أكد باحثون سياسيون دوليون على أنّ لقاء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في برنامج (60 دقيقة) عبر قناة CBS الأميركية كشف عن دوره القيادي الرائد على مستوى العالم، ليرسل رسالة بأن القائد من يبحث عن السلام وهو يملك القوة، ليضع الجميع بكل وضوح وشفافية وإجابات اعتمدت على الحقائق والبراهين لردع إيران وإلا التصعيد قادم. خيبة الأعداء وقال الباحث السياسي البرلماني العراقي السابق د. عمر عبدالستار ل"الرياض" إن العالم شرقاً وغرباً خصوماً وحلفاء انتظروا لقاء ولي العهد السعودي مع القناة الأميركية، وعلى كافة أنحاء العالم سهر بعضهم للصباح لمتابعة البرنامج، منهم من ترجم، ومنهم من نشر على وسائل التواصل ومنهم من حلل ذلك ومنهم قنوات فضائية معادية للمملكة أصيبت بالخيبة من شفافية ولي العهد السعودي، حيث انتظروا ولي العهد ليسمعوا منه عن هجوم أرامكو، بعد "16" يوماً، وعن قضية جمال خاشقجي، وكلا القضيتين كانتا باباً دخل منه الأعداء لاستهداف المملكة، حيث كانت خيبتهم حين طالب من يملك دليلاً على إدانته في قضية خاشقجي أن يعلن عنه. استهداف أرامكو وأوضح أنّ اللقاء وضع النقاط على الحروف فيما يخص مقتل الصحفي السعودي والهجوم على منشآت المملكة النفطية وردع إيران، فعرف الناس أن الجريمة والهجوم لم تعطل قدرة المملكة في المساهمة باستقرار الاقتصاد العالمي، مؤكداً على أن إيران يجب أن تُحاسب على هجوم أرامكو، وإلا فإن تداعيات عدم ردع إيران ستكون كارثية على العالم. وشدد ولي العهد في حديثه عن تداعيات الهجوم على أرامكو بأنه لا يأمل برد عسكري على إيران، رغم أن ما قامت به إيران هو عمل حربي استهدف المملكة والنظام الاقتصادي العالمي، لكنه أجاب بحزم بأن عدم وجود موقف دولي حازم ورادع لإيران فإن المصالح الدولية ستكون في خبر كان، وأن سعر النفط سيرتفع لمستوى خيالي لم يشهده الناس من قبل، كما أكد ولي العهد أن أي حرب قد تندلع بين السعودية وإيران قد تؤدي لانهيار الاقتصاد العالمي، لأن 30 % من طاقة العالم، و20 % من طرق تجارته، و4 % من إنتاج العالم الإجمالي سيتوقف، لذلك يبين للعالم بأن إيران هي المشكلة، وأن المملكة هي الحل، وأن إيران تريد جر المملكة لحرب حتى يقول العالم إن هناك مشكلتان وليست مشكلة واحدة، فتتساوى المملكة وإيران، وهذا لم يحصل أمس ولن يحصل غداً ولا بعد غد. حماية الحقوق ولفت د. عبدالستار إلى أنّ ولي العهد أّكد على أن المملكة توفر كافة الحقوق لمواطنيها، خاصة حيال حديث مذيعة القناة عن اعتقال 12 ناشطة سعودية لمدة عام، مبيناً أنّ هذا التصور يؤلمه وأنّها نظرة من زاوية ضيقة، ولو جاء الناس للمملكة والتقوا المواطنين والنساء كان أفضل ويساعد في اتخاذ قرار منصف، فالتطور بطيء لكنه مستمر، منوهاً في حديثه بأن المملكة مستمرة، والقانون يطبق على الجميع مع مراعاة كافة الحقوق. التهاون مع إيران بدوره أكد الخبير الاستراتيجي السوري أستاذ القانون الدولي ورئيس التيار العربي المعارض د. محمد خالد الشاكر على أنّ شفافية وصراحة ولي العهد السعودي في توجيه حديثه للعالم بعدم التهاون مع الممارسات الإيرانية التي أصبحت لا تهدد المملكة وحسب، بل تهدد أمن واستقرار النظام العالمي، فهذه قراءة انطلق منها ولي العهد من حقيقة مؤداها توصيفاً يختزل سيرورة السياسة الإيرانية وممارساتها التقليدية في المنطقة، فإيران دورها كدولة مقلقة ليس في محيطها وحسب، بل على صعيد تهديدها للنظام الدولي، انطلاقاً من شموليتها في شكل النظام السياسي الذي يقوم على دولة ثيوقراطية خارج بنية النظام الدولي. الحماقة الإيرانية وأضاف: "وضع سمو ولي العهد هذه الحقيقة العلمية أمام استحقاقات المرحلة إقليمياً و دولياً، محذراً بقوله: (إذا لم يتخذ العالم عملاً قوياً وصارماً ضد إيران سنرى المزيد من التصعيدات التي تهدد مصالح العالم التي ستلقي بتداعياتها على أمن الطاقة في العالم) بسبب ما أسماه سمو ولي العهد ب(الحماقة الإيرانية) التي تفتقر إلى أي هدف استراتيجي، ويدلل ولي العهد على حديثه بالحقائق والأرقام، فالاستهداف الإيراني الأخير يهدد 5 % من إمدادات العالم، وبالتالي انطلق ولي العهد في اللقاء من خلال معرفته التامة بتداعيات السياسيات الإيرانية، التي اعتبرها انهياراً ليس لاقتصاد المملكة وحسب، بل انهياراً للاقتصاد العالمي أجمع، مقدماً مجموعة من الأرقام والإحصائيات التي