأمان لاستقرار المملكة، لذلك نجد أن كل الأحداث التي يقصد بها زعزعة المملكة لا تزيدها إلا قوة وصلابة وتلاحما بين القيادة والشعب. معادلة سعودية وتحدث مبارك آل عاتي - كاتب سياسي - قائلاً: إن المملكة العربية السعودية تمكنت خلال الخمسة أعوام الأخيرة أن تتبوّأ مكانة الصدارة لقيادة العالمين العربي والإسلامي وأصبحت محورا دوليا صانعة للقرار ومنفذة له ومؤثرة في البيئة السياسية والاقتصادية الدولية، مضيفاً أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تولى مقاليد الحكم في وقت كانت المنطقة كلها تشهد تحديات مصيرية جعلت المملكة تحسم أمرها بشكل حازم وفاعل للتصدي لدورها التاريخي، أولا في إيقاف التدخلات الإقليمية الإيرانية والإسرائيلية في الشأن الداخلي للدول العربية، ثانيا في سرعة معالجة الأوضاع السياسية في البلدان العربية ومساعدتها لاستعادة استقرارها، ومن ثم تعافيها مما اعتراها من اختراقات تهدد أمنها واستقرارها وذلك وفق معادلة سعودية حاذقة قائمة على التوازن البناء في إنشاء علاقات تحالف مع القوى الدولية المتعددة مع المحافظة على استدامة وتطوير العلاقات الاستراتيجية القائمة مع الولاياتالمتحدة المبنية على الاحترام المتبادل، مما مكن المملكة من تعديد سلسلة تحالفاتها وتخطيها سياسة الحليف الأوحد مما منحها سرعة التحرك وقوة القرار والاختيار، مبيناً أن الذكرى الخامسة لمبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - تأتي وقد تبوأت المملكة مكانة سياسية قوية جدا ومؤثرة عبر انتهاجها سياسة واضحة قائمة على حماية السيادة والدفاع عن الثوابت ودعم القضايا العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وسعت لحل الملف اليمني وإعادة الشرعية لكامل ترابه عبر نشاط دبلوماسي حازم وناجح أدى إلى توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي اليمني مع استمرار مواصلة العمليات العسكرية والضغط على الميليشيات الإيرانية الحوثية. وأضاف: استمرت المملكة في التصدي لخطط العدو الإيراني الهادفة لزعزعة استقرار الدول العربية ونجحت في تحجيم نفوذ طهران عبر العمل القوي والصادق مع المجتمع الدولي لكبح الأطماع الإيرانية والتنسيق العالي مع الولاياتالمتحدة لفرض العقوبات الأقوى على نظام طهران ومنعه من تطوير برنامجه النووي وخنق اقتصاده وشريانه الذي يغذي من خلالها الميليشيات الإرهابية، وقد أدت تلك العقوبات والنشاط السياسي السعودي الذكي إلى تظاهرات حاشدة غاضبة ضد نظام طهران في كل من لبنان والعراق لتصل التظاهرات إلى عقر دار النظام الإيراني، كما استمرت المملكة في محاربتها الإرهاب والتطرف بكافة صوره وأشكاله عبر مواصلة فرض مقاطعة نظام الحمدين في الدوحة؛ لإجباره على طرد التنظيمات الإرهابية التي يأويها ويمولها. الملك سلمان مُستقبلاً أحد ضيوف المملكة في ذكرى بيعة خادم الحرمين نستذكر روح الوفاء بين القيادة والشعب اتفاق الرياض بين الأشقاء في اليمن انعكس إيجابياً على الوطن العربي