أمضيت الأسبوع الماضي أراجع مع ولدي مواد الاختبار، أريد أن أحكي عن الاستمتاع الذي كنت أشعر به وأنا أراجع معه العلوم والقراءة والرياضيات، باللغة الانجليزية، المنهج أمريكي، الكتب ملونة والورق صقيل ويغري بالقراءة والتصفح، لا يمكن المقارنة بينه وبين الكتب العربية، الأشخاص الذين يدرس أبناءهم في مدارس تعتمد المنهجين العربي والأمريكي يعرفون عن ماذا أتحدث، والذين لا يعرفون أطلب منهم أن يتعرفوا على هذه الكتب، يمكنهم زيارة أي مدرسة تدرس المناهج الأمريكية، ويتفرجوا بأنفسهم على الفرق الهائل بين كتبنا وكتبهم، وسيعرفون أي فقر تعاني منه الكتب عندنا، وأي مأساة يدرس ويتعلم أبناؤنا كل يوم. أتحدث حتى الآن عن الشكل، الطريقة التي تتوزع بها المعلومات في الصفحات، طريقة التنسيق، الجداول، الألوان، كل شيء يوحي أننا من كوكب آخر وأن المسؤولين عن إخراج الكتب لدينا إما أنهم لم يطلعوا على آخر المستجدات في طريقة إخراج الكتب المدرسية، وإما أنهم لا يستطيعون تطبيق ما يعرفون، وفي الحالتين لدينا مشكلة. كل ما سبق عن الشكل، ماذا عن المحتوى، لم أكن أتخيل أنني يمكن أن استمتع وأنا أقرأ كتابا مدرسيا، لكن هذا ما حدث وأنا أقرأ مع ولدي، لماذا ندرس كيفية قياس مساحة الأسطوانة وفيماذا يطبق ذلك في الحياة اليومية، أما كتاب القراءة، الانجليزي، فمهما تحدثت لن أستطيع أن أنقل لكم مدى عذوبة كتاب القراءة في المنهج الأمريكي، المواضيع مكتوبة من قبل أدباء، وكل موضوع يتم كتابة اسم المؤلف في البداية واسم الرسام الذي قام برسم الحكاية، وآخر الموضوع تجد نبذة عن المؤلف والرسام، تتنوع الموضوعات من موضوع أسطوري، حكاية قديمة من تراث الشعوب، أو قصة حديثة، أو موضوع علمي، بشكل يتناسب مع السن والاستيعاب ، لا يقلل من شأن الأطفال وفهمهم، أتذكر في منهج الرابع الابتدائي تعلم ولدي الفرق في الكتابة بين المسرح والرواية والسيرة الذاتية والسيرة ومقال الجريدة، وهذه السنة، كان كتابه يتحدث عن الفرق بين القصة المكتوبة من وجهة نظر من تحدث له القصة، أو من وجهة نظر الراوي والفرق إذا كان الراوي يروي وجهة نظر واحدة أو يروي بلسان حال الجميع.. سؤالي الآن للذين وضعوا منهج القراءة عندنا، لماذا؟ لماذا منهج القراءة عندنا وكأنه كتاب دين آخر، ولماذا يخلو تماما من أسماء كتاب معروفين، لماذا يكتبون هم كتاب القراءة، كتاب القراءة لابد أن يكون ممتعا، أن يكون مكتوبا بصيغة أدبية جميلة تجعل القراءة أمرا محبوبا وجذابا للأطفال، واعتقد أن الجميع يوافقني أنه بهيئته الحالية سببا قويا لتنفير الأطفال من القراءة. أعتقد أن مهمة واضعي المناهج البحث عن القصص الصالحة لضمها في كتاب القراءة للأدباء المعروفين محليا وعربيا، وتقتصر مهمتهم هم على مراجعة هذه القصص نحويا وإملائيا، وجعلها ملائمة للتدريس، فقط، وليس اختراعها وكتابتها، فكل ميسر لما خلق له. الحديث عن مناهجنا يطول، وقد تجاوزت عدد الكلمات في مساحتي.. فإلى لقاء.