رغم أن «نتفليكس» لم تكن يوماً الوحيدة في ساحة البث الترفيهي عبر الإنترنت، إلا أنها لم تواجه خلال السنوات السابقة منافسة حقيقية تهدد عرش سيادتها في هذا السوق واستحواذها على الحصص الأكبر فيه، غير أن معركة عملاق البث الأميركي للحفاظ على عرش سيادته لن تكون سهلة في المستقبل، إذ لم يبق أمامه سوى أيام معدودات قبل أن يلقى تهديداً حقيقياً من شركتي «ديزني» و»أبل» اللتين باتتا جاهزتين لدخول سوق البث الترفيهي، واقتناص ما استطاعتا من حصص «نتفليكس». الواقع المستجد غير السار بالتأكيد بالنسبة ل»نتفلكيس» ترافق مع تسجيل أعمال الشركة أول انخفاض فصلي للمشتركين في الولاياتالمتحدة منذ عام 2011، إذ فقدت 130,000 مشترك في الولاياتالمتحدة خلال الربع الثاني من العام الجاري، وانخفض قيمة سهمها أكثر من 31 % من أعلى مستوى له على الإطلاق والبالغ 423.21 دولاراً. ووفقاً لتوقع الخبراء فإن السنوات الخمس إلى الست القادمة ستكون الأصعب على «نتفليكس»، إذ من المرجح أن تستحوذ ديزني على 13 مليوناً مشتركاً بحلول نهاية عام 2020، وأن يرتفع الرقم إلى أكثر من 130 مليوناً مشتركاً حول العالم بحلول عام 2024، أما خدمة Apple TV + فيعتقد المحللون أنها ستستحوذ على نحو 100 مليون مشترك في ثلاث إلى خمس سنوات. إزاء هذه الأرقام الكبيرة من المشتركين المتوقعة لمنافسي «نتفليكس» المرتقبين، وتراجع أعداد مشتركيها وانخفاض قيمة السوقية لأسهمها، يبدو أن عملاق البث الأميركي اختار سياسة «الهجوم أفضل وسيلة للدفاع» للمحافظة على عرش سيادته للسوق البث الترفيهي عبر الإنترنت، وذلك عبر رصد ميزانية أكبر لإنتاج محتوى أصلي أكبر خاص بمشتركيه، ولاسيما أنه سبق أن اختبر تأثير المحتوى الاأصلي في زيادة الاشتراكات الجديدة لمنصته، أو عودة مشتركيها السابقين ممن غادروها، وفي هذا السياق يحصي «دوغلاس ميتشلسون» محلل أبحاث الأسهم في «بنك كريدي سويس» 71 مسلسل دراما باللغة الإنجليزية، و62 آخرين غير إنجليزي، إضافة إلى 32 كوميدياً ، و108 أفلام قيد التطوير والإعداد ضمن مشروعات «نتفليكس» المقبلة. بالإضافة إلى إنتاج محتو أصلي، تواصل «نتفليكس» توسعها الأفقي في بلدان العالم، وكلنا نعرف، على سبيل المثال، كيف بدأت المنصة الأميركية تغازل جمهور الشرق الأوسط بمحتوى أصلي خاص به لزيادة عدد مشتركيها منهم. أما خطوة «نتفليكس» الثالثة للمحافظة على تسيدها السوق، فتتمثل بمواصلة العمل لانتزاع الاعتراف النقدي بإنتاجاتها، وتكرار النجاح التاريخي لفيلمها «روما» بتصدر أفلامها الجديدة ترشيحات وجوائز المهرجانات العالمية، وفي مقدمتها جوائز الأوسكار، بالشكل الذي سيشجع عدداً أكبر للاشتراك في خدمتها. لا يمكن النظر إلى إجراءات «نتفليكس» هذه بوصفها مرحلية، وإنما تعبير عن شكل المنافسة المقبلة بين شركات البث الترفيهي، والتي غالباً ستنحصر بمستوى الإنتاج الأصلي لكل منها، مع تأثير طفيف لرسوم خدمة الاشتراك لكل منها.