في كل يوم يثبت اقتصاد المملكة أنه أقوى وأكثر تماسكاً، وذلك رغم التذبذب وعدم الاستقرار الحاصل في اقتصاديات الكثير من الدول، سواء التي بالمنطقة، أو بعض دول العالم الأخرى. ويأتي ذلك نتيجة لاتَّباع حكومة المملكة سياسات اقتصادية متوازنة، فقد حقق اقتصادها عدة مؤشرات إيجابية خلال العام المنصرم مصحوبة بتطورات إيجابية بقطاعاته المختلفة، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة نمواً مانسبته 2.4 % وذلك مقابل انكماش نسبته 0.7 في المئة في عام 2017م. وما يلفت الانتباه زيادة الصادرات غير النفطية خلال العام الماضي 2018 بنسبة 22 %، لتبلغ 236 مليار ريال؛ ما يوكد عدم تأثر اقتصاد المملكة بالأزمات المالية الإقليمية والعالمية. وإذا ما قارنا اقتصاد المملكة باقتصاديات بعض الدول سواء في المنطقة، أو خارجها، سنجد أنَّ كفة الميزان تميل لصالح اقتصاد المملكة؛ نسبة لما يشهده من استقرار وأداء مالي ونقدي متوازن. وبمقارنة بسيطة، كمثال، بين الاقتصادين السعودي والتركي، نجد الفرق شاسع، من حيث الأداء الاقتصادي والمؤشرات في القطاعات المختلفة التي تصحبه، والتي تميل كلها لجانب اقتصاد المملكة. بعض الاقتصاديين، الذين يشيرون لأوجه التشابه ما بين اقتصاد المملكة واقتصاد دولتي تركياوإيران تناسوا، أنَّ المملكة بفضل سياساتها النقدية الرشيدة، تبوأت عن جدارة - وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي - المرتبة الخامسة عالمياً من حيث حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي، الذي بلغ بنهاية يوليو 2019 نحو 503.5 مليارات دولار، أي ما يعادل 1.89 تريليون ريال، إضافة لارتفاع الأصول الاحتياطية السعودية بالخارج إلى 1.888 تريليون ريال بنهاية يوليو 2019، مقارنة ب1.879 تريليون ريال في يوليو من العام 2018. ومن أبرز البوادر الإيجابية للمؤشرات النقدية والمصرفية للمملكة في العام الحالي، ارتفاع عرض النقود السنوي في"يوليو2019" بنسبة 3,9 %، ليبلغ نحو 1872 مليار ريال، بجانب نمو الودائع المصرفية بمعدل 3,7 %، لتبلغ نحو 1679 مليار ريال، ما يؤكد نجاح السياسات النقدية والمصرفية لاقتصاد المملكة. على المستويين الإقليمي والعالمي احتلت المملكة مؤخراً، المركز الثالث عربياً في التنافسية العالمية 2019 التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي، وكان الأداء السعودي قد شهد تحسناً ملحوظاً خلال العام الماضي، لتحلّ بالمركز (36) عالمياً. فبينما يحقق اقتصاد المملكة مؤشرات إيجابية في مختلف قطاعاته، نجد أنَّ الاقتصاديين التركي والإيراني يعانيان الأزمة تلو الأخرى، وخلال العام الحالي تراجعت الليرة التركية لأدنى مستوياتها، وتحديداً في منتصف أبريل الماضي منخفضة بنسبة1.2 % إلى 5.75 مقابل الدولار عقب تراجع صافي الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي التركي إلى 27.94 مليار دولار من 29.72 مليار دولار، وذلك خلال نفس الفترة، لتعيد الليرة للأذهان فقدانها نحو 70 في المئة من قيمتها خلال عام 2018م، لتهتز معها ثقة المواطن التركي ويلجأ لخيارات أخرى من العملات الأجنبية. هذا الوضع الصعب لاقتصاد تركيا مصحوباً بتدهور الليرة رفع كلفة المعيشة؛ ليلجأ بعض الأترك للملاذ الآمن المتمثل في اقتناء الذهب؛ بسبب فقدانهم الثقة في الليرة، والأسوأ من ذلك اهتزاز ثقة المستثمر الأجنبي والتي ظلت دائماً السلطات التركية تتباهى بجذبه. لن أذهب بعيداً، حتى لا يقول البعض: إنَّ تراجع الاقتصاد التركي حدث قبل عدة شهور، وللتأكيد بأنه ما يزال يعاني، فخلال الأسبوع الثالث من أكتوبر الجاري، ارتفع الدولار الأميركي مقابل الليرة التركية مجدداً، مدفوعاً بالتوترات الجيوساسية. أما اقتصاد إيران الذي يواجه فرض عقوبات أميركية شديدة منذ مايو 2019 فيمر بأسوأ أحواله، وحالياً على عتبة الإفلاس؛ لأنَّ العقوبات تمس عصب اقتصادها المتمثل في البنك المركزي، صندوق التنمية الوطني، صندوق الثروة السيادية، ليشهد بذلك ناتجها المحلي الإجمالي، انخفاضاً بنسبة 25 % في النمو،أضف لذلك فخلال السنتين الماضيتين فقط فإنَّ 80 % من مصانع وشركات إنتاج الإسفلت تم إغلاقها. هذا بالإضافة إلى تدهور العملة الإيرانية وارتفاع مستويات التضخم بشكل كبير. وبرغم أن اقتصاد إيران يتشابه مع اقتصاد المملكة من حيث توفر البترول والغاز إلا أنَّ سياسات قادة إيران هي التي أثرت وتؤثر بشكلٍ سلبي على اقتصادها حيث إنَّ الكثير من موارد الدولة يتم توجيهها لخلق الاضطرابات في المنطقة بدلاً من تحسين المستوى المعيشي للشعب الإيراني. لذا نقول لمن يتحدثون عن أوجه التشابه، بين اقتصاديات المملكة وتركياوإيران: إنَّ تركياوإيران اللتين تحيط بهما الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من كل جانب، بالمقابل الإنجازات الاقتصادية الرفيعة التي ظلت وما زالت تحققه المملكة اليوم وكل يوم؛ فلغة الأرقام لا يمكن تزييفها. *رئيس مجلس إدارة كي بي إم جي في السعودية