تخللت حديثه أبرزها أن المنطقة تشكل 30 % من إمدادات الطاقة في العالم، و20 % من المعابر التجارية العالمية، و4 % من الناتج القومي العالمي". الخيارات المطروحة وأشار إلى أنّ ولي العهد لم يتورع بشجاعته المعهودة في الطرح والممارسة عندما أكد في أحد إجاباته بأن الخيارات أصبحت جميعها مفتوحة إذا لم يتخذ العالم موقفاً حازماً ورادعاً ضد إيران، بالمقابل أعطى ولي العهد أولوية للخيار الدبلوماسي، متمنياً أن لا يحدث الخيار العسكري، وقد ظهر ذلك في سياق متصل ومتزن أبداه سمو الأمير في حديثه عندما أشار لمواقف الرئيس الأميركي ترامب الذي دعا إيران إلى الجلوس للحوار أكثر من مرة، لكن إيران كانت في كل مرة تلجأ لسياسات التصعيد والإقلاق والهروب من طاولة المفاوضات. ونوّه بأن من هذه النقطة وضع سمو ولي العهد يده على الجرح، مختصراً معرفته الكاملة لبنية النظام الإيراني وسياسته التقليدية التي تتركز على التصعيد والإقلاق، آخذاً دور إيران في حرب اليمن دليلاً على ذلك، حيث تدعم إيران ميليشيا الحوثي الخارجة عن الشرعية بتوصيف المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي. سياسات المملكة وبيّن الشاكر أنّ سمو ولي العهد قدم اختصاراً لسياسة المملكة وقدرتها على خياري الدبلوماسية والقوة، وكأنه يريد أن يقول للعالم بأن لجوء المملكة إلى أحد هذين الخيارين هو خيار من أجل السلام، وفي هذا الخصوص يؤكد على دوره كقائد من خلال دعوته للتفاؤل بصناعة ما هو أفضل، وبالتالي يفتح ولي العهد رؤية لاستحقاقات المرحلة بأن دور القائد هي صناعة السلام وليس صناعة الحرب، وأن سمو ولي العهد ينطلق من قراءة متعمقة وواعية للتحولات الطارئة على بنية النظام الدولي التي أصبحت تقوم على تحقيق الرفاهية للمواطن، والتنمية المستدامة للوطن، وهي رؤية تصب في قلب التحديات الجديدة في السياسة الدولية، التي أصبحت تولي الأهمية للعوامل الاقتصادية والتنموية على حساب الصراعات الإيديولوجية في إطار العلاقات الدولية، ومن أجل مواجهة هذه الحقيقة يؤكد سمو ولي العهد على النهج التقليدي للدبلوماسية السعودية التي عملت وتعمل على حل المشكلات الدولية والإقليمية من خلال الحلول السياسية، التي رأى فيها دفعاً لعدم وقوع المنطقة في الحل العسكري، الذي تعمل عليه وتريده إيران، كدولة تتأسس على صناعة الفوضى وتصديرها في محيطها العربي، ما يهدد استقرار المنطقة والاقتصاد العالمي برمته. حقوق المرأة وأضاف حيال حقوق المرأة في المملكة أظهرت المقابلة اعترافاً من قبل المحاورة بالتغيرات الإيجابية التي كان خلفها سمو ولي العهد، حيث تحدثت الصحفية عن هذه التغيرات بقولها "إن المرأة السعودية حصلت على المزيد من الحقوق بشكل عام"، أما ما يتعلق ببعض الحالات التي تم السؤال عنها، فقد أكد سمو ولي العهد أن المملكة دولة تحكمها القوانين ويجب احترام هذه القوانين، مبدياً في ذلك ثقافة قانونية واضحة عندما أشار إلى ضرورة احترام القوانين، كما إشارته إلى طبيعة النصوص القانونية التي يمكن إصلاحها تماماً كما يحدث في جميع قوانين دول العالم، فالقوانين جاءت لتطبق في زمان ومكان معينين، وبالتالي فإن إصلاحها مرهون بالتغيرات التي تقتضي معها الإصلاح، وهذه من صلب الطبيعة المرنة للقوانين الوضعية". قضية خاشقجي وتابع: "أما بالنسبة لقضية خاشقجي أظهر ولي العهد شفافية ومرونة، موضحاً بأن هذه جريمة بشعة، وقعت من سعوديين يعملون في الحكومة السعودية بحق سعودي، وبالتالي أرسل سمو ولي العهد رسائله في هذه العبارة إلى كل من حاول تسيس القضية للنيل من المملكة وموقعها كقوة مركزية في المنطقة، وتأكيد سموه على توصيف الجريمة كجريمة جنائية من اختصاص القضاء السعودي وحده، كونها وقعت على أرض سعودية ومن قبل أشخاص سعوديين -حسب فقه القانون الدولي المختص بالبعثات الدبلوماسية-، وبالتالي فإن جميع أركان الجريمة يعود التحقيق بشأنها لقوانين المملكة وإشراف القيادة السعودية". وشدد الشاكر على أنّ شفافية ولي العهد ومسؤوليته كقائد للحث على كشف ملابسات الجريمة، حيث تنحصر مسؤولية القيادة بالتقصي ودراسة التقارير المقدمة حول الجريمة، مؤكداً أنه متى ثبتت التهمة على أي شخص بغض النظر عن منصبه فسوف يحال للحكمة بدون أي استثناء، وفي ذلك طالب سمو ولي أي جهة لديها معلومات غير تلك التي أعلنتها المملكة أن تخرجها إلى العلن. د. عمر عبدالستار د. محمد خالد الشاكر