إذا أردت أن تصنع نفسك من جديد وترتقي، فكن مثل الدودة التي تتغذى على الورق بحيث تقرأ كل شيء مكتوب، وحرر نفسك من القراءة في موضوعات معينة، اقرأ في الفلسفة والتاريخ والجغرافيا والسياسة والأدب العالمي والطب والعلوم الطبيعية والاجتماعية، ولاتدع كتابًا إلا وقرأته ولا مقالًا فيه فكرة أو أفكار إلا وتعلمت منه، ولا رواية فيها خيال أو مليئة بالأفكار والمعاني والتنوع إلا وتفاعلت معها وتخيلتها وتعرفت إليها، سترى أنك أشغلت نفسك بشيء مفيد مع ممارسة هوايتك، وسترى أن هذا انعكس عليك في دراستك أو عملك، وأنك قد عالجت نفسك بالقراءة، وأنك لم تعد تفكر في آلام الماضي ولا تقلق من المستقبل، ولم تعد تلوم نفسك وتقسو عليها أو تلوم الناس فيما حدث لك، ولكن اعتبر ما قد حدث لك مقدر ومكتوب، وعليك أن تسلم بذلك، وبعد فترة ستجد أن الجرح الذي بداخلك قد شفي، وأن الشعور تجاه ذلك الإنسان الذي خذلك وجرحك قد مات، وتصبح نفسك أحب إليك عمن سواها، وأنا لم أقصد أن القراءة تجعل القلب قاسيًا، ولكن القراءة تسليه وتعالجه وتعلمه أن هناك حيوات وقصصًا كثيرة، بل إن القراءة تجعل القلب أكثر حساسية وشفافية، وتنير العقل، وتجعلك تفهم الحياة وطرقها، وتراها من عدة زوايا، وتفهم الناس. وهناك قصة عن الكتب، سأل صاحب المكتبة امرأة كبيرة في السن: لماذا تشترين كل هذه الكتب؟! هل هي لأبنائك في الجامعة؟!، فقالت: لا، هذه الكتب لي وأنا أنفق عليها ثلث راتبي، فقال لها: لماذا؟! فقالت: إن صحتي تتحسن عند القراءة، ولا أشعر بالوحدة أبدًا، فالكتاب خير صديق، ويقول الأستاذ عبدالله الغذامي: ميزة القراءة أنها تمنحك إجازة تحلق بك بعيدًا عن الواقع، ثم تعيدك إلى الواقع بعد أن زودتك بوعي أكثر تبصرًا من قبل.