البحث عن سبل العيش بسلام توجه فطري إنساني موضوعي ومنطقي كذلك، غير أن الحظ لا يحالفه في غالب الأحيان لاسيما وأن إفراز الأحاسيس ذات المنشأ الشيطاني تكون حاضرة ولا تلبث أن تحاصر المنطقة الخصبة والخيرة في القلب، الخيط الدقيق بين الخير والشر يفصل في سلامة التفريق بهذا الصدد بين ما هو حق وباطل لذا بات ترشيد العواطف أمراً حتمياً، في حين أن الكل يشحذون السلامة بمفهومها الشمولي الرائع في الروح والعقل والبدن. السيطرة على الميول معضلة، فالقلوب تهوى والعواطف تجنح تارة، وتنجح في التسلق لتحرج العقول، إلى ذلك فإن حفظ التوازن حري بالتحقيق فبه خالق الكون كفل الكون بحفظه وأتاح للإنسان الحرية في الاختيار بين ظلم وعدل، بين خطيئة وفضيلة، ومازال الجانب المضيء في القلب معياراً للفطرة السليمة، الاحترام المتبادل حق مكتسب للجميع فمن خلاله تصفو النفوس، وتأتلف المشاعر كنسق تفاعلي خلاق يؤسس لتواصل مثمر بناء، الحضارة بمفهومها الشامل لا تعني فقط الجانب التقني بكل مكوناته بقدر ما تمثل تقارباً للرؤى والأفكار، وبلورتها في سياق تحديد المعالم المرتبطة بحفظ كيان المرء وحفظ اعتباره، فيما يظل الترابط الإنساني محوراً رئيساً في سياق العلاقات، فالإنسان خُلِقَ في هذه الأرض ليعمرها، وجاءت الأديان السماوية لتنير الطريق وتهذب النفوس الملهمة بالخير، فبرزت القيم النبيلة وباتت نبراساً ومسلكاً للخيِّرين تشحذ الخير في النفوس المؤمنة بأن للخير حساباً وللشر كذلك، في يقين ثابت بأن الإنصاف سيفرض نفسه على مستحقيه، وأن خالق الكون جَلَّ في علاه حرَّم الظلم على نفسه، ومن باب أولى حرمه على عباده، تعزيز قيمة الإنسان بنبذ الاحتقار واحترام كرامته من دون تمييز مقيت أو استعلاء تعيس يوجب الألفة ويغرس الصداقة لتثمر علاقات ملؤها الاحترام والتقدير، وتعاون يترجمه الإخلاص لينعم الضمير بالرضاء ويحرر الذات من النقد، وحين تقع الملمات في أي جزء من هذه المعمورة تجد العاطفة الخيِّرة والنبل في المشاعر متجسداً في سرعة مد يد العون والمساعدة لهذا البلد أو ذاك، هذا الشعور النبيل يسمو بالمشاعر نحو آفاق الفكر السليم والقلب الطيب النقي، ليسطر التاريخ ألواناً مشرقةً لمن حرصوا على إعمار الأرض لا دمارها، إسعاد الإنسان لا تعاسته، يتعلق الإنسان دوماً بآفاق الأمل والتفاؤل في العيش الكريم في سلام دائم ووئام، وعلاقات يظللها الإنسجام، إن مشهد أطفال يلعبون في الهواء الطلق في ظل الحماية وحسن الرعاية، وشيخ يبتسم وامرأة تشعر بالأمان جدير بالاعتبار، فهل حان الوقت للضمائر أن تستريح من عناء النقد والتأنيب بتحقيق السلام؟