دُعي أكثر من سبعة ملايين ناخب في تونس لانتخاب برلمان جديد «الأحد» ستكون تشكيلته مفتوحة بعد ثلاثة أسابيع من الانتخابات الرئاسية التي فاجأت بوصول منافسين من خارج النظام الحاكم إلى الدورة الثانية. ويتنافس في الانتخابات النيابية الثانية منذ إقرار الدستور في 2014 حوالى 15 ألف مرشح على 217 مقعدا في البرلمان من أحزاب وائتلافات ومستقلين متنوعين ومن اتجاهات سياسية عديدة. يقدر مراقبون أن يكون المشهد السياسي القادم في البلاد مشتتا بتركيبة برلمانية بكتل صغيرة ما من شأنه أن يعقد عملية التوافق حول تشكيلة الحكومة القادمة وذلك استنادا إلى نتائج الدورة الرئاسية الأولى التي أفرزت مرشحين غير متوقعين هما أستاذ القانون قيس سعيّد، ونبيل القروي رجل الأعمال الموقوف بتهم غسل أموال وتهرب ضريبي. لم تكن الحملات الانتخابية النيابية لافتة بل كانت باهتة أحيانا وذلك بسبب تغيير روزنامة الانتخابات بتقديم موعد الرئاسية على التشريعية بسبب وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي، بالإضافة إلى «صدمة» الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية. ويقول المحامي غازي مرابط المرشح عن جمعية «عيش تونسي» إن «غالبية الأشخاص لا يعيرون اهتماما بالانتخابات التشريعية». كما كان لاستمرار سجن القروي ورفض مطالب الإفراج عنه منذ توقيفه في 23 أغسطس الفائت تأثير على المشهد الانتخابي وتصدرت قضيته الجدل السياسي خلال الأيام السابقة. نظم التلفزيون الحكومي ثلاث مناظرات تلفزيونية لمرشحين للانتخابات التشريعية، إلا أنها لم تلق نجاحا ومتابعة من قبل التونسيين كما كان عليه الحال في الدورة الرئاسية الأولى. تعد الانتخابات الحالية مفصلية في تاريخ البلاد التي تمر بأزمات اقتصادية واجتماعية خانقة منذ ثورة 2011. وأظهرت توجهات التصويت للدورة الرئاسية الأولى أن الناخبين التونسيين اختاروا اللجوء إلى «تصويت العقاب» ضد رموز المنظومة الحاكمة التي عجزت عن إيجاد حلول اقتصادية واجتماعية وخاصة في ما يتعلق بالبطالة وارتفاع الأسعار والتضخم. ويدخل الانتخابات متنافسون جدد إلى جانب الأحزاب، على غرار المستقلين الذي يمثلون ثلثي القائمات المشاركة ومن المنتظر أن يحدثوا مفاجأة وأن يحصلوا على عدد مهم من المقاعد. وأثار ظهورهم بقوة تخوفا من بعض الأحزاب، فقد دعا رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى عدم التصويت لهم، معتبرا أن «التصويت للمستقلين تصويت للفوضى». ومن جانبه تمكن حزب «قلب تونس» لمؤسسه نبيل القروي من تكوين قاعدة شعبية مهمّة وذلك من خلال حملات التبرع والزيارات الميدانية التي كان يقوم بها القروي للمناطق الداخلية منذ ثلاث سنوات ووزع خلالها مساعدات وسد فراغا تركته السلطات في هذه المناطق المهمشة، وتشير بعض استطلاعات الرأي غير الرسمية إلى أن «قلب تونس» سيتمكن من نيل المرتبة الأولى أو الثانية، إذ أن حملة «قلب تونس» تستفيد من تلفزيون «نسمة» الذي أسسه نبيل القروي وكان يبث برنامج «خليل تونس» للزيارات الميدانية التي كان يقوم بها القروي. ومنافسه في الدورة الرئاسية الثانية قيس سعيّد، إذ أعلنت عدد من الأحزاب والشخصيات السياسية دعمه في الدورة الثانية، منها حركة «النهضة» التي دعت قواعدها لانتخاب سعيّد وقالت إن فوزه بالانتخابات الرئاسية سيذلل الصعوبات مستقبلا. وأكد حزب «قلب تونس» في المقابل أنه لن يخوض أي توافقات وتحالفات مع حزب النهضة واتهمه «بالوقوف وراء سجن القروي» وأنه المستفيد من ذلك.